توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

استغاثة منتصف الهرم

  مصر اليوم -

استغاثة منتصف الهرم

بقلم - أمينة خيري

استغاثة من منتصف الهرم.. هذه المرة يأتى طلب الغوث لا من قاعدة الهرم حيث الفقراء والغلابة وأبناء السبيل، ولا من قمته حيث رجال ونساء البيزنس والأعمال بأنواعه، إنها استغاثة طال كتمانها، واستمر أمدها حتى بلغ سيل الضغوط والهموم الزُّبى.

وزمان قال العرب أن الزُّبية هى الحفرة التى تحفر للأسد إذا أرادوا صيده، وهذه الآونة قالوا إن رمانة الميزان وصمام الأمان وضمان الاستقرار الاجتماعى هى الطبقة المتوسطة القابعة بكل إباء وشمم فى منتصف الهرم الطبقى. لكن الصراع الطبقى المكتوم الدائرة رحاه على مدار العقود الماضية بلغ أقصاه هذه الآونة، حيث ضمان اجتماعى لـ«الناس إللى تحت» وأمان الحسابات المصرفية والودائع البنكية فى الداخل والخارج لـ«الناس إللى فوق»، وهرس ودهس وسحل للمضغوطين بينهما. وبين الإجراء الاقتصادى والآخر، ودواء الإصلاح المر والثانى، وخطوات فطم الشعب عن صدر الحكومة المعطاء ومكملات الدولة الغذائية والمقوية، تتعرض تلك الطبقة لمزيد من الفرم والضغط، فهى فى نظر «الناس إللى تحت» فئات منعمة من البشر، لديها سيارة ملاكى وشقة سكنية تمليك والأبناء فى مدارس خاصة وربما دولية. وهى فى منظور «الناس إللى فوق» ناس مثلها كبقية الناس إذ لا يعنى الطبقة المخملية الكثير فى شأن ما يحدث لبقية سكان الهرم.

أما أنظمة الإدارة والسياسة فتعتبرها طبقة مقاتلة مكافحة تتحمل الضغط وتتجرع المصاعب، وفئة مهذبة متعلمة ليس لها فى إثارة الشغب أو الدعوة إلى البلبلة. فغاية طموحها تعليم الأبناء تعليماً جيداً، والعيش فى مستوى معقول، لا هو بالفاره ولا هو بالمعوز، وربما قليل من الترفيه حيث يومان فى فندق فى العين السخنة أو وجبة فى مطعم معقول أو خروجة منزوعة التحرش خالية من السوقية. ولأنها طبقة مسالمة، فكل همها المحافظة على مكتسباتها المتمثلة فى وظيفة معقولة تدر دخلاً معقولاً يضمن معيشة معقولة وتعليماً معقولاً وعلاجاً معقولاً وقدراً معقولاً من الترفيه المعقول، فهى تفكر مرتين وثلاثاً وأربعاً قبل أن تقدم على عمل أو قول أو حتى تفكير قد يسلبها هذه المكتسبات التى ينحتون فى الصخر من أجل ضمانها.

لكن إجراءات الضمان الاجتماعى التى تتخذها الدولة فى ضوء إجراءات الإصلاح الاقتصادى التى تسلم الغالبية المطلقة من أبناء وبنات هذه الطبقة بحتميتها من أجل تعافٍ اقتصادى دائم وبناء على «مياه بيضاء» يدوم وينمو ويزدهر، تنحل المزيد من وبر سكان منتصف الهرم.

ومن منتصف الهرم يقول السكان إن رواتبهم (وأغلبهم يعملون فى القطاع الخاص) لا تزيد، بل بعضهم تقلصت رواتبه وتم تخييره بين الرضا والرحيل فى خلال السنوات السبع الماضية العجاف. وتتردد شكاوى مفادها أنهم يتكفلون بأنفسهم وبأبنائهم، ويضمنون للدولة مظهراً وجوهراً متحضراً، ويمضون قدماً فى مسيرة العلاج الاقتصادى ساكتين ساكنين مسَلِّمين بقضاء الإجراءات وقدر العلاج، لكنهم باتوا يعانون الأمرين هذه الآونة. جانب من المعاناة يعود إلى الوضع الاقتصادى الدائرة رحاه على الجميع، حيث غلاء مطرد للأسعار وعدم وجود بدائل للشراء مع صعوبة اللجوء مجدداً إلى السلم الهابط إلى أسفل، فالقاعدة كاملة العدد، بالإضافة إلى أن سكان القاعدة يتمتعون بأشكال من الضمان الاجتماعى والغوث الاقتصادى غير المخصصين لسكان منتصف الهرم.

الجانب الآخر من المعاناة يقبع فى مظاهر وظواهر الاحتقان الطبقى الواضحة وضوح الشمس. وهو الوضوح الذى بدأ يتخذ أشكالاً أكثر جرأة وأوضح تعبيراً. فضعف تطبيق القوانين فى الشارع والسكوت على الانفلات الأخلاقى والسلوكى المتلحفين بالدين والتدين جعلا من أبناء الطبقة المتوسطة لقمة سائغة لمن يرى فى فقره مبرراً للتعدى على من يبدو أيسر منه حالاً، أو من يعتبر تدينه المظهرى حجة للسطو على من أفتاه شيخ زاويته بأنه أقل منه إيماناً، وهلم جرا.

بمعنى آخر، يقول أبناء الطبقة المتوسطة الذين يعانون من إجراءات الإصلاح ورغم إيمانهم بحتميتها، إنهم لا يجدون من يحنو عليهم. فـ«الحكومة» تركتهم يدبرون أمورهم وكأنهم «أينشتاين» فك رموز تقلص الدخل وتفسير لوغاريتمات تدنى الوضع. أولئك دخولهم محدودة. صحيح أنها مرتفعة -أو بالأحرى كانت مرتفعة- لكنها لم تعد كذلك. فلا هم يسرقون التيار الكهربائى فيوفرون فواتيرها، ولا هم يعتبرون تعليم الأبناء والبنات رفاهية فيتوقفون عن إرسالهم للمدارس، ولا هم أرانب قررت الدخول فى سباق للأكثر إنجاباً على اعتبار أنها إرادة الله.

الله سبحانه وتعالى أمرنا بأن نعقلها ثم نتوكل. وأبناء الطبقة المتوسطة حالياً فى مرحلة التعقل لكنهم متعطلون هناك. يحاولون تعقلها تارة من اليمين وأخرى ذات اليسار، لكن الوضع بالغ الصعوبة. وصعوبته -كما ذكرت- لا تقتصر على الصعوبات المعيشية فقط، والهبوط من فئة إلى فئة أدنى فى الهرم الاجتماعى، لكنه يكمن فى نظرات وتصرفات أبناء قاعدة الهرم والمصوبة تجاه «صمام الأمان».

مزيد من النحت فى هذا الصمام يعرضه للتلف ويدفعه للسلف!

نقلا عن الوطن

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استغاثة منتصف الهرم استغاثة منتصف الهرم



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon