بقلم - أحمد عبدالتواب
سيظل الخلاف دائراً ومُحتدِماً حول مَن وماذا دفع المصريين إلى الخروج بعشرات الملايين فى 25 يناير 2011 ضد مبارك ونظامه ورجاله وعائلته، وحول حقيقة التدخلات الصغيرة والكبيرة ومدى تأثيرها فى تحفيز الجماهير على الخروج، وكذلك حول مَن تحصَّل أكثر وأسرع على الفوائد التى وفرتها الانتفاضة. ولكن يبقى الجوهر العظيم للحدث، أنه بصرف النظر عن كل هذا، فهناك حقيقة ساطعة عن صحة الوعى العام لهذا الشعب، أمام مشهد الأغلبية الساحقة من المصريين الذين استمروا فى واحدة من أروع الانتفاضات السلمية فى التاريخ الإنسانى فى إصرار على رحيل مبارك، واثقين أن الممكنات الكامنة لديهم توفر بدائل أفضل، حتى بعد أن نجح النظام فى طمس ما عداه.
وكشأن الأحداث الكبرى فى تاريخ كل المجتمعات، فقد انطوى 25 يناير على نتائج متعددة أكثرها لم تتوقعه الملايين المشارِكة فى الثورة، ومنها نتائج سلبية وخطيرة، مثل تمكن جماعة الإخوان من الاستيلاء على السلطة والعمل على تأسيس حكم دينى يرتد بالبلاد إلى العصور الغابرة! وأما الجانب الذى تمناه الثائرون فقد تحقق منه بعض البنود أهمها القضاء على كابوس توريث الحكم من مبارك إلى نجله، ورؤية مبارك ورجاله وراء القضبان، ثم ما وقر فى الوعى العام من أنه من المستحيل إدانتهم بقوانينهم، بما يعنى أنه صار على عاتق أجيال من المهمومين بنهضة هذه البلاد أن يعملوا بكل الجدية لإصلاح التشريعات المعيبة التى منها ما يُحصِّن الفاسدين ثم يجد لهم مخرجاً بالمصالحات إذا توافرت الأدلة ضدهم.
وقد جعلت 25 يناير المصريين يكتشفون فى أنفسهم أن همتهم وافرة، وأن قدراتهم أقوى مما كانت بادية، وكان أوضح دليل على هذا رفضهم وإفشالهم مؤامرة الإخوان الذين سعوا بقوة السلطة إلى فرض سطوتهم على كل شىء والتفرقة بين المواطنين حسب دياناتهم، فكان اليوم المجيد التاريخى 30 يونيو، الذى لولا الجيش ما كان يمكن تحقيق خطوة أخرى عملاقة تحمل أحلاماً عظيمة لا يمكن لها أن تتجلَّى على الأرض إلا باتفاق شعبى على الأولويات، مع اليقظة والعمل والصبر.
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع