توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سيناريو الكارثة

  مصر اليوم -

سيناريو الكارثة

بقلم : عثمان ميرغني

هل لك أن تتخيل أن منظر صفوف الانتظار أمام محطات الوقود، والتكدس للحصول على بعض السلع والمواد التموينية أو الأدوية الذي أصبح أمراً عادياً في السودان على سبيل المثال، يمكن أن يحدث أيضاً، ولو بشكل مؤقت، في بريطانيا في تاريخ غير بعيد؟

هذا ما تحذر منه منذ أشهر الكثير من الدوائر، ومن بينها جهات رسمية، إذا حدث «السيناريو الكارثة» المتمثل في خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي من دون أي اتفاق ينظم عملية الخروج أو يحدد شكل العلاقة المستقبلية بين الطرفين. وتصاعدت التحذيرات والمخاوف في الآونة الأخيرة، في ظل التخبط الحاصل بعدما قوبلت آخر المقترحات التي قدمتها حكومة تيريزا ماي بتحفظات تصل إلى حد الرفض لبعض بنودها الأساسية، من قبل الاتحاد الأوروبي، وبانتقادات حادة من داخل حزب المحافظين الحاكم وخارجه. فبريطانيا تقف اليوم على مسافة سبعة أشهر فقط من سيناريو الكارثة، من دون أن تظهر بوادر على صفقة تنقذ المفاوضات المتعثرة بينها وبين الاتحاد الأوروبي.

واعتباراً من اليوم سيطلع الناس في بريطانيا على أول دفعة من حزمة الأوراق التي أعدتها الحكومة لـ«سيناريو الكارثة»، وستكون هذه المرة الأولى التي تتاح لهم الفرصة لمعرفة كيف تفكر الحكومة في مواجهة تبعات هذا السيناريو على القطاعات الحيوية في البلاد، من قطاع الخدمات المالية إلى الرعاية الصحية مروراً بالزراعة والصناعة والتجارة وغيرها.

في المجموع، يفترض أن تنشر الحكومة على دفعات منذ اليوم وحتى نهاية الشهر المقبل نحو 84 ورقة أعدتها منذ فترة، لكنها فرضت حولها طوقاً من السرية طوال الأشهر الماضية. موافقة حكومة تيريزا ماي على نشر هذه الأوراق وما تحويه من خطط الطوارئ التي أعدتها الوزارات المختلفة، توحي بأن احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق «بات عالياً بدرجة غير مريحة»، على حد تعبير مارك كارني، حاكم البنك المركزي البريطاني. فوفق ما هو مقرر ستنتهي عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي في مارس (آذار) من العام المقبل، بعدما صوّت البريطانيون على الخروج الـ(بريكست) بأغلبية ضئيلة في استفتاء عام 2016. منذ ذلك الحين أضاعت الحكومة البريطانية أزيد من عامين في التخبط والتسويف بسبب الحرب المحتدمة داخل حزب المحافظين وخارجه حول واحد من أخطر الملفات التي تواجه البلاد في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.

ومع اقتراب الموعد المحدد لمغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي يتصاعد الاستقطاب، سواء وسط الطبقة السياسية أو في الشارع البريطاني. فعلى المستوى السياسي، هناك تياران يتصارعان حول مفهوم الـ«بريكست» وشكله. التيار الأول يريد خروجاً ناعماً أو النكوص كلياً عن الـ«بريكست» بوصفه أكبر عملية إضرار بالذات مارستها بريطانيا ضد نفسها. وهذا التيار الذي يضم نواباً من حزب المحافظين الحاكم وحزب العمال و«الأحرار الديمقراطيين»، ورجال أعمال واقتصاديين يزداد قوة وزخماً كما تظهر استطلاعات الرأي العام، التي أشارت إلى أن غالبية البريطانيين باتوا مقتنعين اليوم بأن الخروج من الاتحاد الأوروبي سيكون خطأً كبيراً، وبالتالي يدعمون إجراء استفتاء شعبي على الاتفاق النهائي بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، لتكون الكلمة النهائية لهم، بما يتيح إيجاد مخرج سياسي وقانوني للتراجع عن «بريكست»، إذا لم يتم التوصل إلى صفقة مرضية.

أما التيار الآخر، فيريد «بريكست» خشناً، تخرج بمقتضاه بريطانيا من مؤسسات الاتحاد الأوروبي كافة. ويعارض هذا التيار بشكل حاسم خطة تيريزا ماي لشكل العلاقات المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي التي أعلنتها الشهر الماضي. وبات نايجل فاراج، الزعيم السابق لحزب «استقلال بريطانيا» اليميني الشعبوي، الوجه البارز لهذا التيار بعدما قرر أخيراً بدء جولات بطول بريطانيا وعرضها للترويج للـ«بريكست» ومواجهة الشعبية المتزايدة للمعسكر المؤيد للبقاء في الاتحاد الأوروبي.

لكن معضلة هذا التيار أنه ما زال منقسماً بشكل حاد بين مؤيدي الـ«بريكست» «البراغماتي» مثل وزير التعاون الدولي ليام فوكس، ووزير الخارجية جيريمي هنت، ووزير العدل مايكل غوف، ومؤيدي الـ«بريكست» «الآيديولوجي» مثل وزير الخارجية المستقيل بوريس جونسون، وعضو مجلس العموم جاكوب ريس موغ، ونايجل فاراج.

وحتى داخل معسكر الـ«بريكست» الآيديولوجي هناك انقسام. فبوريس جونسون رفض الوقوف على منصة واحدة مع فاراج في إطار حملة «البريكست يعني البريكست»؛ وذلك لأنه يتخوف من تأثير الميول اليمينية الشعبوية المتزايدة لفاراج على حظوظ جونسون للمنافسة على زعامة حزب المحافظين ورئاسة الحكومة إذا ما قرر تحدي تيريزا ماي خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة.

ولا تقتصر الانقسامات على حزب المحافظين الحاكم، فهي تضرب أيضاً حزب العمال المعارض. فزعيم الحزب جيرمي كوربن ما زال يرفض فكرة إجراء استفتاء شعبي ثانٍ على الـ«بريكست»، على الرغم من أن الكثير من وجوه الحزب البارزة تدعم فكرة استفتاء ثانٍ، أو تمديد تفاوض بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي لمنع «بريكست» حافة الهاوية الذي سيؤدي إلى ضرر بالغ على اقتصاد بريطانيا ومكانتها الدولية، وبموقع مدينة لندن المالي.

نشر الأوراق التي أعدتها الحكومة لسيناريو الكارثة اعتباراً من اليوم، سيكون فاتحة لجولة جديدة من النقاش الحاد حول كيفية الخروج من نفق الـ«بريكست» المظلم.

نقلا عن الشرق الآوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيناريو الكارثة سيناريو الكارثة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon