توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الثورة والتاريخ

  مصر اليوم -

الثورة والتاريخ

بقلم - عبد المنعم سعيد

ربما آن الأوان لكى نترك ثوراتنا للتاريخ والمؤرخين حيث يتم تجميع «الحقائق» وتحليلها واستخلاص الدروس منها فى زمن هادئ وعواطف ساكنة.

المؤكد أنه بعد كل ذلك، فإن الاتفاق على ما جرى، فضلا عن سلامته الأخلاقية، سوف يظل موضعا للاختلاف، ولكن المعرفة فى عمومها سوف تكون أكثر غنى لمن يرتجى سبيلا للخلاص من أزمات.

لا أعرف ثورة فى تاريخ العالم انتهى الخلاف حولها، من الثورة الأمريكية حتى الثورة الفرنسية والبلشفية والصينية وغيرهم، ولا يزال الأمريكيون فى حيرة حول إعلان الاستقلال الذى أكد على المساواة وحقوق الإنسان الأساسية، ولكن الثورة ذاتها فى دستورها أقرت استمرار العبودية، وظل قادتها «العظام» من جورج واشنطن إلى توماس جيفرسون ملاكا للعبيد.

الثورة الفرنسية الأشهر بين الثورات غيرت فرنسا والعالم ومع ذلك فقد عادت أسرة البوربون مرة أخرى، ومن بعدها عاد الحكم لأسرة نابليون، ثم كانت الثورة على الثورات وقيام الجمهورية الأولى، والآن نتحدث عن تقاليد الجمهورية الخامسة!، ولم تسلم ثورات مصر من نفس التقاليد فى المراجعة والانقسام، الثورة التى أتت بالوالى محمد على إلى الحكم مازالت دافعة للتساؤل عن حالة مصر وقتها والتى جعلت قائد الثورة عمر مكرم يطلب السلطة لألبانى وأحد جنود الاحتلال العثمانى.

وثورة عرابى كتب عنها وكتب تاريخها على أنها الطريق الذى أخذ مصر إلى الاحتلال الإنجليزى، وحينما عاد أحمد عرابى من المنفى كانت لديه شكوك حول سلامة ما جرى حتى جاء بعد ذلك من أنصفها وأعادها إلى سجلات تاريخ الوطنية المصرية.

وثورة ١٩١٩ التى سوف نحتفل بمئويتها هذا العام، انتقدت لأنها أبقت الملكية وسلمت الدولة لكبار الملاك، وفى النهاية فإن سجلها الديمقراطى كان فقيرا فلم يحصل حزب الأغلبية الوفد على الحكم إلا فى سبع سنوات.

ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ كان لها من مدحها لأنها أعادت للمصريين حكم بلادهم ومع الحكم العزة والكرامة، وكان لها من رثاها بكاء على العهد الذهبى الذى سبقها، ومن بكى منها وعليها بسبب سجونها، وعندما جاءت «عودة الوعى» بدت الثورة فى عين مثقفيها على الأقل كارثة كبرى.

ثورة يناير ٢٠١١ التى نعيش ذكراها لن تسلم من نقد بل من تمزيق من قبل جماعة، بقدر ما تنظر لها جماعة أخرى فى حنين وشجن لذلك الورد الذى تفتح فى حدائق مصر. ولا تزال سكين الثورة حامية بحكم الزمن القريب، ولأن «الثورة» ما لبثت أن قادت إلى ثورات بعدها أكثرها تأثيرا ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣.

وبنفس الطريقة التى جرت فى ثورات أخرى سوف يكون أكثر الأسئلة المعلقة هل كان حدث الثورة ضروريا، وماذا لو أن الأمور تركت على حالها، ألم تكن مصر سوف تكون اليوم أحسن حالا؟، قيل إن مصر عام ١٩٥٠ كانت أحسن حالا من البرتغال واليونان وتركيا، وبالطبع الصين وكوريا، وتقارن بإيطاليا، وبعد الثورة المجيدة فى يوليو ١٩٥٢ لم نعد نقارن بهذه العصبة من الأمم.

وفى الربع الأخير من عام ٢٠١٠، قبل أسابيع من ٢٥ يناير ٢٠١١ كان معدل النمو المصرى ٥.٤٪، والمتوسط العام للسنوات الست السابقة كان ٦٪، وذلك هو حالنا الآن أو ما نصبو إليه فى المستقبل القريب.

الخلاصة أن الحديث عن الثورات هو جزء من حديث الشعوب وحوارها حول نفسها وهويتها، والفارق بيننا وبين شعوب العالم الأخرى أنه أيا كانت «الحقيقة» فيما حدث، وهل كان تعبيرا عن «إرادة الشعب» أو أنه كان «مؤامرة» داخلية أو خارجية، أو «عملية» قام بها شباب ملتهب بالغيرة على بلاده أو أنه كان ألعوبة طرية فى يد الإخوان المسلمين، فإن الثورة باتت جزءا من التاريخ، بل إنها سجلت فى مطلع الدستور.

ربما يكون مفيدا أكثر أن يكون تاريخنا الأكثر فحصا وتمحيصا وحوارا يقع فى الزمن القادم الذى لم يعد يقاس بالسنين أو العقود أو القرون أو الألفيات، وإنما بالدقائق والثوانى والساعات. العلوم والتكنولوجيا الآن تأخذ العالم إلى حياة أخرى وزمن آخر، وسباق لم تعرفه دورة أوليمبية ولا كأس عالم. ولعل أكثر ما تحتاجه مصر الآن هو التطلع لما سوف يأتى بأكثر من النظر إلى ما ولى وراح، والبحث عن الطرق والسبل التى تجعلها واقعة بين الدول المتقدمة. مثل ذلك يحتاج إلى التفكير فى القضايا الكبرى التى جعلت مصر أسيرة لنيلها المقدس، وحبيسة لماضيها وليس لمستقبلها، ومرتعدة من التقدم والغنى والثروة والعصر الذى تعيشه دول العالم الأخرى دون خوف أو وجل. ثورة يناير الآن فى يد التاريخ.

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثورة والتاريخ الثورة والتاريخ



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon