توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قراءة فى عقل إرهابى لحظة التفجير

  مصر اليوم -

قراءة فى عقل إرهابى لحظة التفجير

بقلم : خالد منتصر

لحظة أن ضغط إرهابى الدرب الأحمر على زر التفجير، وجذب صمام الأمان، وفك كوابح حزامه الناسف، لحظة عبثية، قراءتها وفك شفرتها توفر علينا الكثير، وتساعدنا على إجابة سؤال عويص، وهو «كيف يستهين شخص ما بأهم غريزة إنسانية، ألا وهى غريزة الحياة؟!»، كيف لإنسان مثلنا من المفروض أن يفزع ويُغمى عليه عند مشاهدة دم ينزف من عقلة إصبعه، أن يمزق نفسه أشلاء، أكبر جزء فيها أصغر من هذا الإصبع؟!، إنها الفكرة المخدرة التى تُفرمِت العقل والإحساس والروح، تزيف وعيه وتصنع وعياً جديداً لا إنسانياً، يرى الآخر ذئباً، ويرى نفسه هو وجماعته ملائكة أطهاراً منزهين، وكلاء الله على الأرض، محتكرى الحقيقة، لحظة الضغط على الزر لمعت فى ذهنه أثداء حور العين الكواعب اللاتى ينتظرنه فى الفردوس، هو فى قمة الاستعجال والسربعة، سبعون حورية يقتله ظمأ الشبق إلى الارتماء فى حضن كل واحدة منهن سبعين سنة من النكاح المتصل الذى لا يهدأ إلا لاستعادة البكارة، هكذا قال له شيخه وأميره وبالوثائق، منتهى الثقة فى التفجير وتمزيق نفسه، نظرة احتقار يودّع بها المكان وسكانه، يرى الجميع هوام وحشرات كافرة لا تستحق الحياة، رجال الشرطة الذين يهرولون خلفه هم حماة الطاغوت من وجهة نظره، السيدة الغلبانة التى تحمل شنطة الخضار لتلحق بالعيال فى البيت تعيش عيشة جاهلية، فهى غير منتقبة، كل سكان الجمالية والغورية والدرب الأحمر، بل سكان مصر والعالم العربى، بل سكان العالم كلهم يعيشون فى جاهلية، لمعت فى ذهنه الجمل المأثورة التى حفظها من «الظلال» لسيد قطب، المجلد الثانى، حين قال:

«ارتدّت البشرية إلى عبادة العباد، وإلى جور الأديان، ونكصت عن لا إله إلا اللّه، وإن ظل فريق منها يردّد على المآذن: «لا إله إلا الله» دون أن يدرك مدلولها... إلا أن البشرية عادت إلى الجاهلية، وارتدت عن لا إله إلا الله. فأعطت لهؤلاء العباد خصائص الألوهية. ولم تعد توحد الله، وتخلص له الولاء.. البشرية بجملتها، بما فيها أولئك الذين يردّدون على المآذن فى مشارق الأرض ومغاربها كلمات: «لا إله إلا الله» بلا مدلول ولا واقع.. وهؤلاء أثقل إثماً وأشد عذاباً يوم القيامة، لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد».

أنا جندى من جند الله، أنفذ حكم الله الذى لا حكم إلا حكمه، والذى أمرنا بقتالهم «حيث ثقفتموهم»، هكذا فسّروها لى، وهكذا علمنى الداعية الذى تعلمت على يديه، وهكذا أبلغتنى جماعتى من أصحاب الأيدى المتوضّئة الذين أنتظرهم فى الجنة إن شاء الله، تردّدت تلك العبارات، وحملتها مساراته العصبية إلى أصابعه، التى ضغطت على زر التفجير، ما زال يذكر صفحة «معالم فى الطريق» كأنه قد قرأها بالأمس:

«يدخل فى إطار المجتمع الجاهلى تلك المجتمعات التى تزعم لنفسها أنها مسلمة.. لا لأنها تعتقد بألوهية أحد غير الله، ولا لأنها تقدّم الشعائر التعبّدية لغير الله أيضاً، لكنها تدخل فى هذا الإطار لأنها لا تدين بالعبودية لله وحده فى نظام حياتها، فهى -وإن لم تعتقد بألوهية أحد إلا الله- تعطى أخص خصوصية الألوهية لغير الله، فتدين بحاكمية غير الله، فتتلقى من هذه الحاكمية نظامها وشرائعها وقيمها وموازينها وعاداتها وتقاليدها».

وهو يجرى بالدراجة مرتدياً الكمامة والكاب، كانوا يصرخون يا مجرم، ده انت جنب الأزهر، وكانوا على ثقة من أنه لن يفجّر نفسه فى منطقة تضم بيتاً من بيوت الله، بل هو أشهر تلك البيوت، لكنه كان يعدو بكل قوته، أعمى البصيرة، فكل المساجد ضرار إلا مساجد عصابته وجماعته، استدعى ما قرأه فى «الظلال»، الجزء الثالث، الذى يقول:

«اعتزال معابد الجاهلية، واتخاذ بيوت العصبة المسلمة مساجد تحس فيها بالانعزال عن المجتمع الجاهلى، وتزاول فيها عبادتها لربها على نهج صحيح، وتزاول بالعبادة ذاتها نوعاً من التنظيم فى جو العبادة الطهور».

من ضغط على زر التفجير ليس الحسن عبدالله، إن أصابعه فقط هى التى ضغطت، لكن المخ الذى أمر، والعضلة التى حركت، والروح التى استفزت، والفكرة التى خدّرت، والنصوص التى غيّبت، تقبع هناك محمية بترسانة من السدنة، من المؤلفة جيوبهم، والمدهش أننا نُنفق على هؤلاء لقتلنا، وندعم أولئك لذبحنا، ونفتح لهم المنابر تعليماً وإعلاماً، للتحريض على تفجيرنا، هل الإرهابى هو المغيب أم نحن المغيبون؟.

نقلًا عن الوطن القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قراءة فى عقل إرهابى لحظة التفجير قراءة فى عقل إرهابى لحظة التفجير



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon