بقلم : أمينة خيري
لا أملك سوى بضع خواطر في الساعات الأولى من اليوم الأول لعيد الفطر. تعجبت كثيرًا لعجب الكثيرين بأن «أولئك» الذين نفذوا هجوم العريش أقبلوا على فعلتهم في أول أيام العيد، وعقب نهاية شهر الصوم والكرم والجود... إلخ، فـ«أولئك» لا يجاملون في الأعياد، أو يتعاطفون مع المعيدين، أو يتراحمون ولو على سبيل الإنسانية.
والمواكب للأحداث وتفاصيل الحياة اليومية سيدرك أن بيننا من تربى في مدرسته ونشأ في المسجد الذي كان يصلى فيه مع والده طفلاً ثم بات يصلى فيه شابًا ناضجًا على أن توجيه التحية للمسيحى حرام، والمسلمة التي لا تغطى شعرها فاسقة، والرجل الذي يحلق ذقنه يقترف إثمًا. ويتدرج بعض هذه المساجد على سلم التكفير والتحريم ليلمح أو ينوه أو يقول في الأحاديث الجانبية أنه لا يوجد مسمى «مدنيين» في الإسلام، ومن ثم فإن دماء الكافرين تكون مباحة بكفرهم.
وضمن خواطر الهجوم هي تلك التعليقات التي صبها مواطنون عاديون يعيشون بيننا على رؤوس المعترضين على ارتفاع أصوات آلاف المكبرات لبث صلاة التراويح، ومن بعدها صلاة التهجد. تراوحت التعليقات بين وصم المعارضين بكراهية الدين، واتهامات مباشرة بالكفر والفسوق. وبالطبع، لم يفت على هؤلاء المتدينين أن يغوصوا في أغوار الفتنة المحببة لهم عن إجبار «الأقليات» وكارهى الإسلام على سماع الصلوات كاملة لعلهم يهتدون، وهى الفتنة التي شربوها في مدارس دينية، ودروس في مساجد استفردت بعقول وقلوب البعض، ومجتمعات عاشوا فيها أطفالاً بينما ذووهم يعملون ويكدون لتحسين مستوى معيشتهم وبالمرة يعتنقون فكرًا متطرفًا ويعودون لينشروا ما اكتسبوا.
وضمن الخواطر قراءات لما يكتب عن شمال سيناء. فمن نشاط مفاجئ لجماعات السلفية الجهادية، في 2011، والتركيز على تفجير خطوط الغاز، ثم توحيد الصفوف في عام 2012 واستهداف للمدنيين وقوات الأمن ثم رجال القضاء مع بيئة إقليمية يتسم جانب كبير منها بدعم للإرهاب. ودوليًا، أتذكر المسميات لأنها مهمة. فمازالت وسائل إعلام غربية تسمى ما يجرى في سيناء «صراعًا بين جماعات مسلحة والجيش المصرى» و«عصيانًا» أو «تمردًا».
Insurgency
وأخيرًا وليس آخرًا، أستحضر تقرير «هيومان رايتس ووتش» الذي انتقد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في حق المدنيين من سكان شمال سيناء والتى ترتقى إلى «جرائم الحرب» على أيدى قوات الأمن المصرية وتنظيم ولاية سيناء التابع لتنظيم داعش!! فحين تضع منظمة حقوقية جيشًا وطنيًا على قدم المساواة مع جماعة إرهابية، وتصف كليهما بـ«ارتكاب جرائم حرب» في شمال سيناء، فإن الأمر لا يحتاج ولولة أو سبا وشتما للمنظمة، لكن يحتاج ضبط إعلامنا داخليًا بمعايير الكوكب في عام 2019 لتمكينه من المواجهة.
أما الوضع في سيناء، فأمتنع عن المساهمة في العك الافتراضى حيث لا إفتاء في الأمور العسكرية والاستراتيجية والأمنية، لكن أعود للمطالبة بتجفيف منابع «عشماوى» الثقافية والتعليمية والدينية والاجتماعية. رحم الله شهداءنا في أول أيام العيد.