توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القاهرة والرياض .. تحالف سياسى وثقافى أيضا

  مصر اليوم -

القاهرة والرياض  تحالف سياسى وثقافى أيضا

بقلم - جمال عبدالجواد

حلف القاهرة الرياض هو الأقدم، وهو الأكثر ديمومة واستمرارية فى العالم العربي، ولولا المواجهة والاستقطاب الذى حدث بين البلدين فى عقد الستينيات، لكان التحالف المصرى السعودى هو الحلف العربى الذى اتصل بلا انقطاع منذ تشكل النظام الإقليمى العربى فى الأربعينيات وحتى اليوم. التوافق السياسى كان هو الأساس الذى قام عليه التحالف المصرى السعودى طوال العقود السابقة، أما جديد المرحلة الراهنة فيتمثل فى توافق الرؤية الثقافية والإيديولوجية بين القيادات الحاكمة فى البلدين.

منذ تأسيس الجامعة العربية، وحتى قرب نهاية الخمسينيات، كان إحباط السياسات التوسعية للهاشميين - الذين حكموا فى العراق والأردن ذ هو الهدف المشترك للقاهرة والرياض. عادت المياه تجرى فى قنوات العلاقات المصرية السعودية بعد حرب 1967، وتوافقت رؤية البلدين على العمل معا من أجل تحرير الأرض العربية المحتلة. حرب 1973 كانت هى الإنجاز الأكبر الذى تم تحقيقه فى هذه المرحلة. حارب جيش مصر فى أكتوبر، وحقق انتصارا عسكريا كبيرا، بمساندة رائعة من حظر النفط العربى الذى نفذته وقادته المملكة السعودية.

وقعت مصر اتفاق السلام مع إسرائيل، وجمدت السعودية العلاقات مع مصر تحت ضغط الراديكاليين العرب، لكن السعودية لم تتورط فى شن الحملات على مصر، أو تدبير المؤامرات ضدها، كما فعل الآخرون. فى عام 1979 وصل الخمينى للحكم فى إيران، وفى العام التالى اشتعلت الحرب بين العراق وإيران. منع إيران من تحقيق انتصار على البلد العربى كان هو الهدف المشترك للقاهرة والرياض طوال سنوات الحرب الثماني، المقاطعة المفروضة على مصر لم تمنع القاهرة من تقديم الدعم للعراق، ولم تمنع تجديد التعاون السياسى بين القاهرة والرياض. تم رفع المقاطعة العربية عن مصر، وعادت مصر للعالم العربى من بوابة الخطر الإيرانى الذى كان يدق على بوابة العرب الشرقية بعنف غير مسبوق.

انتصر العراق فى الحرب مع إيران، وبدا العالم العربى كما لو كان مؤهلا للانطلاق، لولا مغامرات صدام حسين التى لم تعرف حدودا ولا منطقا، غزا صدام الكويت، وضمها، وأعلنها المحافظة رقم 19 من محافظات العراق. التحالف المصرى السعودى كان هو الركيزة التى قام عليها تحالف إقليمى ودولى كبير، أجبر العراق على الخروج من الكويت. الدور المصرى فى حرب تحرير الكويت سياسيا وعسكريا هو النموذج والتطبيق العملى لسياسة «مسافة السكة» التى يتبناها الرئيس السيسي. جيش مصر ليس جيشا للإيجار، ولا قيادته من الهواة المغامرين، وهو لن يتأخر عن الوقوف بفعالية إلى جانب بلد عربى خليجى يتعرض أمنه وسيادته لتهديد جدي.

شعرت السعودية بفداحة الخسارة عندما كادت مصر تقع فى قبضة الإخوان. مواجهة الشرق الأوسط المضطرب دون مصر أمر شديد الصعوبة، فما بالك لو ألحقت مصر بالمعسكر المعادي. كانت السعودية حاضرة عندما كانت مصر تقود معركة التحرر من سيطرة الإخوان فى صيف عام 2013، فقدمت - مع الإمارات - دعما ماليا كانت مصر فى أشد الحاجة له، ودافعت فى عواصم القرار الدولية عن التحولات التى شهدتها مصر فى ذلك الصيف الساخن.

نجحت السعودية ومصر فى صيانة التحالف السياسى بينهما رغم الاختلافات الثقافية والإيديولوجية بين نظم الحكم فى البلدين: الإسلام الوهابى فى السعودية والوطنية البراجماتية فى مصر كانا هما الاتجاهين السائدين طوال أغلب فترات العلاقة الممتدة لأكثر من سبعين عاما. تطلعت تيارات التجديد الليبرالى فى المملكة إلى مصر باعتبارها المصدر الأهم للتجديد الثقافى فى المنطقة، فيما كانت تيارات الأصولية السلفية تنتشر فى مصر، بدعم من مركزها فى السعودية.

تجاهل البلدان الاختلافات الإيديولوجية بينهما فى أغلب الأوقات، فيما تم توظيف هذه الاختلافات سياسيا فى بعض الأحيان. عندما رفعت مصر رايات القومية العربية والاشتراكية، وشنت هجوما كاسحا ضد الملكيات العربية فى الستينيات، تبنت السعودية الإخوان الهاربين من مصر، وقدمت الدعم للأصوليين الوهابيين. لولا تبنى مصر الناصرية أفكار القومية العربية الراديكالية لظلت هذه الأفكار نبتا مشرقيا معزولا، ولولا دعم السعودية للإخوان والسلفيين، لكان لهؤلاء شأن أقل بكثير مما آل إليهم فى العقود الماضية. إلى جانب التأثيرات القادمة من سوريا ولبنان، فإن مصر والعربية السعودية هما البلدان اللذان ساهما أكثر من غيرهما فى تشكيل الخريطة الإيديولوجية فى العالم العربي، ليس فقط عن طريق إطلاق الإيديولوجيات والأفكار، وإنما أيضا عن طريق بذل الدعم الحكومى السخى لترويجها. عواصف الربيع العربى لم تكن من نوع الصراعات المعتادة للسيطرة على السلطة، لكنها كانت أيضا أعاصيرا إيديولوجية كاسحة، حاولت من خلالها تيارات الإسلام السياسى المتنوعة اختطاف بلاد العالم العربى الرئيسية. الإيديولوجيات التى روجت لها الحكومات أحيانا، وتساهلت معها أحيانا أخرى، ووظفتها فى مراحل ثالثة أصبحت سلاحا فى يد طرف ثالث، يتحدى الحكومات ويضعها فى مرمى نيران تهديداته.

استعادة السيطرة على قوى الفوضى الثورية التى أطلقها الربيع العربى ليست عملية سياسية وأمنية فقط، ولكنها عملية إيديولوجية أيضا. التوتر بين مصر والسعودية فى مرحلة معينة، وتجاهل البعد الإيديولوجى فى علاقات البلدين فى مراحل أخرى، أتاح ثغرات استفاد منها المتطرفون، وهى الثغرات التى عزم البلدان على سدها. اتفاق البلدين على مواجهة الإخوان، تنظيما وفكرا، سيؤدى إلى إعادة رسم خريطة التيارات الإيديولوجية فى المنطقة.

اتسع نطاق المواجهة الإيديولوجية فى السعودية ليشمل التيار الأصولى السلفى أيضا. الإصلاحات الاجتماعية العميقة التى أدخلتها القيادة السعودية تنطلق من تفسير للإسلام مغاير للتفسير المتشدد الذى تبناه التيار الغالب فى المؤسسة الدينية السعودية لسنوات طويلة. السعودية تحت قيادة محمد بن سلمان تمارس تفسيرا معتدلا للإسلام، فيما الرئيس السيسى يلح على إصلاح الخطاب الديني. التغيير فى الخطاب الدينى السعودى يسهل مهمة إصلاح الخطاب الدينى فى مصر، فيما تقدم مصر نموذجا وسطيا للمصالحة بين الأصالة والمعاصرة، هو أقرب للتقاليد السعودية من نماذج عربية وشرق أوسطية أخرى ذهبت بعيدا فى اتجاه المعاصرة، وانحازت بشدة للوافد من بلاد الغرب. مصر والسعودية لم يكونا أقرب إلى بعضهما سياسيا وإيديولوجيا كما هما الآن. هذا هو المغزى الأهم لزيارة الأمير محمد بن سلمان للقاهرة.

نقلا عن الاهرام القاهريه

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القاهرة والرياض  تحالف سياسى وثقافى أيضا القاهرة والرياض  تحالف سياسى وثقافى أيضا



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon