بقلم : يوسف القعيد
لأول مرة منذ 25 عاماً يقام احتفال لتسليم جوائز الدولة الثقافية، سواء التشجيعية والتفوق والتقديرية والنيل لمن حصلوا عليها في العام السابق فقط. منعتني ظروفي الصحية - والصحة كما قيل تاج علي رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضي - من الذهاب. ولكن سعادتي بالمناسبة وسعادة أي مثقف مصري أو عربي بالحدث لابد من التوقف أمامها. أكثر من مثقف من الذين حصلوا علي الجوائز في السنوات الماضية يتساءل: وما ذنبنا نحن؟ ولا أدري كيف يحل الأمر؟ لكن لابد من حل.
الفضل يعود للدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة. والدكتور سعيد المصري، الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة. فقد كانت الجوائز تسلم سواء القيمة المالية أو الدرع في مكتب الأمين العام عبر سنوات مضت. ولكن أن يحتفل بها فإن الاحتفال يضيف لقيمة الجائزة جائزة. كانت هناك إضافة نادرة لم يسبق أن حدثت من قبل في تاريخ مصر. إن الجوائز الموزعة شملت بعض الأشقاء العرب. وكانت توزع علي المصريين فقط. فدور مصر العربي يفرض علينا ذلك. وهو ما أرجو التوسع فيه مستقبلاً. وأيضاً أعلنت وزيرة الثقافة عن رفع قيمة جائزة نقيب محفوظ وتحويلها لجائزة عالمية. وهو ما يتطلب منا الاستعداد لهذا الحدث المهم من الآن. فلابد أن تليق الجائزة باسم مصر أولاً ونجيب محفوظ ثانياً والثقافة المصرية ثالثاً.
كهل وعجوز مثلي لا يمكن أن ينسي أن مصر في ستينيات القرن الماضي كانت تقيم عيداً مهماً هو عيد العلم في قاعة الاحتفالات الكبري بجامعة القاهرة. كان يحضره الرئيس جمال عبد الناصر، ويسلم الجوائز بنفسه للفائزين. ومن الذين مازلنا نري صورهم وهم يحصلون علي الجوائز من جمال عبد الناصر، بل ربما كانت الصور الوحيدة لهم مع عبد الناصر. إنهم رموز زمنه: طه حسين، عباس محمود العقاد، زكي نجيب محمود، وغيرهم كثيرون. وبعد تسليم الجوائز كان يقام حفل غنائي نادر. غنت فيه أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ، وهم من هم. كل في فنه.
ما لا يدرك كله لا يترك كله. وقد وضعنا احتفال هذا العام علي أول الطريق لكي نستعيد عيد العقل المصري مرة أخري. كانت جوائز الستينيات تمنح في العلوم البحتة والآداب والفنون والعلوم الاجتماعية. أي سواء التي تمنحها أكاديمية البحث العلمي أو المجلس الأعلي للثقافة. ولذلك سمي العيد عيد العلم.
الآن بعد أن وجدت الثقافة المصرية من يضعها علي طريق استعادة بريقها وألقها ودورها. هل يصبح من حقي أن أرجو الرئيس عبد الفتاح السيسي أن يسلم الجوائز بنفسه؟ وفي هذه الحالة سيتم تسليم الجوائز العلمية والأدبية معاً. وما أكتبه اجتهادي الشخصي. لم يطلبه مني أحد. ولم يوح لي به مسئول. لأنني أعتقد أن تسليم جوائز الدولة مهم. أعرف أن الرجل مشغول بلا حدود. وأنه يجوب البلاد من شمالها لجنوبها ومن شرقها لغربها. يجمع حلم المصريين من كل مكان يمكن أن يكون موجوداً فيه.
جوائز مصر لا تقل أهمية عن المشروعات الكبري.
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع