توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مستقبل صفقة القرن

  مصر اليوم -

مستقبل صفقة القرن

بقلم - أحمد يوسف أحمد

ماذا لو بدأت هذه المقالة بأن صفقة القرن قد لا ترى النور أصلاً؟ يبدو السؤال غريباً لكن الغرض منه هو التنبيه إلى أننا نسمع عن صفقة القرن منذ تولى دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة، وقد أمضى فى الحكم حتى الآن قرابة نصف ولايته ومازالت ولادة الصفقة متعثرة، وهو أمر متوقع لتعقد الصراع وغياب أى خبرة يعتد بها لدى صانعى الصفقة، وقد يظهر فى اللحظة المناسبة من ينبه إلى أن الطبخة فاسدة أصلاً، ولكن لنتبع المنطق الشائع وهو أن ثمة صفقة فى الطريق قاربت الوصول إلى خط النهاية، فعن أى شىء نتحدث؟ من خلال مئات التقارير التى تواترت حول المضمون المحتمل للصفقة ثمة عناصر مشتركة لعل أهمها ثلاثة تتعلق بطابعها الإقليمى ومضمونها الاقتصادى وأبعادها السياسية، ويعنى طابعها الإقليمى أن الصفقة سوف تشمل دولاً عربية عديدة سواء سياسياً لارتباطها المباشر بالقضية كمصر والأردن، أو اقتصادياً بافتراض أن الدول الخليجية مثلاً ستقدم معظم التمويل الذى يحتاجه تنفيذ الصفقة، وبالنسبة لمصر بالذات ثمة تركيز على أن دورها سوف يتمثل فى تقديم جزء من سيناء يماثل ثلاثة أمثال مساحة قطاع غزة بحيث تصبح دولة غزة قابلة للحياة وتستطيع أن تضم المزيد من ملايين الفلسطينيين وتنتهى مشكلة اللاجئين الذين يمكن أن يكون للأردن نصيب إضافى منهم، وبالمقابل تُعَوض مصر بجزء من صحراء النقب ونفق برى يصلها بالأردن، ويتواضع بعض التقارير فيكتفى بأن مصر سوف تستضيف فى تخوم سيناء مع قطاع غزة بعض المقومات الكبرى للصفقة كالمطار أو الميناء أو محطتى التحلية والكهرباء، ويُضاف إلى هذا بطبيعة الحال أن هذه الصفقة لابد وأن تفضى إلى تطبيع كامل بين الدول العربية وإسرائيل، وهذا ليس جديداً على أى حال فالمبادرة العربية التى تبنتها قمة بيروت 2002 تنص عليه، أما المضمون الاقتصادى للصفقة فيعنى تحويل غزة إلى سنغافورة أخرى بحيث يُنسى الرخاء الاقتصادى الفلسطينيين قضيتهم الوطنية وهو ما يحتاج تمويلاً هائلاً يُفترض أن تتحمله أساساً الدول العربية الثرية بمشاركة دولية، وبخصوص الأبعاد السياسية للصفقة تشير التقارير إلى شبه دولة فلسطينية إقليمها عبارة عن خرقة من الأرض ممزقة بالاستيطان وسلاحها منزوع وعاصمتها أحد أحياء القدس الإدارية بمعنى أنه ليس من الضرورى أن يكون جزءاً من القدس التاريخية، فى عودة لفكرة أبو ديس، مع إغفال تام لقضيتى تفكيك المستوطنات وعودة اللاجئين، أى أن المسألة باختصار ليست صفقة بأى معنى وإنما هى إلباس ثوب الشرعية لواحدة من أبشع العمليات الاستعمارية فى التاريخ.

   لا يستطيع المرء بالتأكيد أن يتحقق من دقة ما ورد فى التقارير فى غيبة أى تصريحات أمريكية رسمية عن مضمون الصفقة، غير أنه بمقدورنا أن نتوقع فشلها الذريع لعدة أسباب أولها أنها تتم بمعزل عن الفلسطينيين الذين قاطعت قيادتهم الإدارة الأمريكية منذ اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، ومن أبجديات حل أى صراع ضرورة إشراك أطرافه كافة فى جهود الحل وإلا جاء غير معبر عن مصالحها ومن ثم مفتقداً أبسط مقومات الاستمرار، وقد كان أستاذنا القدير سمعان بطرس فرج الله رحمه الله هو أول من علمنا هذا المبدأ فى سنواتنا الجامعية الأولى عندما كنا نسأله وهو يُدَرس لنا المشكلة الڤيتنامية عن احتمالات نجاح محاولة ما لتسوية المشكلة سياسياً قبل أن تقبل الولايات المتحدة التفاوض مع جبهة الڤيتكونج، فيجيب من فوره  رغم صعوبة التنبؤ فى التحليل السياسى بأنها صفر لأنه لا تسوية دون تمثيل مصالح أطراف الصراع كافة ولا تمثيل لهذه المصالح دون التفاوض مع الڤيتكونج، والسبب الثانى أنه لم يصدر عن أى دولة عربية ورد اسمها فى التقارير عن الصفقة أى تصريح رسمى يفيد بموافقتها على ما نُسب إليها من مواقف، ويشدد الموقفان المصرى والأردنى على حل الدولتين على أساس قرارات الشرعية الدولية مع تأكيد أن القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، وهو ما يتناقض مع أهم مقومات الصفقة، وإذا كان من المستحيل على الأردن أن يقبل بفكرة الوطن البديل فإنه من غير الوارد مصرياً التنازل عن شبر من سيناء مع ملاحظة أن الدوائر المعادية للنظام المصرى تروج لأكاذيب وقحة كالقول بأن إخلاء رفح المصرية من السكان هو مقدمة لاستيطان الفلسطينيين فى سيناء، والسبب الثالث يتعلق بتعقيدات الموقف فى غزة، وصحيح أن قبول إقامة دولة فى غزة لم يعد مستبعداً من حماس لكن الخلافات داخلها وبينها وبين باقى الفصائل أكثر تعقيداً بكثير من أن تسمح بتمرير الصفقة بسهولة ناهيك بأن بقاء حماس فى الصورة فى ظل صفقة القرن صعب وخروجها منها أصعب، والسبب الرابع أن فكرة تخلى الفلسطينيين عن قضيتهم مقابل إغراءات مالية حتى وإن قبلها البعض تبدو بلا أساس، وقد انبثقت فتح مثلاً من الفلسطينيين بالكويت الذين كانوا يتمتعون برخاء فى العيش، وأخيراً وليس آخراً فإن تدبير التمويل المطلوب للصفقة مشكوك فيه لاعتبارات يضيق بها حيز المقالة، ولهذه الأسباب وغيرها فإن مصير صفقة القرن مرشح بجدارة للانضمام للإخفاقات الأمريكية الكبرى فى السياسة الدولية، ومع ذلك نجد بعض الأصوات هنا وهناك تُلَمح إلى أن رفض الصفقة لن يكون عملاً رشيداً تذرعاً بأن الفلسطينيين والعرب تعودوا على رفض الحلول المطروحة عليهم ثم الولولة على ضياعها بعد ذلك، وهى أصوات تحتاج تفنيداً موضوعياً يحتاج مقالة بذاتها، غير أننى أكتفى هنا بالقول بأنه لم يعرض على الفلسطينيين يوماً حل عادل أو حتى متوازن، ومن ثم كان القبول بالمعروض خيانة، ويُلام الفلسطينيون بالتأكيد على انقسامهم الذى لم يمكنهم من الاتفاق على استراتيجية موحدة تمكنهم من حقوقهم وليس على رفضهم الحلول الشوهاء.

نقلا عن الاهرام القاهريه

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مستقبل صفقة القرن مستقبل صفقة القرن



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon