توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تجديد الإرهاب الدينى

  مصر اليوم -

تجديد الإرهاب الدينى

بقلم - أمينة خيرى

هل نحن بصدد تجديد الإرهاب الدينى بعدما تجاهلنا وتعامينا وتقاعسنا عن تجديد الخطاب الدينى؟ وهل نشهد هذه الأيام بزوغ مدارس تديينية مصرية شعبية نابعة من مزيج جهنمى من عادات وتقاليد مصرية قديمة تميل إلى التدخل فى شئون الغير وإصدار أحكام على الآخرين بناء على مدى تطابقهم أو تباعدهم عن الشكل المفترض فى «المواطن النموذج»، مع وصول أبناء منظومة «نصف التعليم» إلى مرحلة النضج وتقلدهم مقاليد الأمور فى عائلاتهم وأعمالهم؟ونضيف إلى هذه التركيبة الرهيبة عوامل كثيرة، فهناك الفقر ولجوء كثيرين إلى التمسك بتلابيب التدين المظهرى مثل غريق يتعلق «بقشاية» تمنعه من الغرق فى الإحباط والاكتئاب.

وهناك عملية استلاب العقول عبر تفسيرات دينية احتكرها مشايخ اختزلوا الدين فى نكاح ومضاجعة وامرأة لا تخرج عن كونها ماكينة لممارسة الجنس، ومن ثم ينبغى تخبئتها تحت طبقات من المواد العازلة حتى لا يستخدمها آخرون فاقدون للقدرة على السيطرة على شهواتهم وغرائزهم، وتصوير هذا الفقدان باعتباره طبيعة سماوية وتركيبة ذكورية منصوص عليها ولا يمكن كبحها إلا بتكهين الماكينات وعزلها.

وهناك كذلك الاستمتاع بفكرة الفوقية، حيث الإفراط فى التضييق والمبالغة فى الادعاء بالتشبُّه بالأولين -حتى وإن كان تشبُّهاً قوامه المظهر وإطاره سفسطة كلامية لا علاقة لها بالأخلاق أو المعاملات أو السلوكيات- وجميعها عناصر درامية تحقق قدراً كبيراً من الانجذاب والإعجاب لدى فئات عديدة لم تجد من يحنو عليها تعليمياً أو ثقافياً أو تنويرياً أو حتى سلوكياً.

السلوكيات السائدة فى الشارع المصرى المتدين جداً مظهرياً تقول الكثير عن النسخة الجديدة من التديين.

وهى للعلم سلوكيات لا تقتصر على فئات بعينها أو طبقات دون غيرها، لكنها تتسم بالاتساع لكثيرين مقبلين من شتى أرجاء الهرم الطبقى والاجتماعى والثقافى.

الثقافة المصرية، ومعها الهوية والحضارة التى انسحقت انسحاقاً لا ريب فيه أمام موجات من التديين عابرة للحدود، تجد نفسها هذه الآونة فى موقف لا تُحسد عليه، فمن كانوا حتى وقت قريب يمثلون المرجعية لهذه النسخة من التدين يتخلون عنها رويداً معترفين بأن الدين لا يقتصر على مظهر دون غيره، وتضييق وحظر وحجر وفصل، وتنصيب فئات من البشر رقيبة على أخلاق وتصرفات وتدين غيرها.

ويجد الكثيرون من المصريين أنفسهم حالياً فى الهواء دون سند أو دعم يرتكزون عليه فى نسختهم الممسوخة من التدين، فمن كانوا مرجعيتهم، ومن كان تضييقهم وإغلاقهم وعزلتهم نموذجاً يُحتذى ركبوا قطار التحديث والعقلانية والتطور دون أن ينظروا وراءهم.

وتركوا وراءهم جموع المصريين ممن لم يجدوا ما يفتتنون به سوى مظاهر شكلية وتضييقات حياتية وانغلاقات فكرية ترفع شعار «كلما صعّبت على نفسك الحياة وأجهدت نفسك بالقيود وعرقلتها بالعقد والتضييق كنت إلى الله أقرب».

هذه الجموع التى اعتنقت هذا الشعار عن قناعة، وغيرها ممن سارت فى الركب وانتهجت النهج دون تفكير أو تعقُّل أو تدبُّر، مرشحة للقيام بدور كبير فى «تجديد الإرهاب الدينى» الذى نحن مقبلون عليه بكل ثقة وتؤدة.

هذا التجديد الذى يلوح فى الأفق يستمد جانباً من قوته وبأسه من إخفاق أو إغفال أو تعامٍ عن دعوة الرئيس، وكل مصرى احتفظ بهويته دون مسخ، لتجديد الخطاب الدينى.

تجديد الإرهاب الدينى بنسخته الشعبوية الواضحة وضوح الشمس فى الشارع المصرى مرشحة للتفاقم.

«أختى المنقبة» تعطى لنفسها الحق لتدعو «أختها غير المنقبة» التى لا تعرفها للنقاب فى مترو الأنفاق.

محطات مترو الأنفاق تحوى زوايا للصلاة فى كل منها، فهى ضرورة حتمية، لكن تنظيم سير الركاب فى المحطات المزدحمة ومنع الباعة الجوالين فى كل عربات الخطين الأول والثانى أمور لا قيمة لها.

مكبرات صوت المساجد يجب أن تناطح بعضها بما فيها من يتسم صوته بالقبح والسوء، وإن اعترضت فأنت حتماً كاره للدين ومعادٍ للتدين.

جدران المصاعد -حتى فى الكثير من العمارات الراقية- تحمل أمارات التدين، حيث الأقلام «الماركر» تخط عبارات دينية إسلامية لعل الركاب يهتدون، والمعترض على تشويه الملكيات العامة حتماً يفضل عبارات الفسق والفجور ولا بد من ترهيبه بتهمة «كراهية الدين والالتزام».

الالتزام بالقانون (رحمة الله عليه) من شأنه أن يقلص من حجم الجهود الشعبوية المصرية للمضىّ قدماً فى تحقيق النسخة الجديدة من الإرهاب الدينى.

من يجرؤ على الكتابة على الممتلكات العامة (سواء كانت عبارات دينية أو غرامية أو إعلانية) يحاسب.

ومن يلطع ملصقاً على زجاج سيارته (سواء كان سيفين وشهادة أو «بوسى تحب خلوصى») يحاسب.

ومن ينصب نفسه عالماً بأمور الدين وناصحاً لأحوال المتدينين يجرى منعه وشجبه.

وهلم جراً، وإلا فانتظروا النسخة المقبلة من «تجديد الإرهاب الدينى» بشعبوية مصرية منزوعة التمويل خالية من المرجعيات الكلاسيكية ومعتمدة على الفهلوة وأنصاف المتعلمين والترويع عبر اتهامات سابقة التعليب لتصنيف المواطنين كل بحسب درجة تدينه الشكلى.

 

 

 

نقلا عن الوطن القاهريه

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تجديد الإرهاب الدينى تجديد الإرهاب الدينى



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon