توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قوة مصر الناعمة النائمة

  مصر اليوم -

قوة مصر الناعمة النائمة

بقلم - أمينة خيري

عن «القوة الناعمة» لمصر دعتنى كلية الإعلام فى الجامعة العربية المفتوحة ويرأس فرعها فى مصر الدكتور عبدالحى عبيد لأتحدث وزميلى الكاتب إميل أمين مع الطلاب والطالبات، وقد اكتشفت أنه مرت سنوات قليلة، لكنها تبدو طويلة منذ تداولنا فى مصر هذا المصطلح، ويبدو أنه ظهر على السطح فجأة مع غيره من المصطلحات التى دغدغت مشاعرنا وضعضعت أحلامنا وهتكت عرض توقعاتنا فى أعقاب ثورة يناير 2011.

كل ما أتذكره عن هذا المصطلح لمحة سريعة ترفض ذاكرتى استحضار كل ملامحها رأفة بأعصابى وحفاظًا على مستوى السكر فى دمى. وفد من المصريين الذين لا أشك أو أشكك فى وطنيتهم، لكنى أشك وأشكك فيما ترتب على ما فعلوا. فتحت بند «قوة مصر الناعمة» و«وفودها الشعبية المحبة للسلام والوئام» جال أولئك المواطنون، وبينهم عدد غير قليل من الإعلاميين والصحفيين والسياسيين والشخصيات العامة عددًا من الدول، لا سيما تلك التى شابت علاقاتها بمصر احتقانات وخلافات مثل إثيوبيا وإيران. والحقيقة أن تفاصيل ما جرى فى هذه الزيارات المندرجة تحت تصنيف «القوة الناعمة» من لقاءات شعبية ورسمية وغيرها لم يُعرف حتى اللحظة، ويُفضل أن يبقى كذلك «لأننا مش ناقصين» و«اللى فينا مكفينا».

وكانت هذه الدعوة الكريمة كافية لتعيد المصطلح إلى السطح بعد سنوات من الاندثار الثورى. ورغم أن المصطلح لم يتداوله المصريون تداولاً لفظيًا إلا فى أعقاب ثورة يناير، إلا أنهم ظلوا عقودًا طويلة يفعلونه دون أن يتوقفوا عند التسمية. أفلام، كتب، مسرح، أدب، نحت، رقص، غناء وغيرها الكثير من مكونات المد المصرى الثقافى. ولاحظت أن كل ما سبق وقع ضحية مأسوفًا عليها على مدار العقود الأربعة الماضية. فجميعها تم تحريمه من قبل المد الدينى- أو بالأحرى التديينى- الذى اجتاح المحروسة. كل ما سبق يعتبره مشايخ التفسير المغلوط حراما أو غير مستحب.

وطالما لا نحب الشىء، فكيف نقدمه بشكل مبهر ومؤثر؟ صحيح أن البعض نجا من هجمة التحريم الشرسة، إلا أن المنتج الثقافى تأثر سلبًا، ومعه تأثرت قوة مصر الناعمة وقدرتها على التأثير فيمن حولها سلبًا أيضًا. فقد ظهر منافسون كثيرون على الساحة. وتطورت قدرات الآخرين سريعًا، فيما تدهورت قدراتنا سريعًا أيضًا. ولم يتنبه أولو الأمر مما يحدث من سلب مصر قوتها الناعمة، وربما تنبهوا لكن لم يكترثوا، فتركوا التعليم يتهاوى، والثقافة والفن والآداب تنحدر، والذوق العام يتدهور، وجماعات الغل الدينى السياسى تتوغل، ومجموعات القبح والمسخ والتشويه تتمكن.

وقد تمكنت منا محتويات البالوعات الفكرية والسلوكية والتعليمية التى ظلت كامنة إلى أن أزاحت عنها ثورة يناير الغطاء فانفجرت فى وجوه الجميع. وبينما نحن منهمكون منشغلون محاولون إنقاذ ما يمكن إنقاذه من تفاصيل حياتنا اليومية بعد ثمانى سنوات من الهبد والرزع السياسى والاقتصادى والاجتماعى والدينى والنفسى، إذا بحقيقة اضمحلال قوتنا الناعمة تباغتنا.

وسبب المباغتة فى ظنى هو كم المقارنات الذى نعقده بيننا وبين من هرعوا لصناعة قوى ناعمة لأنفسهم علها تفيدهم فى يوم أسود. تأسيس قنوات فضائية تتحدث بلغات الغرب وبتركيبته الفكرية والثقافية، فرض سطوة صحف ومجلات تعد هى الأعتى والأكثر مصداقية فى أقوى دول العالم وأكثرها تأثيرًا فى السياسة الدولية، أسهم فى أكبر مراكز البحث والدراسات والعصف الذهنى ومن ثم قدرة فعلية وحقيقية فى التأثير على قلوب وعقول الملايين حول العالم. وإذا أضفنا إلى ذلك ضلوع عنكبوتى معتبر، سواء بطرق مباشرة للسيطرة على توجهات أثير الإنترنت أو بسبل غير مباشرة عبر تسخير آخرين للقيام بذلك، تكون القوى الناعمة قد تحولت فى جانب منها إلى حادة وعنيفة عنفًا فكريًا وذهنيًا.

أما نحن، فقوتنا الناعمة تعانى داخليًا قبل أن تكون معاناتها خارجية. وقبل دقائق سمعت أغنية طفلة صغيرة متداولة على الإنترنت تقول كلماتها «حادى بادى كرنب زبادى، عدد القنوات بقى مش عادى. توك شو شغال ليل ونهار، وخناقة ما بين ضيف ومذيع، هرى كتير نفس المواضيع، وياريت حتى وصلنا لحاجة. ناس تانى بتغنى فى ظلموه، تركى وهندى وحكايات ياهوو وحلقات مابتخلصش ياسادة».

قوتنا الإعلامية الناعمة تطيح بنا وبأدمغتنا وبأذهاننا أرضًا. هوجة التوك شو المستعر لم تعد تنطلى على أحد. وهبات احتكار الوطنية، وامتلاك صكوك المفهومية، والقدرة على توجيه رأى عام الأغلبية التى يدعيها كثيرون ممن يطلون علينا عبر الشاشات أبعد ما تكون عن القوى الناعمة، بل هى قوى مدمرة لنفسها ومن حولها. ولو أردنا أن تسترد قوتنا الناعمة، فعلينا أن نصحح إعلامنا الموجه لأنفسنا أولاً قبل أن نوجهه لآخرين، ونطهر ما علق بثقافتنا وفنوننا من جرائم التحريم، ونحرر عقول المبدعين من قيود التوجيه والترهيب والتمويع.

الأرض ممهدة لصناعة قوى مصرية ناعمة، لكن مكبلات التديين، وعراقيل احتكار الوطنية والمفهومية، وعزلة أهل الفن والثقافة والأدب، وإطلاق يد عديمى الموهبة والابتكار بديلاً عن الموهوبين باقتدار تكتم أنفاس قوة مصر الناعمة وتبقى عليها نائمة.

نقلا عن المصيري اليوم القاهرية

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قوة مصر الناعمة النائمة قوة مصر الناعمة النائمة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon