توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الدين والقانون أيها الرئيس

  مصر اليوم -

الدين والقانون أيها الرئيس

بقلم - أمينة خيري

حين تُنشر هذه السطور، تكون اللجان الانتخابية قد فتحت أبوابها لليوم الأول من الانتخابات الرئاسية. زملاء كثيرون كتبوا وسيكتبون عن أهمية المشاركة مهما كان موقف الناخب السياسى، أو مهما بلغ من عدم رضا عن المشهد الانتخابى والإغراق اللافتاتى، لذا سأعرج على الخطوة التالية لما بعد العملية الانتخابية.

وحيث إن هذه الانتخابات جاءت خالية من البرنامج الانتخابى- باستثناء قائمة إنجازات ضخمة للرئيس عبد الفتاح السيسى وإجابات أسئلة على حوارات إعلامية أجريت مع السيد موسى مصطفى موسى- فإننى أطالب الرئيس بمطلبين رئيسيين: الأول اتخاذ خطوات فعلية وآنية لنسف الخطاب الدينى المتحجر السائد ومحاربة الهسهس الكامن فى قلوب وعقول ملايين ودعم خطاب جديد يليق بالمصريين فى القرن الـ21. والثانى الاعتراف بأن «دولة القانون» لا وجود لها إلا فيما ندر، حيث السائد هو دولة اللاقانون حينًا، و«الشرع بيقول إيه؟» حينًا، وترك المواطنين ينهشون بعضهم دائمًا.

ودائمًا هناك ملايين من المصريين يمقتون القانون، وملايين أخرى تعتبر القانون أقرب ما يكون لـ«السيمون فيميه» (السلمون المدخن) أو «الفواجرا» (كبد الأوز الفاخرة). فهو من الرفاهيات البعيدة عن معيشة البسطاء، ولا علاقة له بحياة المواطنين العاديين. وقد وصلت رسالة الجهات المنوط بها تطبيق القانون والتى قررت أن تدخل فى سبات عميق وتتظاهر بأنها متواجدة رغم أنها غائبة، أو بمعنى آخر متواجدة بالجسد لكن غائبة بالروح والعقل اللذين يدفعانها إلى تطبيق القانون حتى يشعر الناس أولاً بالعدل والأمان، وثانيًا ليرتدع المجرمون عن الاعتداء على الآخرين خوفًا من العقاب.

وحتى أكون واضحة أمام الرئيس فى مطلبى، أعلم تمامًا أن القانون يتم تطبيقه فى قضايا فساد كبرى على سبيل المثال، لكن دور القانون فى تنظيم الحياة بين الناس، وإعادة الحق لأصحابه، وعقاب المعتدى يكاد يكون فى غيبوبة تامة، ما يترك الضحية لقمة سائغة للمعتدى أو عرضة لتدخلات قلّتها أفضل مثل «الشرع بيقول إيه؟» أو «خلاص بقى عفا الله عما سلف» أو «يابخت من قدر وعفى».

وسأسرد نموذجين لموت القانون الإكلينيكى وسطوة العرف الشارعى سلبًا وإيجابًا لتنظيم العلاقة بين المواطنين. فى «مدينتى» ذلك التجمع العمرانى الأنيق الذى يجعل الزائر لحظة دخوله من البوابات يشعر أنه انتقل إلى دولة أخرى كتلك التى نزورها ونقع فى غرام نظامها ونظافتها وقوانينها المطبقة بكل حسم وحزم حفاظًا على سكانها وتنظيمًا للعلاقات بينهم. لكن العنصر البشرى قادر بكل تأكيد على قلب الجمال مسخًا، وتحويل الروعة قبحًا.

باصات مدينتى المخصصة فى الأصل لركوب السكان والتى يركبها الزوار كذلك (وأغلبهم من العمال والعاملات) اختراع عبقرى. فهى تسهل على السكان التوجه إلى أعمالهم وقضاء مصالحهم دون الحاجة إلى قيادة سياراتهم أو تأجير سيارات أجرة أو ما شابه. المقاعد الأربعة الأولى مخصصة لكبار السن وأصحاب القدرات الخاصة. أما الصفوف الأربعة التالية فمخصصة للسيدات. والقواعد محفورة على المقاعد. لكن دائمًا ما يصر الأصحاء على الاعتداء على مقاعد كبار السن، ودائمًا ما يصر الرجال على الجلوس على مقاعد السيدات. الغريب أن تعليمات شفهية صدرت للسائقين والمحصلين بعدم التدخل من قريب أو بعيد للحفاظ على هذه المقاعد من التعدى على غير الفئات المخصصة لهم. وحجة مسؤولى الحركة فى ذلك هو أن على الركاب أن يحلوا مشاكلهم فى الباص بأنفسهم دون تدخل إدارة الحركة. ويبدو من الواضح تمامًا أن موت القانون الإكلينيكى فى الشارع (متمثلاً فى انعدام الرقابة على سرعة القيادة والسير عكس الاتجاه وعبث التوك توك وتسيير سيارات «ثمن نقل» مرخصة ملاكى وتشغيلها أجرة) أرسل رسالة قوية إلى مجتمعات وكيانات أخرى قوامها «انسوا القواعد وتجاهلوا اللوائح ودعوا المواطنين يخلصوا على بعض».

النموذج الثانى وهو لما يجرى مع «أوبر» و«كريم». صحيح أن الأوضاع يجب تقنينها، لكن ماذا عن التاكسى الأبيض الذى بات ينافس مملكة الميكروباص فى البلطجة وإمبراطورية التكاتك فى العشوائية وسلطنة «الثُمناية» فى الهمجية؟ ألا يعلم المناط بهم تطبيق القانون أن غالبية التاكسى الأبيض خارجة تمامًا عن القوانين؟ عدادات لا تعمل، سيارات قذرة، سائقون منفلتون، تدخين أثناء العمل، أغنيات مسفّة وألفاظ خارجة، حديث فى المحمول أثناء القيادة، إمارة وتحكم فى خط السير ووجهة الرحلة، وقائمة السفه طويلة جدًا ولا مجال للحديث عن اللجوء إلى الشرطة لأن رد الفعل يأتى دائمًا فى إطار «وأنا مالى».

مال مثل هذه النماذج بإصلاح الخطاب الدينى؟ مالها يكمن فى إقحام «شرع» العامة بديلاً لقانون الدولة. ففى كل أزمة ناتجة عما سبق، تظهر فئة من المواطنين تطالب بتطبيق الشرع أو تتشبث بتلابيب ما يعتقدون أنه التدين الحق وسيلة لجلب الحق. فإما يباغتك أحدهم وأنت الطرف المعتدى عليه بـ«المسامح كريم» أو «والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس» وغيرها من كلمات حق يراد بها باطل. ومفهوم العامة عن الدين قاصر فى كثير من الأحوال. فمهمة الدين ليست ترك المعتدى يمضى فى طريقه دون حساب رادع. وهذا الخلط الخبيث ساهم إلى حد كبير فيما نحن فيه اليوم من فخفخينا الشعب المتدين بالفطرة حيث «قال الله وقال الرسول» ليل نهار وبعيد كل البُعد عن أخلاق الدين وسلوكه ليلا ونهاراً.

أيها الرئيس أطالبك ببث الحياة فى القانون الميت مع العمل على نسف الخطاب الدينى القائم على أهواء وتفسيرات خاطئة لأن كليهما يدق مسامير جديدة فى نعش الوطن يوميًا.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدين والقانون أيها الرئيس الدين والقانون أيها الرئيس



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon