توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل انتقاد إسرائيل جريمة؟

  مصر اليوم -

هل انتقاد إسرائيل جريمة

بقلم : عثمان ميرغني

تشهد بريطانيا جدلاً واسعاً هذه الأيام حول ما يعرف بـ«التعريف العملي لمعاداة السامية»، وحول رفض زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربن تبني التعريف الذي يرى كثيرون أنه يوسع مفهوم معاداة السامية إلى حد الخلط بينه وبين النقد الموجه لدولة إسرائيل.

لمن لم يتابع تفاصيل الموضوع، فإن «التعريف العملي لمعاداة السامية»، هو تعريف غير ملزم قانونياً، تبناه في 26 مايو (أيار) 2016 «التحالف الدولي لذكرى المحرقة (الهولوكوست)»، الذي جمع ممثلين عن 31 دولة، اعتمدوا التعريف المتضمن أمثلة لمفهوم معاداة السامية كانت مثيرة للجدل؛ إذ عدها كثيرون تضييقاً على حرية التعبير فيما يتعلق بانتقاد سياسات دولة إسرائيل التمييزية والعنصرية حيال الفلسطينيين.

ومنذ أن قررت حكومة حزب المحافظين في نهاية عام 2016 تبني هذا التعريف، تصاعدت الضغوط على حزب العمال المعارض وزعيمه كوربن لكي يتراجع عن الموقف الرافض للأخذ بالتعريف ضمن موجهات القواعد الأخلاقية في أدبيات الحزب وسياساته. وشنت الدوائر اليهودية المؤيدة للتعريف حملة قوية ضد كوربن قائلة، إن موقفه يؤكد نزعة معادية للسامية في أوساط حزب العمال. المشكلة بالنسبة لكوربن ولكثيرين غيره ليست في فقرة تعريف معاداة السامية بأنها «ذلك الانطباع المعين عن اليهود الذي قد يترجم في شكل كراهية موجهة سواء اتخذت أشكالاً لفظية أو عدوانية ضدهم أو ضد ممتلكاتهم أو مؤسساتهم الاجتماعية أو الدينية»، بل تكمن المشكلة في الأمثلة التي أرفقت بالتعريف. فمن ضمن الأمثلة التي قدمها التعريف نموذجاً على معاداة السامية: «إنكار حق الشعب اليهودي في تقرير المصير بالادعاء مثلاً بأن دولة إسرائيل مشروع عنصري»، و«رسم مقارنات للسياسة الإسرائيلية المعاصرة مع سياسة النازيين»، و«شيطنة اليهود بنشر مزاعم نمطية عنهم، أو عن القوة اليهودية الجماعية أو عن أسطورة وجود مؤامرة يهودية دولية أو عن سيطرة اليهود على الإعلام والاقتصاد والحكومات وأي مؤسسات مجتمعية أخرى»، و«اتهام المواطنين اليهود (في الدول الأخرى) بأنهم أكثر ولاءً لإسرائيل، أو للأولويات المزعومة لليهود حول العالم، من ولائهم لمصالح دولهم»، أو «تطبيق معايير مزدوجة بالطلب من إسرائيل سلوكاً غير متوقع أو مطلوب من أي دولة ديمقراطية أخرى».

كثيرون منهم يهود مستنيرون رأوا مشكلة في تعريف معاداة السامية بهذه الطريقة المطاطة، وتحديداً في الأمثلة الواردة مع التعريف؛ لأنها تجعل انتقاد بعض سياسات إسرائيل من المحرمات، خصوصاً تلك التي تشبه ممارساتها في الأراضي المحتلة بنظام التفرقة العنصرية (الأبارتيد)، أو تهاجم سياساتها الاستيطانية التوسعية، ومعاملتها الوحشية.

ستيفن سيدلي، المحامي البريطاني والأستاذ الزائر في جامعة أكسفورد، كان من بين أربع شخصيات يهودية استكتبتها صحيفة «الغارديان» البريطانية في إطار مناقشة الجدل الدائر حول «التعريف العملي لمعاداة السامية» والانتقادات الموجهة لجيريمي كوربن، وكان رأيه أن لا حاجة لهذا التعريف، ولا سيما فيما يتعلق بتحجيم الانتقادات المشروعة لإسرائيل كدولة، ولسياساتها التي تميز ضد الفلسطينيين. واعتبر أن هذا الأمر يدخل في صميم مبدأ حرية الرأي والتعبير المنصوص عليه في القوانين البريطانية، والمواثيق الدولية.

وشدد سيدلي على أنه من حق اليهود وغير اليهود في بريطانيا انتقاد سياسات إسرائيل من دون أن يدمغوا بمعاداة السامية، وضرب مثلاً لذلك بالإشارة إلى من يرون أن دولة ترفض حق الفلسطينيين في تقرير المصير هي دولة عنصرية، أو من يتساءلون عما إذا كانت هناك مقارنة أخلاقية بين الذين أطلقوا النيران في الماضي على اليهود العزل في أوروبا الشرقية، وبين من يطلقونها اليوم على المتظاهرين الفلسطينيين العزل في غزة.

هناك بالطبع من يتصدون للرد على منتقدي تعريف معاداة السامية، ويقولون إن الهجوم على إسرائيل وسياساتها يكون أحياناً معاداة مبطنة للسامية ولليهود. ويشير هؤلاء على سبيل المثال إلى أن مهاجمة إسرائيل من منظور أنها دولة يهودية ووصفها بالدولة العنصرية، غير مقبول ويمكن إدراجه في مفهوم معاداة السامية. المشكلة في هذا المنطق أنه يحاول منح حصانة لإسرائيل، ومنع انتقاد سياساتها حتى لو اتسمت بالعنصرية الواضحة إزاء الفلسطينيين. خذ مثالاً قانون القومية الذي تبنته إسرائيل أخيراً، فهو ينص على أن إسرائيل هي «الدولة القومية للشعب اليهودي وحق تقرير المصير فيها يخص الشعب اليهودي فقط»، وبذلك يلغي أو يهمش «عرب إسرائيل» ومسيحييها ودروزها، ويضعهم في مرتبة أدنى، وهي سياسة تمييزية عنصرية قوبلت بانتقادات واسعة حول العالم، كما انتقدها يهود من داخل إسرائيل وخارجها.

هناك يهود كثيرون، بينهم شخصيات بارزة، انتقدوا هذا القانون مثلما انتقدوا ممارسات إسرائيل ضد الفلسطينيين، من بين هؤلاء على سبيل المثال، جدعون ليفي الكاتب المعروف في صحيفة «معاريف» الذي كثيراً ما وصم سياسات إسرائيل بالعنصرية، ودانييل بارينبويم الموسيقار الإسرائيلي العالمي الذي قال إن قانون القومية الذي تبناه الكنيست جعله يشعر بالخجل كونه إسرائيلياً. فهل يصبح هؤلاء معادين للسامية وفقاً «للتعريف العملي» موضع الجدل حالياً في بريطانيا؟

بغض النظر عما ستنتهي إليه الحملة الراهنة ضد كوربن وسياسات حزبه، فإن الجدل الدائر سلط الكثير من الأضواء على «التعريف العملي لمعاداة السامية» وعلى المشكلة الأساسية الكامنة في الأمثلة الواردة معه التي تبدو محاولة واضحة لتحجيم الانتقادات الموجهة لإسرائيل.

نقلا عن الشرق الآوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل انتقاد إسرائيل جريمة هل انتقاد إسرائيل جريمة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon