توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قرار العمر

  مصر اليوم -

قرار العمر

بقلم : جميل مطر

 ليس منا من لم يتخذ قرارا. اجتمعنا كعادتنا الأسبوعية وجلست كعادتى المحببة إلى نفسى أراقب سلوك الأطفال. بين أطفالنا فى هذه الاجتماعات من لا يزال يرضع وبينهم من يداوم على قضاء بعض يومه خلال الأسبوع فى الرياض أو ما فى حكمها. أراقب السلوك لأرضى شغفى بزيادة ما أعلم عن النفس البشرية. أراقب الكبار أيضا. أراقبهم فى مواقع العمل وفى الشوارع وعلى الشواطئ وفى المظاهرات مركزا فى السنوات الأخيرة اهتمامى على لحظة اتخاذ الفرد قرار. اعترف بأن الأطفال يثيرون اهتمامى أكثر مما يثيره الناضجون. مفيد جدا ومثير أيضا سلوك طفل لم تسعفه ذاكرته البسيطة باتخاذ قرار لم يتخذ مثله من قبل. هذا الطفل سوف يمد يده إلى مفرش المائدة يجره ناحيته دون أن يسبق هذا القرار تفكير أو نظرة استشارة من كبير أو كبيرة تقف إلى جانبه. عواقب هذا القرار غير المدروس بعناية قبل اتخاذه قد تكون جسيمة. قد ينزلق إناء طعامه عليه فيغرق ملابسه ويؤلم جلده بسخونته. وقد تصدر من أمه صرخة تذهله أو تزعجه. هذا الطفل نفسه سوف يفكر طويلا قبل أن يحاول مرة أخرى سحب المفرش إلى ناحيته. تراه ينظر إليك متخابثا أو مستأذنا، وتراه يختبر استعداد المفرش للاستجابة له، وترى عينيه تلمعان، وفى النهاية قد يقرر سحب المفرش مغامرا ومتحديا أو يقرر عدم سحبه تفاديا للعواقب التى لا شك يذكرها.

الطفل يكبر وفى الغالب ينضج. يصير شابا يافعا يظن أنه اكتسب خبرة فى اتخاذ قراراته تضمن له السلامة بقية حياته. لا يعرف أن الحياة قرار بعد قرار. كل خطوة تحتاج إلى قرار لتخطوها. نخطو الثانية بسهولة وبساطة، فهى ليست مثل أول خطوة خطوناها حين وقعنا وتألمنا وبكينا حتى جاء من يسعفنا ويحتضننا ويشجعنا لنكرر المحاولة. ليست كل القرارات التى نتخذها ونحن كبار لها قرائن جربناها ونحن صغار.

قالت: أتيت إليك لتشير على وترشدنى. تعرفنى امرأة لا تفكر كثيرا قبل اتخاذ القرار. كنت تظننى مغامرة؟ نعم أنا مغامرة. لا أحب الطرق الممهدة ولا السهول الممتدة ولا شواطئ الرمال الناعمة. أحب الرجل الخشن، ولكنى أكره من يظن فى نفسه الرغبة أو القدرة على ترويضى. يعتقدون خطأ أننى مثل بقية النساء قابلة للتغيير وإعادة التشكيل. يبدو أننى أثرت فى كل واحد عرفته عقدة الرجل المرسل من العناية الإلهية لإصلاحى. حتى أنت نفسك جربت حتى اقتنعت. الآن أنا فى مأزق. ولذلك جئت إليك.

أشعلت سيجارتها الثالثة ثم نهضت من مقعدها. ظننت أنها بدلت رأيها فقررت ألا تصارحنى بما جاءت من أجله وانتوت المغادرة، لكنها راحت تقطع الغرفة ذهابا وإيابا. سحبت آخر نفس من السيجارة قبل أن تطفئها وتجلس. تركتها لتهدأ وتختار من أين تبدأ ومتى. قضيت الدقائق أتذكر مناسبة لقائنا الأول وما دار فيه من حديث. أذكر أن جل حديثنا كان عن الرجال وكيف أن جميع تجاربها معهم كانت قصيرة الأجل. هى ترفض العلاقة الطويلة لأن الرجل يتخيل عندئذ أنه حاز عليها فصارت له. هناك مزايا عديدة فى العلاقة القصيرة. ففى هذه العلاقة يعرض كل طرف أحسن ما عنده ويجدده. كل طرف يبقى مجاملا مراعيا الأصول مستجيبا ما أمكنه للرغبات المعقولة محاصرا ما استطاع المكبوت فى داخله من عنف وعناد وغرور وما شابه. الطرفان يعرفان أن علاقتهما قصيرة وبديعة ويجب أن تظل بديعة وإلا فلا لزوم لها.

نظرت إليها فأشاحت بوجهها حتى لا أرى دمعة استطاعت أن تحطم القيد لتنساب على الخد. كانت منذ تعارفنا تتباهى أمام النساء بأنها المرأة التى لم تبك يوما أمام رجل، ولن تبكى. دمعة اليوم تسللت مستترة وأقوى الدموع ما استتر. مدت يدها إلى مفتاح النور فخفت ضوء الغرفة وتكلمت. خرجت الكلمات فيما يشبه الهمس وكان يجب أن أسمع، ففى مثل هذه الحالات لا يصح طلب التكرار. قالت، أو همست قائلة، أحب رجلا لا يحبنى وقررت أن أتزوجه. أحبه حبا بفضله أدركت أننى لم أحب غيره من قبل. صرت اسأل عن اسم هذا الشيء الذى كنت أشعر به ويشدنى إلى هذا الرجل أو ذاك. ألم يكن حبا؟ أم كان نوعا من حب تعددت أنواعه. كنت أنت من أقنعنى بأن للحب نكهات ومذاقات تختلف باختلاف أشخاصه واختلاف حجم المخزون من العواطف والفروق العمرية وما خلفته لحظات الاستمتاع. أذكر أيضا أنك أقنعتنى بأن أنواع الحب لا تتناقض أو تتنافر إلا فى حال حلت شهوات الامتلاك محل بدع الحب.

هذا الرجل أبغى وجوده معى فى علاقة طويلة. أبلغته بحبى له فهز رأسه موافقا. لم يقابل كلمات حبى بكلمات من عنده. أنا التى كان الرجال يغدقون عليها الحب بلغات عديدة، بعضهم أبدع فى التعبير والتصوير وبعضهم حملنى مع حبه لى إلى مراتب أبطال الأساطير. كنت تقول لى لا تقربى رجلا يقدس الحب حقيقة وفعلا. الآن أنا أحب رجلا ربما كان أحد هؤلاء الذين يقدسون الحب. أعترف بأنه الرجل الذى أرشدنى إلى الحب، وتركنى هناك.

لا. لا. لن أبقى وحدى هناك. لقد تغيرت بما فيه الكفاية. تنازلت من أجله عن عقيدة العلاقات القصيرة الأجل. اخترت الاستقرار وأعلنت عزمى التوقف بعد هذا القرار عن سلوك المغامرة وركوب الصعب. فليكن قرار زواجى برجل أحبه ولا يحبنى آخر مغامراتى. أعدك بالتزام نصيحتك. أعدك بأن أفكر كثيرا قبل اتخاذ قرار آخر بعد هذا القرار.

نقلا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قرار العمر قرار العمر



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon