توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إعادة هيكلة أدمغة المجتمع

  مصر اليوم -

إعادة هيكلة أدمغة المجتمع

بقلم - أمينة خيري

بعد ثمانى سنوات من الحلم والكوابيس، ومحاولات التغيير وجهود الاستلاب والسيطرة والسرقة، وقفزة الإنقاذ وبعدها هرج السياسة ومرج التنظير، مع كثير من اللف والدوران فى دوائر مغلقة من التفرغ التام لتبادل الاتهامات، أقول- وكلى ثقة واطمئنان- إن العنصر البشرى فى حاجة ماسة وعاجلة وآنية لإعادة الهيكلة.

إعادة هيكلة وإصلاح وتنقية الهيئات والمؤسسات والوزارات والشركات والجامعات والمدارس وغيرها لن تجدى نفعًا أو تؤتىَ ثمارًا دون أن تكون الأدمغة البشرية التى تديرها وتُفَعلها وتعمل فيها مؤهلة وقادرة، وإلا بقى الحال محلك سر، وظل الوضع على ما هو عليه.

وعلى سيرة الوضع وما هو عليه، أشير إلى أنه حين يعبر طلاب وطالبات اختاروا دراسة الإعلام أنهم ليسوا مهتمين بالأخبار، ولا يرغبون فى متابعة الأحداث، ولا يعلمون من الأصل أن البلاد مقبلة على انتخابات رئاسية (حتى وإن كانت أجواؤها غير مرضية لكثيرين)، ولم يسمعوا من قبل عن حكاية حقل «ظهر» أو موضوع استيراد الغاز من إسرائيل وغيرها من الموضوعات الحيوية، فإن فى الوضع عوارًا وفى الحال آفة.

آفات عديدة تحيط بنا فى العام الـ18 من الألفية الثالثة. ومنها مسارات أربعة لشباب وشابات مصر لا خامس لها: فإما ارتماء فى أحضان شيخ زاوية يدعو إلى الجهاد بحمل السلاح ومقاتلة أعداء الله الذين قد يكونون أسرة أو أصدقاء أو حكامًا، أو انغماس فى دهاليز الضياع من مخدرات وأعمال خارجة عن القانون وغيرها، أو بلا كلية وانفصال تام والعيش كـ«زومبيز» لا علاقة لهم بالمكان أو الزمان، وأخيرًا وهم الأقلية اهتمام بالشأن العام ورغبة فى إصلاح الحال. وهذه الفئة الأخيرة لديها قناعة إنها لا حول لها أو قوة، حيث إما شبح التضييق أو وسواس تبدد الجهود فى الهواء.

هواء مصر يقولون عنه إنه عليل. وللكلمة معنيان، أولهما النسيم الرقيق، وثانيهما من العلة أى المرض. ورغم توافر النسيم، إلا أن المرض طغى عليه كثيرًا على مدار ما يزيد على ثلاثة عقود. ودون الخوض فى ما قيل مئات المرات عن تجريف الشخصية المصرية، وغرقها فى وسواس التديين المظهرى، ونبذ الثقافة والهوية المصرية نبذًا لا ريب فيه إلى آخر القائمة، إعادة البناء باتت واجبة.

وواجب الجميع لا يقتصر على تنظير القهاوى، أو بكائيات التواصل الاجتماعى، أو فش الغل عن طريق الانفجار فى المحيطين (لاحظ حال الشارع الذى يليق بالأحراش والغابات)، لكنه يشمل طرح أفكار بناءة لعلها تساهم فى علاج الآفة والدفع بنا بعيدًا عن قاع المستنقع.

قبل سنوات طويلة كان هناك شىء اسمه «الخدمة العامة» يؤديه خريجو الجامعات ممن يتم إعفاؤهم من التجنيد، وكل الخريجات من الإناث. الفكرة الأصلية كانت القيام لمدة عام بأنشطة خدمة مجتمعية فى المنطقة التى يسكنها الخريج، مثل محو أمية الكبار أو ما شابه، وذلك فى مقابل مبلغ مالى رمزى بمثابة «حق مواصلات». صحيح أن الجينات التواكلية والتركيبة المصرية التى جعلت من الوساطة والمحسوبية طريقًا لكل هارب من أداء الواجب- حولت «الخدمة العامة» حبرًا على ورق، لكن الفكرة عظيمة.

وتزداد عظمتها، ويتضاعف أثرها، إذا تم تطبيقها فعليًا، وليس نظريًا على طلاب الجامعات أو المرحلة الثانوية فى مقابل نسبة مئوية تضاف إلى مجموع الطالب والطالبة. فى بعض الدول الأوروبية وفى الولايات المتحدة الأمريكية هناك ما يسمى بـ«خدمة المجتمع» أى Community Service

يؤديها الطلاب لخدمة المجتمع الموجودة فيه الجامعة أو المدرسة، وهى تحسب بعدد معين من الساعات الدراسية وتضاف إلى المجموع. فبين خدمة مسنين إلى أيتام إلى أصحاب القدرات الخاصة إلى أعمال نظافة وغيرها الكثير من الأعمال الخدمية ولا يسمونها خيرية.

خير لنا ولمستقبلنا أن نبدأ، أمس، وليس غدًا فى إعادة هيكلة مواردنا البشرية التى ضربها كل أنواع العطب. الشباب والشابات الذين لا يجدون هاديًا أو سبيلاً سوى الإنترنت أو شيخ الزاوية أو تاجر المخدرات أو عالم البلادة والانفصال عن الواقع يمكنهم أن يجدوا فى «الخدمة العامة» أو «خدمة المجتمع منقذًا وصقلاً للخبرة الحقيقية وليست خبرة الإنترنت المضخمة للذات عنكبوتيًا. وهى قادرة على أن تكون منقذة للمجتمع كذلك الغارق حتى شوشته إما فى فتاوى مضاجعة الزوجة الميتة وحكم لمس الزوجة فى نهار رمضان وحكم المرأة التى يظهر أصبع رجلها الصغير من الشبشب، أو فى عوالم فضائية قادرة على حل كل مشاكل مصر فى قعدة مع حجرين شيشة أو مشوار تاكسى من ميدان العتبة لشارع محمد على، أو فى مستنقع النصب والاحتيال وأعمال السمسرة بأنواعها.

أنواع خدمة المجتمع كثيرة وعديدة، ويمكن عمل خطة لترتيب الأولويات بين النظافة والتوعية بها، ومحو أمية الكبار، ورعاية المسنين وأصحاب القدرات الخاصة وغيرها كثير.

فقط نصيحة لوجه الله، رجاء الإبقاء على المؤسسات الدينية بأنواعها وأشكالها بعيدًا عن خدمة المجتمع، مع كامل الاحترام لها وكثير من اللوم لمن تقاعس منها عن أولوية تحديث الخطاب الدينى. خدمة المجتمع مشروع قومى مدنى لا يهدف إلى نشر الدعوة، أو إحراز الحسنات، أو إنجاز صدقات. هى دعوة صادقة لتحسين المجتمع، بعيدًا عن المسخ الذى أصابه.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إعادة هيكلة أدمغة المجتمع إعادة هيكلة أدمغة المجتمع



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon