توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مسرح المترو الكبير

  مصر اليوم -

مسرح المترو الكبير

بقلم - أمينة خيري

وما مترو الأنفاق إلا مسرح واقعى كبير. كل همسة وتفصيلة فى هذه العربات تنضح بما يمكن أن يملأ كتباً عن حياة المدينة المصرية فى القرن الحادى والعشرين. ظللت سنوات طويلة أعتبر نفسى «عاشقة المترو الأولى فى مصر». مهما كان مزدحماً أو يفتقد التهوية الصحية كان الوسيلة الأسرع والأنظف وبالطبع الأرخص للانتقال من شرق العاصمة إلى جنوبها أو وسطها. وحتى سنوات قليلة مضت، كانت قواعد الضبط وأصول الربط واضحة وضوح الشمس فى تفاصيل المترو.

تفاصيل المترو التى تغيرت وتبدلت مع تغير ما جرى لمصر وبها وفيها على مدار السنوات السبع الماضية تتحدث أيضاً عن نفسها فى داخل هذا الصرح العملاق. وعلى الرغم من جهود شعبية مستمرة لتحويل محيط محطات بعينها إلى أسواق شعبية، حيث بيع خضراوات وفواكه، وملابس وأدوات منزلية وغيرها من البضائع الرائجة فى فترة الظهيرة التى تتواكب ونزوح ملايين الموظفين الحكوميين من مكاتبهم بعد سويعات من «العمل»، إلا أن الجهات المختصة كانت تحول دون ذلك، فتتركهم تارة وتطاردهم تارة، لكنهم ظلوا يجلسون على كف عفريت خوفاً من مداهمة هنا أو «كبسة» هناك.

اليوم لا مداهمة ولا كبسة ولا يحزنون. ليس هذا فقط، بل إن السوق توسع وتمدد وتوغل، انتقلت معالمه وعوالمه إلى قلب عربات المترو. عربة السيدات فى الخط الأول فى مترو الأنفاق باتت أقرب ما يكون إلى سوق الثلاثاء لكن طيلة أيام الأسبوع.

تصعد سيدة تبيع الـ«سويت السورى» والإكسسوار الصينى والشاى الكينى، ليترجل زميل فاضل كان يعرض ما لديه من معصم المحجبة وشراب المحجبة وإيشارب المحجبة. وبينما هى تصعد وهو يترجل يتسلل إلى العربة ثلاثة من الصبية يحمل كل منهم بضاعة ما: حلوى مجهولة المصدر، كتب مطموسة المحتوى، أدوات مكياج دون جهة تصنيع. وبينما هم يصرخون فى عربة السيدات فى محاولات زاعقة لبيع ما يحملون، تصعد إحدى الشحاذات المحترفات الكثيرات بجسدها العفى الفارع، لتستحث الجميع على أن يصلين على من سيشفع فيهن يوم القيامة.

ولأن فتاتين واقفتين إلى جوارها لا تتمتمان كما تفعل الأخريات، فإنها تخبرهما بصوت أجش «عنكم ما صليتوا». وفجأة يتحول الصوت الأجش والقامة الفارعة العفية إلى حطام امرأة. نهنهة وشحتفة وكلمات متحشرجة: «عيانة يا ولادى. جوزى مشلول، وولادى الأربعة معوقين. شايلة الطحال وكلوة ومحتاجة علاج للكبد. آه والله يا ولادى».

«ولادها» فى هذه اللحظة يهرعن إلى البحث عن جنيهات غارقة فى قاع حقائبهن ويسارعن إلى مساعدتها. يحين موعد الوصول إلى المحطة المقبلة، فتسترد عافيتها فجأة، وتترجل انتظاراً لضحايا جدد.

الحق يقال تم تكثيف الوجود الأمنى فى داخل المحطات، لكن آه وألف آه من العنصر البشرى الذى ضرب بعضه التجريف فى مقتل. فعلى الرغم من تجمهر ما لا يقل عن أربعة أفراد بين أمناء شرطة وأفراد أمن حول كل جهاز كشف عن المتفجرات، فإن تمرير الحقائب عليه متروك لرغبات الجمهور، بمعنى أن من يريد أن يعرف إن كانت حقيبته تحتوى متفجرات يمكنه وضعها على الجهاز، أما من لا تتوافر لديه الرغبة، فعليه المرور بحقيبته دون أن يضايقه أحد أو يجبره على فعل ما لا يود أن يفعل.

الأفعال فى المترو كثيرة وردود الفعل أيضاً كثيرة. فحين يعترض مواطن سخيف مثلى على مبدأ الاختيار فى التفتيش، يجد أمين الشرطة مخبراً إياه بأنه «مش مشكلة»، وإن تمادى المواطن فى سخافته ورذالته متسائلاً عن الوضع فى حال انفجرت قنبلة فى الداخل، فمن حق الأمين أن يفحمه ويرد عليه الرد المعلمى العلمى الأكيد: «ربنا هيستر إن شاء الله».

وبينما يستر الله ولا نستر نحن وكأننا نرفض أن نتعلم أو نتطور أو نتقدم، تمضى عربات مترو الأنفاق لتؤكد لنا مما لا يدع مجالاً للشك أن ما عربة المترو ومحطاته وموظفوه وركابه إلا مسرح كبير!

نقلا عن الوطن القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسرح المترو الكبير مسرح المترو الكبير



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon