توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مصر والمصالحة الفلسطينية

  مصر اليوم -

مصر والمصالحة الفلسطينية

بقلم - أحمد يوسف أحمد

 قلبى مع الوفد الأمنى المصرى الذى يبذل جهوداً مضنية على الأرض الفلسطينية من خلال دبلوماسية مكوكية من أجل إتمام المصالحة الفلسطينية التى كان لمصر اليد الطولى فى التوصل إليها، ولو كان الأمر متوقفاً على معرفة أعضاء الوفد بأبعاد ملف المصالحة وتفاصيله الدقيقة لكللت جهودهم بالنجاح منذ زمن طويل فقد تراكمت لدى المخابرات المصرية معرفة شاملة بالملف الفلسطينى إجمالاً بكل أبعاده وخبرة عميقة بتفاصيله الدقيقة على نحو مكن رجالها دوماً من التوصل إلى حلول لأعقد المشكلات فى هذا الملف نابعة من رؤية سليمة وحس قومى أصيل وحرص تام على المصلحة الوطنية المصرية، لكن الواقع الأليم الذى يفرض نفسه على الجهود المخلصة التى يبذلها هؤلاء الرجال من أجل إتمام المصالحة لا يتمثل فحسب فى تعقد ملفاتها وهى بالغة التعقيد بالفعل وإنما ثمة ما هو أخطر وهو أن هذا الواقع قد يكون نابعاً أساساً من مصالح ترسخت لعناصر وفئات محددة تستفيد من الوضع الراهن وتحقق فى ظله مكاسب طائلة وهى من ثم ليست صاحبة مصلحة فى تجسيد المصالحة على أرض الواقع ناهيك بعناصر أخرى تنأى بنفسها عن تحمل المسئولية، ولذلك فإن السؤال الذى يجب أن يُطرح بصراحة هو: هل يريد الطرفان الأساسيان فى الانقسام الفلسطينى المصالحة فعلاً أم أن الشعارات شيء والمصالح شيء آخر؟ وإذا رجحت المصالح فى الإجابة الأمينة عن هذا السؤال فهى كارثة لأن معنى ذلك أن العقبات التى توضع فى طريق الجهود المصرية لن تنتهى بسبب هذه المصالح.

يبدو إنجاز المصالحة الفلسطينية على أرض الواقع شرطاً لا غنى عنه لإنقاذ مستقبل القضية الفلسطينية، ذلك أنه لا استراتيجية فلسطينية صالحة للنضال من أجل استخلاص حقوق الشعب الفلسطينى دون وحدة وطنية، ولا بديل أمام الفلسطينيين سوى أن يمسكوا بقضيتهم فى أيديهم فقد انتهى ذلك الزمان الذى كانت الحاضنة العربية تتحمل فيه مسئولية القضية، وقد يكون ذلك قد دُشن فى قمة الرباط 1974 التى اعتمدت منظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، فبينما رسخ هذا القرار الكيان الفلسطينى اتُخذ لاحقاً ذريعة لتنصل كل من يريد من الأطراف العربية من مسئوليته تجاه فلسطين فلها «منظمة تحميها»، وعلى أى حال فقد تكفل تدهور الأوضاع العربية لاحقاً بتبديد فكرة الظهير العربى لفلسطين، وقد تم هذا التدهور كما هو معروف عبر الانقسام المصرى - العربى فى النصف الثانى من سبعينيات القرن الماضى بسبب السلام مع إسرائيل ثم الانقسام العربى - العربى بسبب الغزو العراقى للكويت 1990 ثم التداعيات الخطيرة للغزو الأمريكى للعراق 2003 والتى لم تقتصر عليه وحده وإنما امتدت لتشمل النظام العربى برمته وأخيراً وليس (آخراً) تداعيات ما عُرف بالربيع العربى وانتهى به الحال إلى ما نشهده حالياً من صراعات دامية وتفتت مخيف واختراق خارجى غير مسبوق، والحقيقة أنه لولا ما تقوم به مصر حالياً من جهود مخلصة لتحقيق المصالحة الفلسطينية لما أمكن الحديث عن ظهير عربى أصلاً، ولذلك فقد كان قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل كاشفاً فى هذا الصدد, فقد أطاح الرجل بأخطر ملفات القضية وأقدسها خارج حلبة المفاوضات فلم يتلق سوى عبارات الإدانة المنضبطة التى لن تغير من الأمر شيئاً، وعليه لم يكن ثمة مخرج من هذا المأزق سوى أن يُمسك الفلسطينيون بقضيتهم فى أيديهم ولديهم من خبرات التحرر الوطنى العالمية تنويعة كاملة من أساليب النضال الناجحة وأدواته بما فيها أدوات سلمية مطلقة كما فعل غاندى فى الهند حتى لا يتحجج أحد بأن الكفاح المسلح بات مستحيلاً.

لكن الجانب الفلسطينى الرسمى اكتفى بإعلان أن الدور الأمريكى فى عملية التسوية قد انتهى لتحيزه وهذا جيد، وأضاف بأن المطلوب آلية جديدة لهذه العملية وهذا عبث لأن القوة الوحيدة القادرة على الضغط على إسرائيل هى الولايات المتحدة وحتى لو افترضنا أن قوى دولية كالاتحاد الأوروبى أو روسيا أو الصين راغبة فى أن تقوم بدور فهى بالتأكيد غير قادرة عليه، ولأنها تعلم ذلك فلن تُقدم على الاضطلاع به أصلاً، وهو عبث أيضاً لأنه حتى فى ظل «الرعاية» الأمريكية للتسوية لم يتحقق سوى الوهم عبر أكثر من ربع قرن منذ أوسلو 1993، فهل مازلنا نستعذب الوهم والإحباط؟ المخرج الوحيد إذن هو نقلة نوعية فى النضال الفلسطينى وهذه لن تتحقق دون مصالحة وطنية، وهى المصالحة التى رأينا تعثرها حتى الآن ليس فقط بسبب تعقد ملفاتها وإنما بسبب وجود مصالح راسخة لأطراف فلسطينية فى استمرار الوضع الراهن ولتذهب القضية الوطنية والشعب الفلسطينى إلى الجحيم، فهل تستطيع الفصائل الوطنية الفلسطينية غير المتورطة فى الانقسام أو الملوثة بمصالح ذاتية أن تلقى بأحجار فى المياه الراكدة استناداً إلى رأى عام فلسطينى ضج كثيراً بما تفعله قوى يُفترض أنها مسئولة عنه؟ وقد يقول قائل ما لنا وهذه التعقيدات كلها؟ ويجب أن يكون واضحاً أن أولئك الرجال الذين يعملون بكل الإخلاص فى الملف الفلسطينى إنما يوفرون الحماية فى الوقت نفسه للأمن المصري، وقد يكون هذا السياق مناسباً لتعريف من لا يعرف أو لتذكير من نسى أن فكرة دولة فلسطينية فى غزة تقتطع من سيناء المصرية مازالت تراود البعض فى غزة وخارجها، وهى فكرة رغم استحالتها تُظهر أهمية حلحلة الملف الفلسطينى للأمن المصري، ولا تستطيع السياسة المصرية لهذه الاعتبارات على الأقل أن ترفع يدها عن الملف الفلسطينى لكنها قد تكون بحاجة لإعادة نظر فى الأساليب المستخدمة فى إدارته وهو ما يحتاج حواراً جاداً ومخلصاً وعميقاً.

نقلا عن الاهرام القاهريه

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر والمصالحة الفلسطينية مصر والمصالحة الفلسطينية



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon