توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ازدراء الفقراء واحتقان الطبقات

  مصر اليوم -

ازدراء الفقراء واحتقان الطبقات

بقلم - أمينة خيري

ملامح الاحتقان لا تخطئها عين، ومعالم الاحتكاك لا تخفى على أحد، وأسباب الصراع وعوامل التفاقم نتاج عقود طويلة من الفساد والتهاون والتكاسل وأسلوب إحكام إغلاق الغطاء حتى لا تتفجر المشكلات خارج البالوعة.

لكن غطاء البالوعة تمت إزاحته قبل سبع سنوات، ولم يعد فى الإمكان تجاهل ما يدور فى داخلها، لأنه ببساطة انفجر فى وجوه الجميع. الملايين من المواطنين التى خرجت إلى الحياة فى غفلة من نظام سابق ترك التعليم يتدهور والصحة، وفتح أبواب الثقافات المعادية للتنوير والكارهة للجمال حتى أطبقت على رقاب المصريين باتت لغمًا آخذا فى التفجر فى بقية المصريين.

المصريون من أبناء الطبقة المتوسطة وما فوقها بقليل الذين جمعوا تحويشة العمر وهجروا بيوتهم فى أحياء القاهرة التى تحول تصنيفها من أحياء هادئة جميلة إلى عشوائية قبيحة، واشتروا بيوتًا فى المدن الجديدة مثل التجمع والرحاب ومدينتى والشروق، يجدون أنفسهم هذه الآونة ضحايا لطبقات قاعدة الهرم الاجتماعى، تارة بضغوط نفسية، وأخرى بحصارات اجتماعية، وثالثة بتناحرات جدلية.

جدل محتدم دار على إحدى الصفحات العنكبوتية الخاصة بسكان مدينة الشروق سببه «بوست» كتبه أحد السكان الذى أعلن تضرره من هجمة مجتمعية ضارية أبطالها جموع العمال الذين يسـتأجرون شققًا سكنية فى قلب المدينة. الشكوى التى تتردد دائمًا من قبل ملاك الوحدات السكنية تكمن فى فرض كثيرين من أولئك العمال قواعدهم الأخلاقية وقيمهم السلوكية وسبلهم المعيشية التى تتراوح بين ظهور علنى بالملابس الداخلية، تحرشات بالنساء والفتيات، شتائم وسباب بالدين والأب والأم، إلقاء القمامة فى أى مكان، وقائمة طويلة من السلوكيات التى ضربت قطاعات فى المجتمع لأسباب كثيرة يطول شرحها ويعجز مقال عن حلها.

الحل الذى اقترحه صاحب الـ«بوست» تمثل فى رفع قيمة الإيجارات حتى يصعب على العمال تأجير الشقق، وهو ما استحسنه البعض من المتضررين وأثار حفيظة آخرين رأوا فى انتقاده للعمال طبقية وفى مطالبته برفع قيمة الإيجارات ظلمًا بينًا. وبالطبع ظهرت أصوات تدق على أوتار أن هؤلاء العمال هم بشر مثلهم مثل الجميع، وأن حرمانهم من التعليم أو التنشئة ليس مبررًا لإقصائهم إلخ. وهو كلام جميل جدًا ومنطقى جدًا جدًا.

لكن المنطق يقع فى حيرة من أمره حين يجد المواطن منا نفسه واقعًا بين شقى رحى. فمن جهة هو أسير فى بيته ومضطر للانصياع لقواعد الفئة الوافدة لأنها الأعلى صوتًا والأكثر قدرة على بسط هيمنتها فى ضوء موت سريرى لتطبيق القوانين. ومن جهة أخرى، فإن مالك الوحدة السكنية يفكر بدلاً من المرة عشرا قبل أن يجاهر بشعوره بالضيق لأنه بذلك سيتعرض للاتهام الرنان بازدراء الفقراء، وهو اتهام لو تعلمون جذاب وبراق.

بريق الـ«بوست» اشتعل بعد ما أضفت معلومة قوامها أن بين أولئك العمال من ينخرط فى سرقات تعرضت لها بيوت عدة فى مدينة الشروق على مدار الأسابيع القليلة الماضية بشكل متواتر. وكلما يتم الإعلان عن القبض على تشكيل عصابى يتضح أن أغلب الأعضاء عمال نزحوا إلى المدينة حيث عملهم، لا سيما فى مجال البناء والدليفرى.

وكما هو متوقع تمامًا ثار البعض باسم العمال، وبعضهم تجاوز فى ثورته لاجئًا إلى السب والشتم لـ«الطبقة المخملية» «التى لا تشعر بمشكلات البسطاء» و«تكره الفقراء والعمال والمهروسين والمدهوسين».

متلازمة الربط بين التضرر من تصرفات البعض من البسطاء وعنجهية القابعين فى النصف الأعلى من الهرم الطبقى باتت سخيفة ومستهلكة. فتعرض بيتى للسرقة من قبل تشكيل عصابى أعضاؤه عمال لا يعنى أن كل العمال حرامية. لكن فى الوقت نفسه، ستدعونى مثل هذه السرقة إلى المطالبة بالتدقيق فى ظاهرة تأجير الوحدات السكنية فى المدينة لكل من هب ودب دون ضابط أو رابط. وتعرضى وأسرتى لمضايقات مستمرة من قبل البعض من هؤلاء العمال لأننا لا نتطابق فى مظهرنا مع مظهرهم لا تعنى أننى كارهة للعمال وعدوة للبروليتاريا، ولكنى كارهة للتدخل فى شؤون الغير وفرض ثقافة وأسلوب حياة غصبًا علينا. واعتراضى على الشتائم والسباب والنظرات المخترقة من قبل بعضهم لا يعنى مخملية انتمائى بقدر ما يعكس رفضى المطلق لقلة الأدب وانعدام التهذيب حتى لو كنا جميعًا ضحايا عقود من الفساد والتجريف. إنه احتقان الطبقات مع غياب القانون فى وقت الأزمات.

تقلا عن المصر ياليوم القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ازدراء الفقراء واحتقان الطبقات ازدراء الفقراء واحتقان الطبقات



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon