توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مؤسسة الدولة الواحدة

  مصر اليوم -

مؤسسة الدولة الواحدة

بقلم - عبد المنعم سعيد

في الأول من مارس (آذار) الحالي خرجت إلى الوجود «مؤسسة الدولة الواحدة ـ مبادرة فلسطينية - إسرائيلية لتنمية الحوار والتأييد لحل الدولة الواحدة»، لكي تعبر عن فكرة وتيار، كثيراً ما عبرنا عنه في هذا المكان من قبل، يقول أولاً إن الأوضاع الراهنة في فلسطين وإسرائيل غير مقبولة، وثانياً إن جهود التسوية السياسية التي نجمت عن مؤتمر مدريد واتفاقيات أسلو بحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي من خلال ما عُرف بحل الدولتين قد فشلت ووصلت إلى طريق مسدود، وثالثاً إن مثل هذا الأمر لا يحقق آمال وطموحات وتوقعات الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، ورابعاً إنه آن الأوان لتفكير جديد في القضية برمتها، وخامساً إن هذا التفكير الجديد عليه أن يعكس الحقائق الواقعة على الأرض، وفي مقدمتها أنه بعد أكثر من 70 عاماً من قرار تقسيم فلسطين، و50 عاماً من احتلال إسرائيل كامل التراب الفلسطيني، قد شكل بالفعل وحدة سياسية واقتصادية وأمنية واحدة. هذه الفكرة ليست جديدة كل الجدة، بل إن لها صوراً سبق أن جرى رفضها رفضاً كلياً كما حدث من الإسرائيليين إزاء الفكرة التي قدمتها منظمة التحرير الفلسطينية خلال الستينات من القرن الماضي والتي قامت على الدولة الواحدة الديمقراطية العلمانية. وبالمقابل، فإن الفلسطينيين قاوموا ورفضوا الحل القائم على الشكل الإسرائيلي للدولة الواحدة وهي الصورة الحالية للهيمنة والاحتلال والتمييز العنصري بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ورغم هذا الرفض المتبادل لنوع من الصورة القصوى للدولة الواحدة، فإن هناك إدراكاً لما يجري من واقع يقوم على الاعتماد الأمني والاقتصادي المتبادل، والسوق الاقتصادية الواحدة. هذه الحالة جعلت تياراً ينمو على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، إما أن يجد اقتراح الدولة الواحدة محبذاً على حالة الانسداد الحالية في العملية السياسية، أو يجد فيه تسليماً بواقع لا بد من التعامل معه وترجمته إلى حالة سياسية.
المؤسسة المذكورة والتي شكلها حفنة من الفلسطينيين والإسرائيليين تستند إلى مجموعة من المقدمات التي وجدت أنه من خلال استطلاعات الرأي العام توجد أقلية تتراوح ما بين 30% و40% على الجانبين تؤيد الفكرة حتى ولو كانت هناك الكثير من الشروط المرتبطة بها. كذلك، فإن هناك أدباً سياسياً كتبه فلسطينيون وإسرائيليون يتضمن الدعوة إلى الدولة الواحدة فهناك كتاب علي أبو نعمة «بلد واحد؛ اقتراح جريء لإنهاء المواجهة الفلسطينية الإسرائيلية»؛ وكتاب أوفرا شوليث «ما هو سياسياً غير مقبول؛ لماذا الدولة اليهودية فكرة سيئة». كتاب أريللا أوزلاي وآدي أوفير «حالة الدولة الواحدة: الاحتلال والديمقراطية في إسرائيل - فلسطين» الذي يعلي من وصف الحالة القائمة أو المسمى One State Condition، الذي تولد عن نتائج حربي 1948، 1967. كتاب شيرين حسين «في مواجهة الوهم، الظهور الجديد لحل الدولة الواحدة في فلسطين - إسرائيل» يعود إلى معتقدات إدوارد سعيد في الموضوع، والمدى الذي وصل إليه الفشل في عملية أوسلو. كتاب جويل كوفيل «هزيمة الصهيونية، نزع الصفة الاستثنائية للآيديولوجية الصهيونية» يأخذها من الجانب الإسرائيلي الذي يرى أن استمرار الاحتلال والاندماج الجاري على الأرض ينزع في الحقيقة عن الصهيونية صهيونيتها.
البيان الأول للمؤسسة يؤكد الكثير مما جاء في هذا الأدب، لكنه ينزع إلى الجانب السياسي في الموضوع والذي يحاول أن يجعل من الفكرة واقعاً في المحيطين الفلسطيني والإسرائيلي؛ استناداً إلى ليبرالية صافية تؤكد على المساواة الكاملة في الحقوق الدستورية والفرص الاقتصادية مع نهاية الاحتلال والقهر والتمييز والأبارتهيد، والاعتراف بالنكبة والقرار 194 الخاص باللاجئين الفلسطينيين، وأيضاً بالتالي وقف المقاومة. لكن بيان الإشهار لا يعني أن الفكرة باتت راسخة، وإنما أنها تعدت مرحلة استطلاعات الرأي العام والتعبيرات القادمة من ساسة، مثل صائب عريقات، أو كتاب ومحللين مثل يوسي ألفر وحسين أغا وأحمد الخالدي الذين رصدوها دون قبول تام أو رفض قاطع. هي مرحلة تأخذ بفكرة ثم تطرحها في إطار من العمل المنظم، وتخرج بها من بيئتها الأولية المنتشرة بين اليهود الليبراليين، وبخاصة في خارج إسرائيل وفي الإطارين الأميركي والهولندي، والفلسطينيون في داخل إسرائيل والمهجر. «عرب إسرائيل» يشكلون ضلعاً مهماً في هذه المعادلة، فهم الذين صمدوا على الأرض، وهم الذين دخلوا في المعادلة السياسية الإسرائيلية بالفعل، وهم من جانب آخر الذين رفضوا وقاوموا أن يكونوا جزءاً من حل الدولتين فيكون على حسابهم تبادل للأراضي أو السكان.
والفكرة لا تزال في مولدها التنظيمي الأول، فإن العقبات أمامها هائلة، فهي لا تزال مرفوضة من الأغلبية على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وهذه الأغلبية لا تنطلق إلى الدولة الواحدة من توازن معقول للقوى السياسية أو العسكرية. فالفلسطينيون سوف يظل خوفهم دائماً أن تكون فكرة الدولة الواحدة غطاء لشرعنة الأوضاع الراهنة؛ والأغلبية الإسرائيلية التي باتت مفرطة في يمينيتها لا تجد سبباً لتقديم المساواة إلى من يرون لا مساواة معهم. وبغض النظر عن الأغلبية أو الأقلية، فإن هناك صناعة هائلة من السياسيين والكتاب والمحللين الذين عاشوا على مدى ربع القرن الماضي على حل الدولتين وتعقيداته؛ بل إن هذه الجماعة تعدت فلسطين وإسرائيل إلى الساحة الدولية ومنظماتها العتيدة بلجانها وخبرائها. ليس مهماً هنا الإعلانات المتكررة عن «نهاية حل الدولتين»؛ لأنه ما أن تبدأ المفاوضات فإنه لا يوجد على طاولتها إلى الحل ذاته الذي جرى الإعلان عن نهايته تواً.
لكن المعضلة ليست فقط في جماعة المنتفعين بحل الدولتين، وإنما أيضاً في أنه رغم نمو الاعتماد المتبادل، فإنه حتى الآن له طبيعة نفعية يغلفها الكثير من انعدام الثقة والكراهية العميقة والشعور بأن الزمن وتوازن القوى يعمل لمصلحتها. فالفلسطينيون وقد زاد ارتباطهم بالأرض لأن الظروف خارجها باتت شبه مستحيلة العيش أو الهجرة، يشعرون بأن التوازن السكاني يعمل لمصلحتهم، كما أنهم رغم الكثير من العقبات يشعرون بأنهم جزء من نطاق عربي ممتد سوف يستيقظ ويقوى يوماً ما. الإسرائيليون على جانبهم الكثير من الزهو بما حققوه منذ قيام الدولة واستيعابها اليهود المهاجرين، وتقدمهم التكنولوجي الكبير، وروابطهم الغربية المتعددة التي تجعل رؤساء الولايات المتحدة يتنافسون على إثبات أيهم أكثر ولاءً وحباً لإسرائيل. ذلك الشعور بأن يوماً آخر من الصراع سوف يصل بأي من الجانبين إلى الانتصار النهائي لا يزال قائماً. كل ذلك كان ولا يزال جزءاً من الصراع الفلسطيني والعربي ـ الإسرائيلي؛ وما يقاومه الآن ليس فقط الضرورات التي تجعل نوعاً من العيش المشترك قائماً، وإنما أيضاً أن الأجيال الجديدة لا تريد لمستقبلها أن يكون مثل حاضرها الذي كان مستقبل الآباء من قبل. الأرجح أن هذه هي المساحة التي ستعمل فيها مؤسسة الدولة الواحدة لكي تنسج خيوط ارتباط يتعامل مع قائمة طويلة من المعضلات الصعبة في وقت لا يزال الصراع فيه مستمراً، وفي أحيان كثيرة يكون دامياً.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنيه

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مؤسسة الدولة الواحدة مؤسسة الدولة الواحدة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon