توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عمليات التسليم العقلى

  مصر اليوم -

عمليات التسليم العقلى

بقلم - عبدالناصر سلامة

أستطيع التأكيد على أن الأزمة الخطيرة، التى يمر بها اليمن الشقيق الآن، سوف تكون حاضرة فى مباحثات ولى عهد السعودية، الأمير محمد بن سلمان، خلال زيارته الحالية لمصر، ذلك أن اليمن أرضاً وشعباً يمثل أهمية قصوى للأمن القومى المصرى، مثلما يمثل للسعودية سواءً بسواء، ناهيك عما تمثله كحضارة تليدة، ودولة واعدة، وهو ما جعله دوماً محط أنظار البعض، ممن يرون أنهم أمام لقمة سائغة يمكن هضمها ببعض المحفزات.

فى ستينيات القرن الماضى دارت مواجهات مصرية- سعودية، مباشرة وغير مباشرة على الأراضى اليمنية استمرت لعدة سنوات (١٩٦٢-١٩٦٧)، بعدها ظل اليمن ينقسم إلى دولة شمال ودولة جنوب، لمدة ٢٣ عاماً، إلى أن أصبحتا دولة واحدة تحت اسم «الجمهورية اليمنية» عام ١٩٩٠، كانت هذه الوحدة بمثابة انتصار للعقل اليمنى فى ذلك الوقت، نالت تقديراً عالمياً، حتى من بريطانيا، التى كان الجنوب (عَدَن) يمثل لها أولوية قصوى طوال فترة الاستعمار التى بلغت ٩٨ عاما (١٨٣٩- ١٩٣٧)، إلا أنه بدا واضحاً أن ذلك لم يكن يروق لبعض عواصم المنطقة، التى تخشى أن ترى اليمن قوياً لأسباب نفسية، لا أكثر من ذلك ولا أقل.

لم تستطع الجمهورية اليمنية أن تكون ضمن منظومة مجلس التعاون الخليجى، التى تم إنشاؤها عام ١٩٨١، ذلك أن بعض دول الخليج، التى تخشى وحدة اليمن، تنزعج فى الوقت نفسه من تعبير (الجمهورية)، وسط أنظمة ملكية أو عائلية، مما جعل المملكتين الأردنية والمغربية أقرب إلى منظومة المجلس بصفة مراقب، عن اليمن الحارس الأمين لجنوب غرب شبه الجزيرة العربية، إلا أن ذلك لم يشكل أى أزمات نفسية بالنسبة لليمنيين، الذين كانوا يرون طوال الوقت أنهم أصحاب حضارة تؤهلهم للتفرد والاستقلال، بل كانوا طوال الوقت يسعون إلى علاقات سلام مع الدول المجاورة، حتى إنهم لم يحملوا السلاح يوماً ما، لاسترداد جزء كبير وعزيز من أرضهم فى جيزان ونجران وعسير.

ما يثير الدهشة هو أن اليمن لم يعد مسموحاً له، عربياً، أن يقرر مصيره، أو أن يقرر ديانته، أو حتى مذهبه، لمجرد أنه ينتمى للعرب والإسلام، ولو كان غير ذلك لما استطاع أحد أن يتجرأ عليه، كان الاستعمار الغربى فى سالف الزمان يتواجد عسكرياً فى هذا البلد أو ذاك، إلا أنه لم يسْعَ ذات يوم إلى فرض هذا الدين أو ذاك المذهب، الأزمات العربية الحالية فى معظمها أصبحت كذلك، تدخل سافر فى الشأن الدينى والمذهبى لم يكن مسبوقاً فى العالم فى أى من العصور، وهو الأمر الذى ينذر بمزيد من النكبات والانكسارات المتعلقة بمزيد من تقسيم المقسم وتفتيت المفتت، الذى فشل الاستعمار فى القيام به ذات يوم.

مخطط تقسيم اليمن إلى شمال وجنوب لم يعد سراً، يسير الآن على أرض الواقع بخطى ثابتة، بذرائع لم تضع الشعب اليمنى نفسه فى الاعتبار، لم تضع إرادته فى الحسبان، وهو ما سيجعل الفشل أمراً لا مفر منه فى المستقبل، حتى وإن كان الاهتمام يدور حول الجنوب تحديداً، أى تنميته واستقراره على حساب الشمال، واعتماده فى المستقبل ضمن المنظومة الخليجية دون الشمال، المخطط أصبح معلناً أيضاً بإقامة أربع قواعد عسكرية هناك، وهو الأمر الذى يجعلنا أمام دولتين عدائيتين (شمال وجنوب)، سوف تدور المواجهات بينهما طوال الوقت من جهة، ومن جهة أخرى فإن شعب الجنوب على المدى البعيد لن يمكنه القبول بمثل ذلك الاستعمار الجديد، ليظل هاجس الوحدة ماثلاً، على اعتبار أن الشمال رغم فقره، إلا أنه الكيان المستقل.

أعتقد أن أى عاقل أو منصف، كما أى ضمير عربى، لا يجب أن يقبل ذلك الذى يجرى فى اليمن الآن، أكثر من عشرة آلاف قتيل من المدنيين هناك منذ بدء القصف- عربياً للأسف - فى مارس ٢٠١٥، أكثر من مليون أصيبوا بالكوليرا، نتيجة تلوث مياه الشرب، أكثر من ثلاثة ملايين نازح، البنية التحتية فى اليمن تم تدمير معظمها، المدارس والمستشفيات والأبنية الحكومية والمناطق الأثرية والأسواق وحتى المساجد لم تسلم من القصف، آلاف الألغام الأرضيّة سوف تحارب اليمنيين لسنوات وعقود مقبلة، تحذيرات الأمم المتحدة بشأن تردى الأحوال المعيشية، وتحذيرات منظمة الأغذية والزراعة بشأن نقص الغذاء، وتحذيرات منظمة الصحة العالمية بشأن نقص الدواء، كما تحذيرات اليونيسيف بشأن الأطفال، كلها لم تجد آذاناً عربية صاغية، فى النهاية نسمع بين العرب من يتحدثون عن مصلحة الشعب اليمنى، على اعتبار أنهم أدرى بشعابها!!.

آمل من دبلوماسية القاهرة أن تضع المصلحة العربية العليا فوق أى اعتبار، مصلحة اليمنيين كذلك، الأمن القومى للمنطقة ككل، كما آمل أن تتجه الصياغة السعودية نحو مزيد من الاندماج مع الشعوب لما فيه استقرار المنطقة مستقبلاً، ذلك أن الأطماع الخارجية تتعاظم، لا تستثنى أحداً، وهو ما يوجب نشر عقيدة التسامح وليس العكس، التكتلات وليس العكس، الوحدة وليس العكس، ليقرر اليمنيون مصيرهم بأنفسهم كما يشاءون، السوريون أيضاً، العراقيون كذلك، زمن الوصاية أصبح من الماضى، لم يعد يقبلها أفراد الأسرة الواحدة، ما بالنا بالأمم الحرة المستقلة، التى كان الشعب اليمنى فى طليعتها، منذ أن كان موحَّداً فيما قبل الرسالات السماوية، وموحِّداً فيما بعدها، بخصوصية فريدة، بفعل الحضارة الفريدة أيضاً

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عمليات التسليم العقلى عمليات التسليم العقلى



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon