توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اسألوا الفلاحين

  مصر اليوم -

اسألوا الفلاحين

بقلم - مي عزام

منذ فترة حكى لى أحدهم عن موقف كان شاهد عليه، ليدلل به على أن المصرى معمارى بالجينات التي توارثها عبر الأجيال منذ العصور الفرعونية، حيث عاش أفضل معمارى في العالم حتى الآن. القاص كان يعيش في بلد خليجى، وكان ضمن العاملين في شركة إيطالية تقوم بتصميم وتنفيذ قصر فخم لأحد الأمراء، وعند التسليم تبين وجود عيب في سقف أحد أجنحة القصر، عجز المهندس المسؤول عن إصلاحه ولم يعد هناك بديل عن هدم الجناح وإعادة بنائه من جديد، وهذا يكلف الشركة مال ووقت وسمعة سيئة. كان هناك عامل مصرى يعمل في النقاشة، تقدم بفكرة لحل المشكلة وطلب 5 اآاف دولار مكافأة لو نجح في تنفيذها ،بالنسبة له كان هذا المبلغ «ثروة» وبالنسبة للشركة «فكة»،وافق المهندس فورا فلن يخسر شىء، لو فشل لن يدفع له، ولو نجح ستكون معجزة تنقذ الشركة وتضرب ثلاثة عصافير بحجر واحد. وبالفعل نجح وكانت مكافأته عشرة آلاف دولار لا خمسة، أنهى محدثى حكايته مبتسما، وقال صحيح: «التعليم في الراس مش في الكراس»، رغم اعتراضى على المثل إلا أننى اتفق معه في أن الخبرة العملية مهمة، وهى نتاج تجربة وملاحظة ويمكن اعتبارها ببساطة نظرية علمية تم تجربتها في الحياة العملية الشعبية بعيدا عن أروقة الجامعات وجدران المعامل.
(2)
منذ أيام كنت في ضيافة أحد أبناء عمومتى، دار الحديث بعد الغذاء عن أزمة المياه وكيف سيؤثر ذلك على الزراعة مستقبلا في مصر وهم من ملاك الأراضى الزراعية، وهنا تدخل أبنه المسؤول عن أرض العائلة قائلا: لقد بدأنا في تغيير أسلوب الرى بالغمر إلى رى بالتنقيط، قدمنا على قرض من البنك لنبدأ لأن التكاليف كبيرة، أبى عارض في البداية، لكننى وضعت أمامه التكلفة والمزايا وكيف سنوفر مع الوقت ثلثى الماء والسماد فوافق في نهاية الأمر. أعجبنى تفكير الجيل الجديد وزكيته عند والده، وخاصة أننى كتبت من قبل عن ضرورة البحث عن وسائل يمكننا بها ترشيد استهلاك المياه في حياتنا اليومية، ودور الحكومة في دعم هذا الترشيد، وخاصة أن الأمر أصبح ملحا مع مخاطر تقليل حصتنا من مياه النيل بسبب سد النهضة. وأن على الحكومة أن تضع خريطة لاستهلاك المياه في مصر ومراعاة عدالة التوزيع على مستوى الجمهورية، فهناك قرى محرومة من مياه الشرب، وأخرى لا تأتيها المياه سوى سويعات قليلة في اليوم، في حين تتنافس الشركات العقارية في العاصمة والمحافظات الكبرى على تسويق منتجعات سكنية تحقق لسكانها حلم الحياة على ضفاف بحيرات صناعية وحمام سباحة لكل فيلا ومساحات خضراء تفوق الخيال!! ولا أعرف كيف سيتم توفير الماء اللازم لكل هذا؟.
(3)
ذكرت القصتين السابقتين لأدلل بهما على أن المصرى البسيط والمتعلم لديه وعى وخبرة ترسخت عبر الأجيال، ويمكن أن يكون داعما للحكومة، لو جعلته الحكومة شريكا لها في وضع تصور لمستقبل البلد في مختلف مناحى الحياة، المجتمع المدنى شريك للحكومات في جميع أنحاء العالم، ولكن في مصريخالف الأمر الواقع هذه الحقيقة، فيتم إقرار قوانين منظمة لعمل فئات دون مناقشة هذه القوانين مع الفئات المعنية والتى ستطبق عليها، وآخر مثال على ذلك تعديلات قانون الزراعة الذي اقره مجلس النواب، لم تتم مناقشته مع ممثلى الفلاحين لمعرفة نتائج تطبيقه، وهل هناك آثار سلبية له وكيف يمكن تفاديها قبل إقرار القانون، وكذلك بحث الحوافز التي ستقدمها الحكومة للفلاح لتشجعه على تطبيق القانون.
(4)
عماد أبوحسين نقيب الفلاحين أدلى بتصريحات صحفية انتقد فيها موافقة مجلس النواب بشكل نهائى على مشروع القانون المُقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون الزراعة الصادر بالقانون 53 لسنة 1966، والذى يعطى لوزير الزراعة بالتنسيق مع وزير الرى طبقا للسياسة العامة للدولة، الحق في أن يصدر قرارًا بحظر زراعة محاصيل معينة في مناطق محددة.
وقال أبوحسين، إن التعديل الجديد لم ينصف الفلاح كما شددت التعديلات التي تم إدخالها على العقوبة المترتبة على مخالفة القرارات التي تصدر، بأن أضافت عقوبة الحبس على مخالفة هذه القرارات بمدة لا تزيد على 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه عن الفدان أو كسور الفدان، أو بإحدى العقوبتين، وقد تضمنت العقوبة الحكم بإزالة المخالفة على نفقة المخالف، ما يعد تغليظًا للعقوبة مبالغا فيه، بمعنى أن هذه التعديلات «ستسجن الفلاحين وتخرب بيتهم كمان»، كما قال النقيب.
(5)
الحكومة تريد ترشيد الزراعات توفيرا للمياه، وهذا هدف لا يختلف عليه اثنان لأننا نعيش فقرا مائيا وننتظر الأسوأ، ولكن خطأ الحكومة يكمن في كيفية تحقيق الهدف، الحكومة تريد أن تحل مشكلة ترشيد المياه المستخدمة في الزراعة لكن على ألا يكون ذلك بخلق مشكلة مع الفلاحين.
القوانين تسن لمصلحة الناس كافة، ولو حدث تعارض بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة يكون الأولوية للمصلحة العامة، ولكن في حالة الفلاحين لا يمكن التجاوز عن مصلحتهم لأنهم القائمون على الأمن الغذائى لهذا الوطن، وهم أصحاب الخبرة في هذا المجال، ولو أرادت الحكومة أن تغير من أسلوب الرى لتوفير المياه فعليها أن تقدم حوافز وقروضا بدون فوائد للفلاحين ليبدأوا التغيير المراد بالإرشاد والتعليم والنصح وليس بتشديد العقوبات والغرامة.. وإلا سنستيقظ يوما لنجد فلاحينا قد هجروا الأرض لتصبح بورًا.

نقلًا عن المصري اليوم القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اسألوا الفلاحين اسألوا الفلاحين



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon