توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإمارة والجماعة

  مصر اليوم -

الإمارة والجماعة

بقلم ـ محمد صلاح

إذا التقيت مسؤولاً قطرياً كبيراً وسألته عن سياسات بلده ورأيه في تصرفات الحكم هناك، ثم قادتك الظروف وجلست مع شيخ أو شاب أو حتى طفل إخواني في أي بلد في العالم وأدرت معه حواراً حول الموضوع نفسه، ستفاجأ أنك تسمع الإجابات نفسها والعبارات ذاتها، وكأن من تحدثت معهما شخص واحد وليسا شخصين، على رغم اختلاف السن والمكان والظروف المحيطة بكل منهما. بالنسبة إلى "الإخوان" فالأمر منطقي، إذ إنهم يكررون الكلام من دون وعي أو عقل، فالمهم لديهم مصلحة الجماعة، فهم تربوا على أنماط فكرية واحدة، ولا يمكن لأحد منهم، مهما كانت ظروفه أو موقعه أو مكانته، أن يجتهد أو يعمل أو يصل إلى نتائج غير تلك التي يحددها التنظيم، وعليه ألا ينطق بحرف لا يتسق مع الأفكار والمبادئ والأهداف التي أقسم عند التحاقه بالجماعة على أن يكون وفيّاً لها حتى لو كانت مخالفة للمنطق، لكن أن تحدث التوأمة بين دولة وجماعة، وبين نظام حكم وتنظيم، وبين مجتمع وفئة من البشر متناثرة في العالم وينتمي أفرادها إلى بلدان مختلفة وثقافات متباينة وأنماط سلوك متغيرة، فإنها بالفعل ظاهرة غير مسبوقة.

تتطابق مواقف جماعة "الإخوان" مع توجهات النظام القطري وتصرفاته وسياساته تماماً، ولم يصدر عن الجماعة قط، على مدى عقدين، رأي أو موقف أو قرار يخالف أو يعارض أو ينتقد قطر أو تصرفاتها، وإذا ما ظهر في العلن أو كشف عن تورط الدوحة في أمر يخالف المبادئ التي دأبت جماعة "الإخوان" على تصديرها للناس، كالهجوم على التطبيع، عند زيارة مسؤول إسرائيلي للعاصمة القطرية مثلاً، فإن الأذرع الإعلامية للجماعة تتجاهل التعليق على الحدث ولا تتناوله، وإذا وجدت الجماعة نفسها مضطرة فإنها دائماً تلجأ إلى تبريره، بل أحياناً تسعى إلى إقناع الأمة بأنه يأتي في مصلحتها! بوصلة "الإخوان" تتجه دائماً نحو الدوحة، وصار على كل إخواني، مقيم في أي مكان في العالم، أن يدافع عن قطر وأن يبرر سلوكها وأن يهاجم دائماً الدول التي تعارض السياسات القطرية.

في المقابل فإن الدوحة تقدم دعماً مالياً ولوجستياً واستخبارياً غير محدود إلى الجماعة وتحتضن رموزها وتوفر لهم الحماية وتمنحهم الإقامات والجنسية، وتسعى إلى تبييض وجوههم وتنفي عن التنطيم دائماً صلته بالإرهاب، وتدفع أموالاً طائلة إلى مكاتب المحاماة في العالم لتتبنى قضايا متهم فيها عناصر "الإخوان"، أو للإنفاق على إجراءات حصولهم على اللجوء السياسي في هذه الدولة أو تلك، كما أن المنصات الإعلامية التي أسستها قطر، سواء في الدوحة أم في أنقرة أم في لندن أم في غيرها من مدن العالم، توفر فرص عمل لـ "الإخوان" الفارين خارج دولهم، والمراكز البحثية والمنظمات الحقوقية التي اخترقها "الإخوان" في أميركا وأوروبا تعمل بأموال قطرية وتدافع عن سياسات الدوحة وجرائم "الإخوان" في آن ضد كل الأطراف التي تعتبر الجماعة مجرد تنظيم إرهابي وترى في الدوحة دولة داعمة للإرهاب.

إنها علاقة نفعية بين الإمارة والجماعة تتضمن الاتفاق على توجيه الأذى إلى كل من يكشف علاقة قطر بالإرهاب والإرهابيين. وصلت الحال إلى أن "الإخوان" صاروا يعتقدون أن الجماعة يمكن أن تندثر أو تتصدع أو تفقد ثقلها تماماً، إذا توقفت قطر عن دعم الإرهاب. أما النظام الحاكم في الدوحة فيرى في انتشار "الإخوان" في أرجاء العالم واختراقهم مؤسسات دول وحكومات وتركيبتهم القائمة على تلبية أوامر قادتهم، ما يمكنه من استغلالهم كسفراء أو جواسيس، واستخدامهم في أي وقت للتخديم على السياسات القطرية والإيحاء بأن لدى الدوحة مؤيدين في أنحاء العالم وأن الرأي العام الدولي في صفها.

يمثل "الإخوان" رأس الحربة في الهجوم على السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وهي الدول المعارضة لدعم قطر للإرهاب، حتى أصبح الشخص الإخواني يعتقد أنه لن يدخل الجنة إلا إذا سب قادة الدول الأربع كل صباح، أو بحث في مستنقع "الميديا" الغربية طول النهار عن ما يسيء إلى الدول الأربع وشرع في تسويقه ونشره! كثيرون من الشيوعيين في العالم ظلوا يدينون بالولاء إلى مركز الحكم في موسكو على مدى عقود إلى أن سقطت الشيوعية، وأعداد غير قليلة من الليبراليين مازالوا يجدون في الغرب مصدراً لمبادئ التحرر والليبرالية، لكن القياس مختلف، فلا "الإخوان" ينتمون فكرياً إلى الدوحة، ولا قطر بالأساس تملك عقيدة فكرية بعينها، لكنه تحالف يعتقد كل من طرفيه أن بقاءه صار مرهوناً بدعم الآخر وكذلك توجيه الأذى إلى الآخرين!

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإمارة والجماعة الإمارة والجماعة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon