بقلم-سمير عطا الله
روت الكاتبة إقبال الأحمد في «القبس» حكاية جمعيةٍ خيرية بدأت ببضعة دنانير وأصبح رأسمالها اليوم مليون دينار (3 ملايين دولار) وتشمل مساعداتها 10 آلاف محتاج في الكويت وخارجها. بدأت الجمعية النسائية بمبادرة من فارعة السقاف، ابنة راحلنا العزيز أحمد السقاف، أحد مؤسسي النهضة الثقافية في الكويت.
يزداد دور المرأة أهمية عندما يُشبِهُها كأمٍ حانية وشقيقة عطوفة وابنة غيورة. وفي هذه السلسلة لا بد من أن أتذكر سيدتين من سيدات الخير: كرم جميل الحجيلان وصفية مصطفى أمين. أيضاً بدأت كرم الحجيلان جمعيتها بموازنة محدودة جداً. ثم وجدت الصديقات ينضممن إليها من كل صوب. وبعد الصديقات تدافع نحو مبادرتها سيدات كثيرات لا تعرف عنهن شيئاً. حيثما كان الشيخ جميل الحجيلان سفيراً للمملكة كانت كرم الحجيلان سفيرة للعطاء والتطوع والمساعدة المجردة. وبما أن اسمه يوحي بتلك الثقة العظيمة أينما حلّت، فإن العائلات التي انتسبت إلى جمعية كرم لم تكن سعودية فقط؛ بل من العرب الآخرين وحتى من غير العرب.
كنت واحداً من آلاف العرب الذين أعجبوا بصحافة العملاق مصطفى أمين، غير أن إعجابي تحول إلى تقدير شديد عندما أنشأ جمعية لمساعدة الضعفاء والمعوزين. وكان يستبدل المقال في زاويته اليومية بعض الأحيان لينشر لائحة بأسماء المتبرعين وأرقام التبرعات، لكي لا يترك المجال للظن السيئ عند الخصوم، والنفس أمارة بالسوء بلا سبب، فكيف إذا كان السبب هو الحسد؟!
عندما غاب مصطفى أمين أدركنا جميعاً أننا فقدنا رائداً من رواد الصحافة الحديثة كما أدركنا حتمية الأقدار. أما أنا فلم يكن همي فقط من سيخلفه قلماً وفكراً، وإنما من سوف يمول مَبَرَّته الكبرى وجائزته التي تُعطى للصحافيين. آخر مرة قرأت بياناً بتوزيع المساعدات والجائزة موقعاً باسم ابنته صفية، فوجئت بأن المبرة من بعده قد توسعت كثيراً، والجائزة قد زادت كثيراً... ليس فقط لأن صفية وفية لأبيها، بل لأن أصدقاء مصطفى أمين ومعجبيه وحافظي التراث المصري، ما زالوا يدعمون المؤسسة وكأنه حي بينهم.
تنشر بعض المجلات المتخصصة كل عام لائحة، أو لوائح مختلفة، باسم السيدات «الأكثر نفوذاً» في العالم العربي. ومن الصعب أن تعرف ما مفهوم الأولويات وإلى أي مدى يعتمد حقاً الاستفتاء الصحيح. فعلى سبيل المثال؛ انتقلت فيروز من الدرجة رقم واحد إلى الدرجة الثالثة والستين. يبدو الرقم الأول غاية في المنطق، بينما يبدو الترتيب الثاني غاية في الشبهة. وهذه الشبهة تطبع نفسها تلقائياً بشبهة المال والإعلان... مع العلم بأن اللائحة تضم دائماً سيدات مستحقات ولهن منجزات تستأهل التقدير والتنويه. غير أنني أقترح أن نعطى كل عام في مثل هذا الوقت لائحةً بأسماء السيدات الأكثر نجاحاً في حقل البِرّ والإحسان. النجاح العام عمل جميل، أجمل منه النجاح الإنساني.
إلى اللقاء
نقلا عن الشروق
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع