توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فصل مفقود فى «حكاية وطن»

  مصر اليوم -

فصل مفقود فى «حكاية وطن»

بقلم - أمينة خيري

فى ضوء غياب الدراسات الميدانية وتقلُّص الاستقصاءات الحقيقية أقول إن قلة قليلة فى مصر متضررة من الغياب «المتعمد» لتطبيق القانون. هذه القلة هى التى يحترق دمها ويعلو ضغطها ويتعكر مزاجها بمشاهدة أحدهم سائراً عكس الاتجاه بأقصى سرعة مع وجود ونش «إدارة المرور» على مرمى حجر منشغل سائقه بشرب الشاى وغارق ضابطه فى مكالمة ما عبر هاتفه المحمول. وهذه القلة القليلة هى التى تضرب كفاً بكف وتفرك عينيها غير مصدقة حين تعايش دفاعات عرجاء من قبل مواطنين يفترض أنهم متعلمون ومتنورون ومثقفون وهم يدافعون دفاعاً مريراً عن الغلط القاتل تحت مسميات عدة تتراوح بين «جرى إيه يعنى؟» و«هىَّ جت علىَّ؟» و«إيه المشكلة يعنى؟».

المشكلة التى تنجم عن إيقاف السيارات نهاراً جهاراً صفوفاً ثانية وثالثة ورابعة مع السماح لمرور السيارات فى حارة واحدة (هذا إذا لم يقرر عفريت من عفاريت الأسفلت أن يحمل ركاباً بعرض الحارة المتبقية)، وذلك فى مقابل دفع إتاوة لأمين الشرطة تتراوح بين عشرة و20 جنيهاً، والأزمة المتولدة من عدم تواجد إدارة المرور بكثافة وتسيير السير بحماسة ورفع السيارات المخالفة بضراوة إلا فى حالة مرور الرئيس أو وزير من الوزراء، والرسالة الصادرة عن نسبة كبيرة من سائقى التاكسى الأبيض الرافضين تشغيل العداد مع رد أمين الشرطة على المستجير «وأنا أعمل إيه يعنى؟ اركب أتوبيس!»، وتقاعس ضباط قسم الشرطة عن تحرير محضر لمواطن تعرض لسرقة ثم اعتداء بالضرب من قبل سائقى سيارة «سوزوكى» مرخصة ملاكى وتعمل أجرة دون رقيب أو محاسب، وذلك «لأن المواطن لم يلتقط رقم السيارة»، والكارثة التى تنجم عن التعامى عن إلقاء القمامة فى عرض الطريق والتخلص من مخلفات الهدم على الطرق السريعة وترك معاتيه الطريق ينتحرون ويقتلون من حولهم دون أدنى شعور بالمسؤولية.. وغيرها الكثير - قادرةٌ على أن تُحوِّل «حكاية الوطن» من قصة نجاح وطن ومواطنيه إلى فشل وانتحار وطن ومواطنيه.

يقول عنوان الخبر: «مصرع 3 وإصابة 4 فى طريق صلاح سالم». ويشير المتن إلى أن ثلاثة مواطنين لقوا مصرعهم وأصيب 4 آخرون بعد انقلاب سيارة ملاكى فى شارع صلاح سالم وذلك بعدما اختلَّت عجلة القيادة فى يد السائق بسبب السرعة الزائدة. وعلى الفور انتقل رجال المرور إلى موقع الحادث وتم رفع آثاره وتسيير الطريق». تحوُّل رجال إدارة المرور من رجال مهمتهم تطبيق القانون الذى يحظر تعدى سرعات بعينها، والقيادة الجنونية، والسير عكس الطريق.. إلخ، إلى «حانوتية» بات سمة من سمات مصر.

سمات مصر الحالية تشير إلى «حكاية وطن» يتحدَّى صعاباً غير مسبوقة ويصارع الزمن لتأسيس بنية تحتية خرجت إلى النور فى زمن قياسى، حيث طرق ومدن ومشروعات.. وغيرها، لكنها تشير أيضاً إلى شعب تحوَّل معظمه إلى انتحاريين. الانتحارى ليس الذى يُفجِّر نفسه فيمن يعتبره عدواً فقط، أو الذى يُفخِّخ سيارته فيمن يعتبرهم كفاراً وزنادقة ظناً أنه حتماً ذاهب إلى الجنة وهم محترقون فى النار، لكن الانتحارى هو ذلك المتقاعس عن أداء عمله، والمتهاون فى تطبييق معايير الأمان، والضارب بالقانون عرض الحائط، والساكت على من يضرب بالقانون عرض الحائط دون توقيف أو مساءلة.

ونعود إلى القلة القليلة غير القادرة على الاندماج والتعايش مع الغالبية الانتحارية. هذه القلة ليست بالضرورة تلك القابعة على قمة الهرم الاجتماعى أو الاقتصادى، ولا هى تلك التى تلقت تعليماً فى بلاد تحترم القانون وتطبقه على الجميع حيث الحق والعدل سمة الحياة فقط، لكنها قلة شاءت السماء ألا تنجرف وراء شهوة الغوغائية أو إثارة العشوائية. وهى القلة التى لم تتجرَّع «فخفخينا» التأسلم، حيث إن العقاب فقط لمن ارتدى ملابس لا تطابق مقاييس الأيزو الخاصة بهم، أو من خطا المسجد بقدمه اليسرى، أو من لم يردد دعاء ركوب المصعد، أو من اعترض على لطع عبارة «صلى على النبى» على جدران الممتلكات العامة، أو من يشد شعره من أصوات ميكرفونات الأذان المتناحرة والصادرة عن مؤذنين يمتلكون أصواتاً تجرح الآذان وتنفر القلوب. أما ما عدا ذلك من توافه الأمور، من السير عكس الاتجاه أو القيادة الجنونية أو احتلال الرصيف أو الإفتاء فيما يضر ولا ينفع، فجميعها أمور بسيطة تافهة لا تستحق العقاب.

عقاب المصريين الدنيوى الحقيقى هو ما نعيشه اليوم، ليس من غياب القانون الضامن للحق والعدل فقط، لكن فى قبول الأغلبية - بمن فيها القائمون على تطبيق القانون - هذه الحياة وكأنها العادية الاعتيادية المعتادة. «حكاية وطن» لن تكلل بالنجاح إلا بإصلاح ما ضرب العنصر البشرى بقوة. الشعوب المتدينة لا تقبل بالغوغائية والعشوائية أسلوب حياة. والمواطنون الطيبون الغلابة لا يرتضون بالبلطجة أسلوب حياة. والقضاء النزيه والشرطة التى فى خدمة الشعب لا ينبغى أن تترك الشعب يأكل نفسه ويأكلها فى الطريق.

«حكاية وطن» لن تكتمل إلا بعودة الحق الذى خرج ولم يعد، وتطبيقه بعدل يتحدث عنه الجميع ولم يره أحد. هذه مطالب القلة القليلة غير القادرة على اعتياد الغوغائية والتعايش مع العشوائية. هو فصل مفقود فى «حكاية وطن».

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فصل مفقود فى «حكاية وطن» فصل مفقود فى «حكاية وطن»



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon