توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حريتنا الشخصية المغدورة

  مصر اليوم -

حريتنا الشخصية المغدورة

بقلم : أمينة خيري

جانب كبير من مشكلاتنا المعيشية ناجم عن مفهومنا عن «الحرية الشخصية». تعترض على أحدهم لأنه يقود سيارته عكس الاتجاه، فيجادل: «إنها سيارتى وأنا حر». تشكو أن جارة- فى كومباوند سكنى دفع مُلّاكه «دم قلوبهم» للعيش فى مكان غير عشوائى- حوّلت واجهة الشرفة من الخارج مخزنًا لتجفيف الثوم والبامية، فتباغتك بقولها: «دى بلكونتى وأنا حرة». تمتعض لأن الطبيب، مستأجر الشقة فى الطابق الثانى، قرر أن يطلى شرفته باللون البنفسجى، فيرفع شعار «وانتوا مالكم؟!».

يقرر صاحب محل الكشرى أن يفتتح محله الجديد على إيقاع موسيقى المهرجانات بصوت قادر على إيقاظ الميتين، وحين تعترض يخبرك بأن المكان محله، وعليك أن تضرب رأسك فى الحائط. ويا سلام لو جاء اعتراضك على صوت القرآن الكريم لزوم الفقرة الافتتاحية، فتأتيك التهمة مُجهَّزة سلفًا: «أنت حتمًا عدو الدين». تصعد مجموعة من طالبات الجامعة الملتزمات مظهريًا عربة المترو، وبعد صراخ الهَيْبَرة والضحك الهستيرى، تفتح كل منهن عبوة من المقرمشات كريهة الرائحة من خل وشطة وطماطم وليمون وغيرها، تعترض إحدى السيدات على الرائحة الكريهة، فتواجهها الفتيات بقول واحد: «هو احنا اللى بناكل ولا انتى؟!، مش عاجبك انزلى».

المدرسة المصرية الشهيرة فى مفهوم الحرية الشخصية «مش عاجبك انزل» تلخص جانبًا كبيرًا من معركتنا الفكرية وشطحاتنا وأمراضنا العصبية. بدءًا بالمتحرش الذى يستبيح جسد امرأة فى أتوبيس النقل العام، وحين تعترض على انتهاكها يصب غضبه عليها لأنها آذته فى حريته الشخصية فى التحرش بجسدها وكيانها، ويخبرها بأنها فى حال اعتراضها عليها أن تبرح المنطقة التى يتواجد فيها، وتنزل تركب «تاكسى»، مرورًا بصاحب المحل الذى يعتبر مكبرات الصوت الناقلة لموسيقى وأغنيات تصم الآذان أو حتى تلاوة للقرآن الكريم، رغم أنف المحيطين، حرية شخصية فى كيفية عمله أو إدارته لمحله، وانتهاء بالأخ الذى يقرر أن السير العكسى أمر يخصه وحده، والأخت التى ترى أن قيادتها سيارتها بينما رضيعها حاجز بينها وبين مقود السيارة شأن أسرى بحت، يمكن القول إن مفهومنا عن الحرية الشخصية باطل وفاسد ومراوغ.

والمراوغة الحديثة التى داهمتنا فى عقر ديارنا، والتى أقحمت نفسها على مفهومنا المريض أصلًا عن الحرية الشخصية، والتى جاءت مرتدية عباءة دينية، جعلت من المسألة «بزرميطًا خالصًا». وكأن إفساد حياتنا بقبح مفاهيم الغير عن حريتهم الشخصية لم يكن كافيًا، إذ بالهَبّة الدينية المفرغة من المضمون، والمعتمدة على العنصرية، حيث الشعور الكاذب بالتفوق، والترهيب حيث المتشكك كافر والرافض زنديق والسائل ملحد، تأتى على ما تبقى من بقايا تحضر. ولأن القوانين- المنظمة لحياتنا وعلاقاتنا، والقادرة على البَتّ فى خلافاتنا- فى غيبوبة منذ سنوات، ولأن «الحرام والحلال» بمفاهيمهما الشعبية باتا حاكمين، انقلبت شوارعنا وعماراتنا وتفاصيل حياتنا غوغائية وعشوائية، تارة باسم الحرية الشخصية، وأخرى محتمية بالحلال والحرام.

المصدر :

المصري اليوم

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حريتنا الشخصية المغدورة حريتنا الشخصية المغدورة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon