توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الغالبية المتحركة وضعف الأحزاب التقليدية المصرية

  مصر اليوم -

الغالبية المتحركة وضعف الأحزاب التقليدية المصرية

بقلم - عزمي عاشور

اتسمت الحياة الحزبية المصرية، على مدار ما يقرب من مئة سنة، بسمات وخصائص أبرزها هيمنة وسيطرة حزب واحد داخل المجتمع مع وجود أحزاب أخرى صغيرة تعجز أن تأخذ شعبيته مثلما حدث مع حزب الوفد في الفترة من 1923 وحتى 1952، أو بهيمنته في حالة الاتحاد الاشتراكي في عقدي الخمسينات والستينات من القرن الماضي أو الحزب الواحد المهيمن المرتبط بمؤسسات الدولة ونظام الحكم حالة الحزب الوطنى الديموقراطي في عقدي الثمانينات والتسعينات والعقد الأول من القرن الحالي. وبمجيء ثورة 25 يناير تأكدت الحقيقة المهمة المرتبطة بالأحزاب السياسية وهو خواؤها وضعفها حتى مع الحزب الذي كان يحكم ومع المعارضة. وإذا كان الإسلاميون فازوا بأحزابهم بأغلبية برلمانية في أول انتخابات بعد الثورة إلا أن ظاهرة الأحزاب الإسلامية لا يمكن القياس عليها بكونها أحزاب حقيقية؛ لأن الذي فاز التنظيم الديني وليس الحزب السياسي الذى كان ديكوراً سواء مع جماعة الإخوان المسلمين أو السلفيين. فكان طبيعياً أن يسلكوا في تجربتهم القصيرة نهج النظام السابق لهم في سطوته وجبروته حتى لو كانت الانتخابات التي جاءت بهم اتسمت بالنزاهة عكس فترة ما قبل الثورة التي كان يغلب على انتخاباتها التزوير. والمصريون هنا لم يتخذوا موقفاً مسبقاً من الإسلاميين برفضهم، فهو أثبت معهم حسن النية سواء في الاستفتاء على الدستور في آذار (مارس) 2011 أو في الانتخابات البرلمانية التي كشفت بفوزهم بها بالغالبية وجهاً غير مألوف للمصريين؛ ما انعكس بسرعة في الانتخابات الرئاسية التي أجريت بعد البرلمانية بستة أشهر فبدأ التأييد لهم يقل تدريجياً برغم فوزهم بمقعد الرئاسة بفارق ضئيل.

وشهد مجمل التفاعلات التي حدثت عقب ثورة يناير تطورات ونقلة نوعية في عملية الانتخابات أولها؛ حدوث طفرة في عمليات التصويت التي كانت مقيدة لارتباطها ببطاقة التصويت وليس رقم الهوية الذي يحمله كل من وصل سنه إلى ثماني عشرة سنة من المصريين. وهذا الإجراء هو من الحقوق الدستورية التي لا تجب إعاقتها بأي إجراءات إدارية كما كان يحدث في السابق. أما التطور الثاني فكان الالتزام بالإشراف القضائي والتأمين الجيد للعملية الانتخابية، ما جعلها تخرج في شكل يرضي الجميع. وثالثاً؛ ظهرت فاعلية الغالبية التي كانت تسمى صامتة غير المرتبطة بأحزاب سياسية، استطاعت هذه الغالبية أن تكون هي صاحبة الصوت الأعلى والعامل الخفي في إحداث التطورات التي تحدث في المجتمع المصري وفقاً للآتي: إن هذه الغالبية هي التي صعدت بالإسلاميين ومنهم «الإخوان» إلى السماء ثم قذفت بهم على الأرض بعد ذلك، حالة الانتخابات البرلمانية الأولى. وهذه الغالبية نفسها هي التي صوَّتت ضد «الإخوان» حتى لو كان المرشح من أنصار النظام الذي قامت الثورة ضده لمجرد أنها في ستة أشهر لم تستطع أن تتحمل هذا الشكل الذي ظهر به الإسلاميون في السلطة بحالة التقعر في التدين وادعاء امتلاك الحقيقة. فتقريباً نصف الذين شاركوا في الانتخابات الأولى عقب ثورة يناير ذهبت أصواتهم إلى أحمد شفيق. ثم أخيراً ظهور هذه الغالبية بشكل مؤثر في ثورة 30 حزيران (يونيو). أما التطور الآخر فمرتبط بالأحزاب السياسية القديمة؛ فقد غطت هذه الغالبية المتحركة على هذه الأحزاب التي ظهر معظمها وهو يحاول أن يستوعب ويلحق بما يقوم به شباب الثورة، فهذا الحراك المجتمعي ظهر بشكل كبير في ثورة 25 كانون الثاني (يناير) عن طريق الحركات الاحتجاجية ومنها «كفاية» التي كان نجاحها في الفترة السابقة للثورة خير دليل على فشل الأحزاب التقليدية وانعدام دورها وفاعليتها في المجتمع، وهو ما انعكس بعد ذلك على نتائح التصويت التي حصلت عليها هذه الأحزاب في الانتخابات البرلمانية بعد الثورة فكانت نتائجها مخزية مقارنة بما حصل عليه «الإخوان» والسلفيون.

ولم تخرج نتائج هذه التفاعلات السياسية للانتخابات البرلمانية التي أجريت عام 2015 عن هذا السياق، فالفائز لم يكن أياً من الأحزاب التقليدية ولا حتى الحديثة وإنما هو تيار الكتلة المتحركة؛ الصامتة سابقاً، أياً كان التمحور الذي تتمحور حوله. وهنا لم يكن لطبيعة النظام الانتخابي الذي يغلب عليه النظام الفردي الدور وإنما لطبيعة العوامل التي سبق شرحها، وهو الأمر الذي يعيدنا إلى بداية ما بدأنا به، لماذا هذا التمحور حول حزب الغالبية في الفترة الليبرالية برغم أنه كان حزباً مناوئاً للملك والدولة ثم التحول إلى الحزب أو التنظيم الذي يستمد شرعيته من الدولة والنظام الحاكم ثم العودة إلى الحزب المرتبط بالرئيس الحاكم أو ما حدث من تطورات جديدة بعد الثورة حاول الإسلاميون السير فيها على نهج النظام السابق بأن يكون الحزب هو حزب الحاكم ولكنهم فشلوا. وكل هذه الأشكال التي ظهرت في الحياة الحزبية وتمحورها حول حزب حاكم رئيسي يجعلنا نسأل أيضاً السؤال الآتي هل بالفعل ظاهرة الأحزاب السياسية والخاصة بالسلبيات الموجودة بها في مجتمع كمصر، تجاوزتها التطورات بدليل أن الثورات كانت ثورات المجاميع غير الحزبية كالحركات الاجتماعية وغيرها، والأداء الضعيف في الانتخابات للأحزاب في مواجهة تحركات الكتلة الصامتة التي لا يمكن أن يسيطر عليها أحد فى حالة تحركها، فمحركها الأساسي هو الاقتناع بما يعرض عليها ويحقق مصالحها، فهي كانت مع «الإخوان» ثم تخلت عنهم وهي الآن ليس مع الأحزاب وإنما مع النظام الجديد ولكن من يضمن أنها لن تغير وجهة بوصلتها مرة ثانية إلى من ترى أنه هو الذي يحمي ظهرها ويهتم بمشاكلها.

هذه كلها تساؤلات مطروحة حول الحياة الحزبية في مصر وتفاعلات المجتمع، فهل الأحزاب تستطيع أن تدرك السلبيات التي تجعلها في هذا الموقف المحرج وتعالجها أم أنها سوف تدور في فلك ضعف الإمكانيات والقدرات، وإذا كان هذا صحيحاً، فلماذا لا تبدأ من الآن ببناء قاعدتها الجماهيرية بالتدريج باكتساب أرضية من الكتلة الصامتة التي لديها استعداد أن تتحرك مع من يحقق لها مطالبها حتى لو كان ذلك تنظيماً راديكالياً مثلما حدث في البداية مع «الإخوان».

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغالبية المتحركة وضعف الأحزاب التقليدية المصرية الغالبية المتحركة وضعف الأحزاب التقليدية المصرية



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon