توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل تحتاج ليبيا واليمن إلى نموذج «لويا جيرغا»؟

  مصر اليوم -

هل تحتاج ليبيا واليمن إلى نموذج «لويا جيرغا»

بقلم - نصر محمد عارف

للمجتمعات القبلية ديناميتها السياسية الخاصة، التى ينبغى أن يحسن السياسيون فهمها، والتعامل معها، وتوظيفها بما يحقق الأمن والاستقرار فى المجتمع، فعلى الرغم من أن الدولة تديرها مؤسسات سياسية، وعسكرية واقتصادية وغيرها؛ فإن القبيلة كوحدة أساسية للتنظيم المجتمعى، وكرابطة قوية لتحقيق التماسك الاجتماعى هى الأساس الراسخ لاستقرار وفعالية مؤسسات الدولة، وهى القاعدة الصلبة لشرعية الدولة ذاتها.

لذلك إذا انفجر المجتمع القبلى، وتصارعت القبائل، وفقد المجتمع تماسكه، وتخلى عن أواصر العيش المشترك، ولحمة الحياة معا, سيكون من العسير على مؤسسات الدولة إعادته الى طبيعته، وتحقيق السلام والأمن والطمأنينة فيه مالم يتم ذلك من خلال إعادة القبائل الى حالة السلام والتناغم والعيش المشترك من خلال عملية توافقات قبلية، لأن علاقات القبائل على مر التاريخ تحكمها الأعراف والتقاليد، وعمليات التفاهم والتنازلات المتبادلة، فلا غالب ولا مغلوب فى مجتمع قبلي, تعلو فيه مفاهيم الكرامة والشرف القبلى على أى مصالح أخرى.

وتتعدد النماذج التى تم فيها إعادة بناء المجتمع والدولة بعد حروب أهلية طاحنة، فهناك نماذج لمجتمعات قبلية بالمعنى التاريخى للقبيلة، وهناك أخرى لمجتمعات قبلية بالمعنى الحديث للقبيلة الذى أصبح يتمظهر فى صورة الطائفة، أو الجماعة الدينية المغلقة، هذه النماذج يمكن الاستفادة منها فى إعادة كل من ليبيا واليمن الى الحالة التى كانتا عليها قبل انفجارات الربيع العربى المشؤوم:

النموذج اللبنانى الذى مر بحرب أهلية طاحنة استمرت 15 سنة من 1975 الى 1990, وانتهت الحرب باتفاق الطائف الذى تم بين قبائل دينية فى صورة: طوائف ومذاهب وملل ونحل وأديان، وكانت الدولة اللبنانية ممثلة بهذه القبائل الدينية والطائفية، بحيث أن شكلا جديداً للدولة ولد من رحم هذا الاتفاق.

فى نهاية الحرب الأهلية فى أفغانستان، لم يستطع الأمريكان بكل قوتهم تحقيق الاستقرار، وهزيمة طالبان إلا من خلال إحياء اللويا جيرغا، وهى المجلس الأعلى للقبائل والعشائر الأفغانية، ومن خلال اجتماع اللويا جيرغا، تمت إعادة بناء الدولة فى أفغانستان من جديد، وتمت ولادة الدولة الأفغانية بعد غياب طويل استمر لما يقارب ربع قرن، وعلى الرغم من استمرار العمليات الإرهابية لتنظيم طالبان، فإن اللويا جيرغا نجح فى إعادة بناء الدولة الأفغانية، وتحولت طالبان فيها الى جماعة منشقة خارجة على القانون.

العمليات الإرهابية فى العراق بعد 2003 التى أوشكت أن تدخل العراق فى حرب أهلية شاملة بين السنة والشيعة, لم يستطع أقوى جيش فى العالم السيطرة عليها، لذلك لجأت الإدارة الأمريكية فى العراق الى فكرة الصحوات القبلية، وكانت هذه الصحوات تمثل قوة القبائل والعشائر، التى هى فى حقيقتها أقوى من الدولة، ولم يتم القضاء على القاعدة والزرقاوى فى العراق إلا من خلال الصحوات القبلية.

وبناء على ذلك فإن الاعتماد على القوى الاجتماعية ممثلة فى العشائر والقبائل يمثل حلا قد يكون مفيدا فى حالة اليمن التى تجاوزت حروبهما الأهلية ثلاث سنوات من الكر والفر بين جيش نظامى تسانده قوى شعبية يمنية متقلبة الولاءات، متغيرة الانتماءات فى مواجهة حرب عصابات تشنها جماعات عقائدية مغلقة تتحرك مثل الروبوتات، بأوامر من طهران وبيروت. ونفس الأمر ينطبق كذلك على الحالة الليبية التى لم تزل منذ أكثر من سبع سنوات تعيش حالة من الفوضى والعبث بمقدرات الشعب من خلال جماعات تعمل لحساب قوى إقليمية تهدف لتوظيف ليبيا للإضرار بدول الجوار، وخلق مناطق نفوذ.

ويتحقق نموذج اللويا جيرغا من الدعوة لعقد اجتماع يضم جميع قبائل وعشائر الدولة المعنية، تحت مسمى المجلس الأعلى للقبائل والعشائر اليمنية أو الليبية أو أى مسمى آخر. ويفضل أن يتم عقد هذا الاجتماع فى الجامعة العربية، وينبغى أن يتم التخلى تماما عن صيغة الحل السابقة سواء اتفاق الصخيرات فى حالة ليبيا، أو المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطنى، والقرارات الدولية, هذه الثلاثية لم يعد لها وجود، لان الزمن تجاوزها بكثير، ولذلك ينبغى التأسيس لشرعية جديدة تضع الحوثيين فى وزنهم الطبيعى ضمن البنية القبلية اليمنية. ويتم وضع جدول أعمال يركز على ميثاق عيش مشترك، وعقد اجتماعى جديد. كذلك يتم وضع وثيقة دستورية تحدد المبادئ العليا للدولة اليمنية، ومن هذه الوثيقة يتم بعد ذلك صياغة دستور جديد من خلال لجنة دستورية منتخبة أو مختارة بوسيلة ترضى مختلف مكونات المجتمع.

بذلك يتم تقديم فكر جديد ورؤية جديدة لمستقبل الدولة يقوم على عقد اجتماعى متجدد، يؤسس لميثاق العيش المشترك، ويعيد بناء المجتمع، وبعد ذلك يتم بناء مؤسسات الدولة بعد أن يستقر المجتمع، ويقر بصورة واضحة عن إرادته فى العيش المشترك، لأنه لا يمكن بناء الدولة إلا إذا كان هناك مجتمع يقبل بشرعية هذه الدولة، وهذا النموذج سيقوم بإعادة تأسيس مجتمع قوى أصابته أدواء التفكك والصراع خلال السنوات السبع العجاف الماضية.

نقلا عن الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تحتاج ليبيا واليمن إلى نموذج «لويا جيرغا» هل تحتاج ليبيا واليمن إلى نموذج «لويا جيرغا»



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon