توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تسليم أهالی

  مصر اليوم -

تسليم أهالی

بقلم - أمينة خيري

تتردد فى الشارع هذه الآونة عبارة «إحنا متسلمين تسليم أهالى»! وهى عبارة لو تعلمون دالة ومرعبة، دالة لأنها تعكس أن الوضع بالغ السوء، ومرعبة لأن كل من يستخدمها يقصد معانى مختلفة عن الآخر.

المزاج العام هذه الأيام ليس على ما يرام، ونبرات التفاؤل وتشجيع النفس والآخرين على التحمل والنظر إلى المستقبل لم تعد واضحة كما كانت، والشعور العام بالضغط الشديد بات واضحاً، والمسألة ليست تذكرة مترو زاد سعرها فقط، أو أقاويل تتردد عن زيادات فى البنزين والكهرباء وما خفى كان أعظم، كما أنها ليست فى ضبابية رؤية تتعلق بالتعليم، أو غموض وضع خاص بتفاصيل الحياة اليومية التى يسودها قدر هائل من الفوضى والعشوائية فقط، الوضع برمته ليس بخير.

هناك قدر كبير من التبرم بين المصريين، كل فى مجاله وكل لأسبابه، لكن المحصلة النهائية هى أن الحال لا يسر عدواً أو حبيباً، أعداؤنا نعرفهم جيداً ولا نريد أن ندخل فى مهاترات بأن كل من انتقد وضعاً أو اعترض على حال هو إخوانى أو كاره للبلاد، جموع المصريين الذين تجرعوا المر على مدار سنوات ما بعد ثورة يناير 2011، بسبب مؤامرات خارجية أو خيانات داخلية، أو ضريبة انسحاب الدولة على مدى عقود لصالح جماعات وجمعيات أخذت على عاقتها مهمة إطعام قطاعات من المصريين، وتعليمهم ورعايتهم صحياً والسيطرة على أدمغتهم فكرياً، أو حتى فى تجرع الدواء المر من إجراءات اقتصادية شديدة الصعوبة يجدون أنفسهم اليوم بلا سند أو داعم.

الدعم المطلوب ليس دعماً عينياً عبر بطاقة تموين أو مالياً للأسر الأشد فقراً فقط، والسند المنشود ليس فى جمعية تشحذ عليهم وتتسول باسمهم وباسم مرضاهم كما يحدث بشكل بالغ على مدار الساعة الرمضانية، وأظن أن ما أظهره هذا الشعب من جلد وصبر فى هذه السنوات السبع العجاف من شأنه أن يبهر الجميع، لكن توقع المزيد من الجلد والصبر لا سيما فى ظل انطفاء الضوء المرجو فى نهاية النفق أمر خطير لأنه غير وارد.

لم يكن من الوارد أو المتوقع أن نحقق نهضة اقتصادية عظمى يشعر بها الشعب فجأة، كما لم يكن من المنتظر أن ينصلح ما انعوج من أمور بين سنة وضحاها، لكن كان المتوقع أن تظهر مؤشرات تقول للشعب بطريقة أو بأخرى إن تغييراً ما إيجابياً طرأ على حياتهم، قد يكون هذا التغيير ضبطاً وربطاً فى الشارع، أو سيطرة حقيقية على أسواق جن جنونها وتجار باتوا يرفعون أسعار السلع والمنتجات خارج سياق المنطق، أو تحسناً فى خدمات حكومية من تجديد رخص وإنهاء أوراق نقل الأبناء من هذه المدرسة إلى تلك أو ما شابه.

توقع المصريون حياة صعبة فى تفاصيلها الاقتصادية لكن تسير نحو انفراجة من حيث ضبط أمورهم الحياتية تدريجياً، لكن طال الانتظار، ولم تتحقق سوى التفاصيل الاقتصادية الصعبة، أو بالأحرى بالغة الصعوبة دون محفزات أو مقويات تساعدهم على تجرع الدواء المر.

صحيح أن الرئيس يوجه بين الحين والآخر بالسيطرة على الأسعار، وصحيح أن الأخبار تطالعنا بين الوقت والآخر بتوجيهات وزارية بسيارات متنقلة تبيع سلعاً غذائية مخفضة، لكن هذا لا يكفى أبداً، مع العلم أن المتضررين لم يعودوا فقط تلك الطبقات القابعة فى قاعدة الهرم، بل امتدت لتصل إلى متوسط الهرم، هذه الطبقة المتوسطة (الله يرحمها) متروكة نهباً لسعار الأسعار وجشع التجار، والجميع متروك لشيوع البلطجة والعشوائية فى تفاصيل الحياة اليومية، وهو شيوع فهمه البعض بأنه رسالة من الدولة مفادها أن من يقدر على البلطجة فليكن، ومن يجد فى نفسه الموهبة ليضيف إلى بحر العشوائية فمرحباً.

والترحيب بالطبع هنا ترحيب رمزى متمثل فى تركنا نخبط فى بعضنا البعض، عربات كارو على طريق السويس، توك توك فى أرقى أحياء القاهرة، رشاوى لإنجاز الأعمال الصغرى، سياس يسيطرون على الشوارع، جيوش مجيشة من المتسولين والمتسولات فى كل حدب وناصية، إشارات مرور تكلفت ملايين معطلة عن العمل، عربات مترو أنفاق (الخطين الأول والثانى) وكأنها سوق الثلاثاء، أسواق لا كبير لها إلا كبار التجار، إعلانات رمضانية ترسل رسالتين لا ثالث لهما: أننا أمة من الفقراء والمتسولين ولا تعتمد إلا على أموال وأطعمة وعلاجات أهل الخير تهيمن عليها جمعيات تتلقى تبرعات بالمليارات، أو أننا أمة من المليونيرات حيث نجوم الفن والكرة وإعلانات مليونية تثير غضب الشعب وحنقه.

هناك شعور عام بالسيولة، وهى بالطبع ليست سيولة مادية، لكنها سيولة معيشية، فلا مستقبل التعليم واضح، أو حاضر الأسعار مفهوم، أو رؤى ما عشمنا به أنفسنا من تجديد خطاب دينى أو تطبيق قانون أو ضبط زوايا الوطن بوجه عام مفعلة.

ولهذا تتردد عبارة إننا «متسلمين تسليم أهالى» تارة قاصدين التجار، وأخرى من بيدهم تطبيق القانون لكنهم لا يفعلون، وثالثة لمن ظننا أنهم سيطورون ويحدثون لكنهم رافضون متشبثون بالماضى السحيق، ورابعة كل ما سبق!

المصدر : جريدة الوطن القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تسليم أهالی تسليم أهالی



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon