توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مصر هبة المصريين

  مصر اليوم -

مصر هبة المصريين

بقلم : يوسف القعيد

أرسل لى الدكتور أحمد عواض، رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، كتاب «تكوين مصر»، للدكتور محمد شفيق غربال. وقبل الوصول للكتاب، لن أمل الكتابة عن مسمى: الثقافة الجماهيرية.

فكلمة قصر توحى للجماهير بأنه مكان يسكنه عِلْيَّة القوم، وفى زمن الطبقات. فالقصر كان المكان الذى يعيش فيه الباشوات والبكوات. أما الثقافة الجماهيرية، فربما كان تعبيراً أكثر دقة.

فى سلاسل الكتب التى يتولى أمانة نشرها الشاعر: جرجس شكرى. سلسلة: حكاية مصر. يرأس تحريرها الدكتور: د. كمال مغيث. أصدرت كتاباً صغير الحجم، رخيص السعر، لا يتعدى جنيهين فقط. لكن قيمته تفوق الخيال.

وتوفيره للقراء بما هو أقل من الجنيهين مسألة مهمة. أتوجه للدكتور هيثم الحاج على، رئيس هيئة الكتاب، والمشرف على مكتبة الأسرة. برجاء أن يكون تكوين مصر فى مقدمة الأعمال التى تُطبع.

صاحب الكتاب وكما جاء فى المقدمة، الدكتور غربال، 1894 ـ 1961، من مؤسسى مدرسة التاريخ المصرى الحديث. مع زملائه أحمد عزت عبد الكريم، ومحمد أنيس، ومحمد البطريق. دراسته للدكتوراه، قدمها فى لندن، كانت عن: بداية المسألة المصرية وظهور محمد على، كان المؤرخ الإنجليزى الشهير أرنولد توينبى، مشرفاً عليه.

ومن أبرز أعماله: مصر على مفترق الطرق. ترتيب الديار المصرية فى عهد الدولة العثمانية. ودراسة بعنوان: الجنرال يعقوب، ومشروع استقلال مصر 1801، كان آخر ما كتبه: منهاج المفصل لدراسة العوامل التاريخية فى بناء الأمة العربية على ما هى عليه اليوم.

كتابنا عنوانه: تكوين مصر عبر العصور. كتبه صاحبه استجابة ثقافية ووطنية ملحة بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952، ومعاركها فى مواجهة الاحتلال البريطانى، وسعيها للتنمية المستقلة ببناء السد العالى، وهو ما اعترضت عليه قوى الاستعمار العالمى. مما اضطر عبد الناصر لتأميم قناة السويس، لتدبير نفقات السد العالى. مما أدى للعدوان الثلاثى على مصر. وهو ما شحذ همة المصريين جميعاً للوقوف فى مواجهة العدوان الثلاثى. وخرجت مصر من تلك المعارك منتصرة.

كان سؤال اللحظة: ما هى مصر؟ وكيف تكونت عبر عصورها الطويلة؟ يومها قدَّم غربال إجابته عبر عدد من الأحاديث أو المحاضرات فى الإذاعة المصرية. تم طبعها فى هذا الكتاب سنة 1957، وكان ظهوره حدثاً مهماً. فى الإذاعة المصرية كنوز نادرة، موجودة بالصوت. وبعد ذلك من خلال التليفزيون بالصوت والصورة. مدفونة، على الرغم من أنها تشكل جزءاً شديد الأهمية من تراثنا الثقافى والفكرى والروحى. والبحث عنها. ونزولها للجماهير يحميها من سرقة اللصوص. ويوفر لنا ما يمكن أن يساعدنا فى عبور أزماتنا. وأحاديث تكوين مصر مجرد حالة جاءت وسط أعمال كثيرة لرموز رحلت عن عالمنا.

أذكر أنه بعد الخامس من يونيو 1967، حدثت لنا نحن أبناء الستينيات حالة من البحث عن الكتب التى تتحدث عن مصر. كان فى المقدمة منها: فجر الضمير، لجيمس هنرى بريستيد. ومصر ورسالتها، لحسين مؤنس. المصريون المحدثون: لإدوارد لين. وقبلها وبعدها هذا الكتاب الذى لا تتعدى صفحاته 90 صفحة من القطع الصغير. والذى استندت ظهورنا إليه ونحن نواجه ما كانت تواجهه مصر.

تعتبر أحاديث شفيق غربال فى الراديو المصرى نهاية لأسطورة عبارة هيرودوت التى لاحقت المصريين منذ نشأة التاريخ وحتى خمسينيات القرن الماضى، عندما قال: «مصر هبة النيل» فجاءت الأحاديث المهمة لترد عليه بعبارة أخرى: أن «مصر هبة المصريين». وليست «هبة للنيل». المصريون هم من أبدعوها وهم من حافظوا عليها وتقع عليهم مسئولية رهان مستقبله.

عناوين فصول الكتاب: الاستمرار والتغيير فى تاريخ مصر، الحكومة والمجتمع فى مصر، المدينة والريف فى تاريخ مصر، مصر والعهد القديم، مصر والهيلينية، مصر والمسيحية، مصر والإسلام، مصر والغرب.

على أن الفصل الأول من الكتاب الذى أعطاه المؤلف عنواناً جميلاً، نحن فى أمس الحاجة له الآن: مصر هبة المصريين. فيضع فيه المؤلف فلسفته التى قام عليها كتابه التاريخى المهم. فيؤكد أن التفاعل فى تاريخ مصر بين مبدأى الاستمرار والتغيير، وعوامل التماسك الاجتماعى ومكان الفرد فى المجتمع، وأوجه التباين بين المدينة والريف. وفرت لمصر الاستقرار والاستمرار.

يشرح المؤلف أنه اتخذ لأحاديثه فى الراديو عنوان: مصر هبة المصريين. ويعترف بأن الهدف ليس لمعارضة القول المشهور لأبى التاريخ هيرودوت، حباً فى المعارضة. ولكن لتأكيد الناحية الذى سيعالج منها موضوعه الذى يدور حول مصر فى كل العصور. وليست مصر فى مرحلة زمنية معينة.

يكتب أن مصر أرض شكلتها الطبيعة، وشكَّلها الإنسان شيئاً له ذاتيته وأهميته. وهى وطن مجتمع من بنى الإنسان، تربط بعضهم ببعض روابط أدبية ومادية. إنها وطن مجتمع مغاير لمجتمعات بشرية أخرى.

يجب ألا ننسى أن هذا التفكير العميق، وهذه الأقوال المهمة كانت أحاديث فى الراديو. لم يجلس صاحبها إلى مكتبه ليدونها. قالها ـ ليس عفو الخاطر ـ ولكن بعد تفكير شديد العمق. ولا أحب من القارئ أن يقارن هذا بما يسمعه أو يشاهده من وسائلنا الإعلامية الآن.

إن المصريين ـ يكتب المؤلف ـ هم الذين خلقوا مصر. تأمل النيل مجتازاً آلاف الأميال، من خط الاستواء إلى البحر الأبيض. هل تجد على طول مجراه إلا مصر واحدة؟ إن هبات النيل كهبات الطبيعة سواء بسواء. طائشة عمياء. فإذا ما تُركت دون ضبط، فإنها تدمر كل شىء، وتخلف مستنقعات الملاريا الوبيلة. والإنسان وحده هو الذى يستطيع أن يجعل من هذه الهبة نعمة لا نقمة. وقد كان ذلك ما عمله الإنسان فى مصر. لذلك لا بد من القول إن «مصر هبة المصريين».

ولأن المؤلف تلميذ مخلص لأرنولد توينبى، يبدأ من مقالاته التى قالها عن مصر، عندما تحدث عن «التحدى والاستجابة» فالمصريون الأوائل واجهوا بعد نهاية عصر الجليد التحول الطبيعى العميق فى مناخ جزء من إفريقيا وآسيا نحو الجفاف. هذا هو التحدى. فماذا كانت الاستجابة؟ لقد استجاب المصريون القدماء لتحدى الجفاف بعمل إرادى قل أن نجد له مثيلاً فى التاريخ لمواجهة كارثة الجفاف.

إن مصر التى تشكلت على هذا النحو المثير، سيطرت على مصائر أبنائها، واقتضتهم ثمن بقائها على الشكل الذى صنعوه.

نقلا عن الاخبار القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر هبة المصريين مصر هبة المصريين



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon