بقلم - عبد المعطى أحمد
من ضمن إفرازات 25 يناير انتشار الشائعات بطريقة مرضية ومرعبة، وساعد على ذلك الانتشار وسائل التواصل الاجتماعى وماشابهها، ولم تقتصر الشائعات على مجرد ترديد أخبار كاذبة فقط، وإنما أصبحت تستخدم فى ضرب الاقتصاد الوطني، وتشويه صورة المجتمع داخليا وخارجيا,واغتيال شخصيات ورموز فكرية وسياسية معنويا بشكل غير مسبوق. وفى مجتمع مثل المجتمع المصرى من أسهل ما يمكن انتشار الشائعة خاصة بين الأميين وغير المثقفين الذين يعتمدون على القيل والقال,وليس البحث والدراسة والاطلاع، ولكن هذا لايمنع أن نجد شخصا مثقفا ولديه إمكانات تقصى الحقائق ورغم ذلك يتعامل مع الشائعة على أنها حقيقة لأنها تحقق له مصلحة ما أو رغبة فيتنازل عن الموضوعية من أجل تحقيق تلك المصلحة.
لجنة برلمانية كشفت فى دراسة لها عن أن المجتمع المصرى تعرض خلال شهرى سبتمبر وأكتوبر عام 2017 إلى 53ألف شائعة، وأن 70%من هذه الشائعات ظهرت عبر مايسمى وسائل التواصل الاجتماعي, وأن 30%من هذه الشائعات تعاملت معها بعض الصحف والمواقع الإخبارية على أنها حقائق وقامت بنقلها.وهذا يعنى ببساطة أننا نعيش حالة من السيولة المعلوماتية ومحاولة تشويه الوعى والذاكرة، وأن هناك خطرا حقيقيا تتعرض له وسائل الإعلام ومن يتابعها أيضا.
ولاشك أن غياب المعلومات فى بعض المواقف وعدم تقديم المصادر للمعلومة فى الوقت المناسب وراء انتشار الشائعات، وهذه مشكلة يجب معالجتها بتشريع واضح ينظم الحصول على المعلومة وتقديمها,ويحدد كذلك ضوابط النشر والإذاعة,فأين قانون المعلومات الذى سمعنا وقرأنا عنه كثيرا ومازال غائبا وحبيس الأدراج بمجلس النواب؟
إن الوقاية من الشائعة كذلك تكون فى توفير المعلومة الصحيحة، ومن أهل الخبرة والاختصاص, وإن ترك الناس للشائعات دون الرجوع إلى أهل العلم والدراسة والخبرة والمسئولية فيه الكثير من اللامبالاة، وفيه الكثير من إتاحة الفرص للشائعة كى تنتشر وتعم!.
إن الصحفى أو الإعلامى المعد إعدادا جيدا والمتدرب تدريبا سليما والذى يمتلك اللباقة والثقافة والكفاءة المهنية والمصداقية عند الناس هو الذى يجب أن يتصدى لأى شائعة فور حدوثها, فيسأل أهل العلم, ويقرأ الكتب, ويقابل الناس,ويدرس اهتماماتهم، ومستوياتهم,وبالتالى يقدم عملا مدروسا مقنعا معززا بالصوت والصورة وحديث أهل الخبرة من السياسيين أو الاختصاصيين، ويطرح كل الأسئلة التى فى الأذهان، أو يغطى كل جوانب الحدث، أو الشخصية مصدر الشائعة، ولا يكتفى بالأمور التقليدية، بل يحاول أن يخلص المجتمع من الشائعات وشرورها,ومثل هذا الشخص يجب ألا يعمل وحده,بل يجب أن يكون ضمن فريق عمل متخصص من ذوى الاحتراف المهنى حتى يخرج العمل الذى يناقش شائعة ما ويتناولها بالتحليل والعرض متكاملا من كل النواحى الفنية والإبداعية.
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع