توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الغالبية الصامتة والسياسة في مصر

  مصر اليوم -

الغالبية الصامتة والسياسة في مصر

بقلم - عزمي عاشور

يشير تاريخ السياسة في مصر إلى أنها علاقة جدلية بين الدولة القوية، أياً كان شكلها، والمجتمع، ممثلاً بأغلبيته الصامتة وليس قواه السياسية، بدءاً من ثورات الفلاحين أثناء حكم المماليك ومروراً بتنصيب محمد علي باشا حاكماً من قبل نخبته المجتمعية في بدايات القرن التاسع عشر. وتبقى الثورة العرابية (1881) نقلة نوعية في حراك هذه الطبقة من الشعب إذ خرجت دعماً لابنٍ من طينتها، وهو يواجه الحاكم، الخديوي توفيق، ثم الإنكليز القادمين بجيوشهم لاحتلال البلاد. وقيمة هذه الثورة ليست في الموقف الذي اتخذته تجاه هؤلاء، وإنما في التأثير الذي تركته في أوساط طوائف المجتمع المصري في ذلك الوقت، سواء كانوا تجاراً أو مثقفين أو إقطاعيين أو فلاحين.

وإذا كان الإنكليز انتصروا على أرض الواقع على الثورة العرابية، إلا أن النتيجة بعيدة المدى تمثلت في أنها جدّدت فكرة الوعي بالوطن مستعيدة مقاومة الفرنسيين في فترة احتلالهم لمصر (1798-1801) ومواجهتهم الإنكليز في موقعة رشيد في 1807 وردهم إلى عرض البحر. فالوعي بأهمية الوطن نبَت بالأساس داخل هذه الطبقات وأثمر نشأة الصحافة والتعليم المدني، ومن ثم نشأة جيل متعلم تعليماً حديثاً بدَت قمة تأثيره في بعث النضال الوطني مع ثورة 1919 والتي كان بطلها أيضاً، إضافة إلى هؤلاء المتعلمين، هذه الأغلبية الصامتة التي هبّت في مختلف أنحاء مصر ضد الاحتلال.

وكان لذلك تأثير إيجابي على تطور المجتمع بصدور دستور 1923 ونشأة الحياة الحزبية التي برز فيها حزب الوفد الذي تجلت قوته الأساسية في تعبيره عن آمال هذه الطبقة، فكان حزب الفقراء قبل الأغنياء وملاذاً للوطنية التي تجسّدت بالأساس في نضال هؤلاء البسطاء عبر تاريخها. وإذا كانت هناك تعددية سياسية وانتخابات في هذه الفترة، فالذي أعطاها قوة الدفع ليس التعددية في حد ذاتها وإنما هذا الزخم الذي تركه حزب الوفد بدعمه هذه الطبقة التي كان يمثلها سعد زغلول المتصل في النشأة والتكوين الريفي بأحمد عرابي. فالاثنان أتيا من قلب هذه الأغلبية الصامتة التي كانت مغلوبة على أمرها، وتبوءا المكانة الاجتماعية بالالتحاق بمؤسسات الدولة، سواء على طريقة عرابي الذي التحق بمؤسسة الجيش وتدرّج في الترقي داخله، أو سعد زغلول الذي نقله التعليم الحديث من قلب الريف ليصبح رمزاً للوطنية في أنصع ملامحها.

وإذا كان المصريون حكموا أنفسهم عقب ثورة 1952، بصرف النظر عن سلبيات الحكم، فإن السياسة في هذه الفترة تمحورت حول هذه الكتلة أيضاً وتحركها وراء الزعيم الوطني، ممثلاً بجمال عبدالناصر ثم أنور السادات الذي جاء بالتعددية الحزبية، من دون القدرة على الخروج من عباءة الحزب الحاكم الذي استخدم الدولة بمؤسساتها لتكون صورة له في الحكم، فلم يكن هناك تكافؤ فرص أمام الأحزاب الأخرى لتنافسه.

ولكن، لماذا لم تتبلور في مصر، على رغم هذا التاريخ، فكرة تداول السلطة؟ الإجابة يمكن تلمسها من الفترة التي أعقبت ثورة 25 كانون الثاني (يناير)2011، فعلى مدار السنوات السبع الماضية، بات في مصر ما يفوق المئة حزب من دون أن يكون هناك لأي منها تمثيل حقيقي داخل المجتمع. وسبب ذلك أن رمانة الميزان في السياسة في بر مصر على مدار المئتي سنة الماضية كانت تكمن في هذه الكتلة الصامتة، فمن يستطيع أن يكسبها يكون هو المنتصر، وكان أكثر من استخدمها الدولة بمؤسساتها في فترات كثيرة، إلا إن خروجها تحت شعارات وطنية كان هو الأبرز سواء في القرن التاسع عشر والقرن العشرين وحتى عندما حدث حراك 25 كانون الثاني 2011 ثم 30 حزيران (يونيو) 2013.

وإذا كان لثورة كانون الثاني شبابٌ قادها وحركات اجتماعية تسيّدت المشهد، فذلك وحده لم يكن كافياً من دون خروج الكتلة الصامتة إلى الميادين ومطالبتها بعزل حسني مبارك، ثم مطالبتها بعزل محمد مرسي. وهذا الانكشاف للدور القوي الذي تلعبه الكتلة الصامتة يظهر في الوقت الحالي مع الانتخابات الرئاسية المصرية، فالسيسي الذي يُرشح نفسه لفترة ثانية، تقف معه هذه الأغلبية الصامتة في مقابل مرشح آخر سيحصد أصواتاً مِن داخلها أيضاً. وذلك يفسر ما حدث على مدار الشهرين الماضين لهؤلاء الذين ظهر مَن ترشح مِنهم ومَن أحجمَ ومَن أراد أن يكون في المشهد حتى لو بالمقاطعة، في صورة باهتة. قد يبدو ذلك، سياسياً، أمراً غير صحي، ولكن عند قراءة التاريخ المصري، بالمحطات الخطرة التي مرت به، نجد أن خيارات هذه الكتلة كانت صائبة، خصوصاً في ظل وجود قوى سياسية ودينية لا تهتم بقيمة الاستقرار.

 

 

 

نقلا عن الحياه اللندنيه

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغالبية الصامتة والسياسة في مصر الغالبية الصامتة والسياسة في مصر



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon