بقلم : عمر طاهر
الإجابة عن سؤالك «ما الذى يثير دهشتك؟» تحتاج لمساحة أكبر من التى قررت الجريدة أن تصرفها لى، أندهش من مفارقة أن المراهق الذى حطم أهله جيتاره حتى لا ينشغل عن دروسه «هو اللى طلع فنان كبير»، بينما من اهتم أهله بموهبته منذ الطفولة خرج فنانا عاديا وراجع مذكرات معظم حريفة الفن والكتابة والرياضة.
يدهشنى عندما أزور مدينتى فى الصعيد ويسألنى أحدهم عن أسرتى، ويعرف أنى أب لـ«بنتين» يكون تعليقه التلقائى الشائع «ربنا يعوض عليك»، بالرغم من أنه- وبمقياس الصعيد أيضا- وبمراجعة القصص الشائعة ستكتشف أن الخسائر والمصائب والفضايح مرتبطة أكثر بـ«خلفة الذكور» وبـ«النيلة» التى تستحقها «اللى عايزة خلف»، لن أغرقك فى تفاصيل لكننى لست منحازا لمن قالوا «البنات هم للممات» أنا منحاز لمن قالوا «البنات نعمات» حسب ملحمة «نعناع الجنينة».
أندهش كيف «يحلو» طبق الكشرى فجأة عندما يظهر أثناء التقليب بين حبات المكرونة القص خيوط قصيرة من الإسباجيتى، كيف يصبح لها فعل السحر وتزيد الطبق جاذبية، ومن هو الفنان مبتكر هذه اللمسة الفارغة مضمونا، الآسرة على مستوى فتح النفس؟
أندهش من نفسى ومن آخرين عندما تكون هناك شكوى بخصوص انشغال الزوجة بالأطفال أكثر من برنس ليالى الشقة أمير أحزان العيشة.. الزوج، لأن الواحد بقليل من التدقيق يكتشف أن غريزة الست وفطرتها «فيها أم مافيهاش زوجة»، كثيرات فشلن كزوجات ولكن كأمهات فالفشل بخلاف كونه نسبيا فهو أيضا استثناء نادر، فطبيعى أن تنجذب الواحدة لـ«نداء الطبيعة» أكثر من انجذابها لـ«نداء الواجب».
أندهش ممن يحتفظون بمستندات فساد تدين آخرين ولكن لا يستخدمونها إلا وقت «العوزة» لأغراض تبدو شخصية، فهذا فساد من نوع آخر.
أندهش من قدرة بعض أصدقائى الزملكاوية على تقبل الوضع بمنطق أنه مثلما أخطاء التحكيم المزعجة جزء من لعبة كرة القدم فسيادة المستشار جزء من تشجيع الزمالك.
أندهش من المسؤول الذى لا يجد طريقا لإثبات القوة والسيطرة إلا بشراء «العداوة»، ومن الذين يقولون «الغايب حجته معاه»، هذا قول خطأ وصحته «الخايب» حجته معاه، «الخايب» ماكينة مبررات وعبقرية فائقة فى الغلوشة على الخطأ بمداخلات تسحبك إلى ملاعب أخرى بعيدة يتركك فيها وحيدا تضرب كفا بكف.
أندهش ممن يخاف من التغيير خشية إفساد حساباته المستقرة بينه وبين نفسه، يقاومه ويؤجله حتى اللحظة التى يصبح فيها التغيير حتميا فيكتشف الواحد أنه غير قادر عليه بعد أن تيبست فصوص مخه و«عضلات فخاده».
أندهش من المنسحقين الذين يعتقدون أنهم «بيدخلوا على فيس بوك كل شوية» بينما الحقيقة أن «فيس بوك هو اللى بيدخل عليهم»، أندهش من قدرة الزوجات- مهما اجتهد الزوج- على أن «يلطعوا» الزوج فى انتظار الخروج أو الانصراف، أحلم أن أسمع زوجتى «بتقول لى يالا» مرة واحدة فى حياتى.
أندهش ممن يرون التعقيد مرادفا للعمق، ومن أولئك الذين ينظرون للعمق بسطحية أصلا، أولئك الذين لم تصلهم رسالة فؤاد حداد وهو يقول «البساطة فى منتهى الأبهة».
أندهش من طلبك المكرر فى كل رسالة «مفيش نكتة مصرية جديدة؟»، أنا مش بتاع نكت، لكن مادمت مصرا فهناك واحدة سمعتها من ابنتى عن عفريت افتتح محلا لبيع الأسماك فسماه «سبيط لبيط»، مبسوط كده؟
محبتى.. عمر
نقلا عن المصري اليوم