توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

محمود درويش.. الشهيد يحاصرنى أنا أيضًا

  مصر اليوم -

محمود درويش الشهيد يحاصرنى أنا أيضًا

بقلم - خولة مطر

ليلى الغندور (8 أشهر) استنشقت غازا مسيلا الدموع فعادت إلى أهلها مدثرة بالكفن بدلا من دمية صغيرة تحملها ككل أطفال الكون..
وصال (14 عاما) قالت أمها المنتحبة: حاولت أن أمنعها من الخروج من البيت والمشاركة فى الاعتصامات ولكنها قالت: «إننى انتظر هذا اليوم منذ شهر فلا تحرمينى منه يا أمى» ففتحت الأم الباب وخرجت وصال ليقتلها قناص إسرائيلى برصاصة فى الرأس..
***
ليلى ووصال وعشرات من القتلى وآلاف من الجرحى.. نساء ورجال وشباب وأطفال وفتية فى مقتبل العمر.. كلهم قتلوا برصاص القناصة والأسلحة المتطورة للجيش الإسرائيلى وهم لا يحملون سوى أجسادهم المتعبة من سنوات من الحصار الكلى والفقر والبطالة والعوز.. هم ليسوا أرقاما بل أسماء لبشر بحيوات متعددة ومتلونة على الرغم من قتامة الواقع فى غزة لسنين ممتدة..
***
فى عينى ليلى كانت الشمس تشرق وهى تنظر لنا جميعا، الغاضبين منا حتى العجز والمستسلمين حتى اللامبالاة والمبررين حتى الخزى والمنهمكين فى التفكير فيما يأكلون على الإفطار من وجبات دسمة وأى مسلسل يشاهدونه مع الشاى والحلوى.. ومن سيفوز فى مسابقة ذى فويس إن لم تكن النتائج قد أعلنت ولم أنتبه لها لكثرة الدم الفلسطينى الذى سقى الأرض العطشى وغطى نوافذ الرؤية..
***
كان سلاحهم حناجرهم وبضعة أحجار وعلى الضفة الأخرى كل المتطور من الأسلحة وجنود الاحتلال المدججون بكل أنواع المعدات الحربية وكأنهم فى معركة أو حرب حقيقية وكأنها اشتباكات كما سماها بعض الإعلام أو كله.. فقد استخدم الإعلام، كل الإعلام وأكثره الناطق بالعربية أيضا تعابير مثل «قتلى فى اشتباكات» والتعريف الدقيق للاشتباك هو حسب المعاجم العربية أن يلتحم طرفان فى حرب أو نزاع أو اشتباك بالأسلحة وهذا تعريف خاطئ بل مضلل لما يجرى فى فلسطين على مر سبعين عاما وليس فقط لما حدث لأهلنا فى غزة خلال الأسابيع الماضية..
وإن يقال «مات عشرات من الفلسطينيين اليوم» هم لم يموتوا بل قتلوا ولكل حكايته عن كيف أطلق الرصاص الحى وكيف يعاد اصطياد الأفراد واحدا خلف الآخر، وكل جريمتهم أنهم طالبوا بما نصت عليه كل المواثيق والأعراف التى هى من حق كل البشر إلا الفلسطينى الذى لا حق له..
المثير فى الأمر ليس الموقف الدولى، ففى بعضه أكثر من موقف مشرف، إنما موقف العرب وهو الآخر ليس مستغربا فخلال السبعين عاما تحولت القضية الفلسطينية إلى مجرد ظاهرة للمزايدات بين الحكومات والمسئولين وبعض البعض من المفكرين والإعلاميين اللامعين جدا!!! ولكن أن تخرج أصوات لتبرر القتل والدم وأن تحول الشعب الفلسطينى فى غزة وكل الأرض المحتلة بأنهم مجرد لعبة فى يد طرف سياسى أو آخر فهذا أمر لا يبعث إلا على مزيد من الغضب وكثير من التشويه الممنهج المستمر من قبل فئة تصورت أنها قادرة على احتقار ذكاء ومشاعر الكثيرين ليس من الفلسطينيين فقط بل العرب وكل أحرار العالم..
***
سقطت ليلى ووصال ومحمد وفهد وأحمد وعادل وسعيد وإبراهيم وإيمان وسيد ومحسن وسليم وكل اسم لصبى أو فتاة من غزة خرجوا فى يوم مطالبين بأبسط حق لهم ــ وهو الحرية والعدالة ــ رافعين أعلام بلادهم فلسطين وبضع طائرات ورقية هى أكثر حرية منهم، فيها يرون كيف يمكن أن يكون الهواء والماء والأرض أوسع من ثقب فى جدار أو الأسلاك الشائكة وشباك فى سجن كبير سمى غزة وفلسطين.. هؤلاء الضحايا لم يطالبوا العالم ومنظماته بحقهم فى كل ذلك، ولم يجبروا سكان مدن الكون أن تشاركهم مطالبهم هذه.. هم فقط خرجوا وحدهم وما لبثوا أن التحفوا التراب، وراح أولئك المتوسدون على مخدات ريش النعام ينعتونهم بأشد الألفاظ وينهالون عليهم باللوم فتتحول الضحية إلى مجرمة وتشيطن القضية بأكملها ضمن أجنداتهم الإقليمية..
***
ليستمروا هم ونبقى نحن تحاصرنا عيون ليلى وبقع الدم وأصوات الشهداء منهم أطفال وشباب وشيوخ..
لا نملك إلا أن نردد ما قاله محمود درويش:
الشهيدُ يُحاصرُنى كُلَّما عِشْتُ يوما جديدا
ويسألنى: أَين كُنْت؟ أَعِدْ للقواميس كُلَ الكلام الذى كُنْتَ أَهْدَيْتَنِيه،
وخفِفْ عن النائمين طنين الصدى
الشهيدُ يُعَلِّمنى: لا جمالىَّ خارجَ حريتى.
الشهيدُ يُوَضِّحُ لى: لم أفتِشْ وراء المدى
عن عذارى الخلود، فإنى أُحبُ الحياةَ
على الأرض، بين الصَنَوْبرِ والتين،
لكننى ما استطعتُ إليها سبيلا، ففتَشْتُ
عنها بآخر ما أملكُ: الدمِ فى جَسَدِ اللازوردْ.
الشهيدُ يُحاصِرُنى: لا تَسِرْ فى الجنازة
إلا إذا كُنْتَ تعرفنى.. لا أُريد مجاملة
من أَحَدْ.

الشهيد يُحَذِّرُنى: لا تُصَدِقْ زغاريدهُنَ.
وصدق أَبى حين ينظر فى صورتى باكيا:
كيف بدَلْتَ أدوارنا يا بُنى، وسِرْتَ أَمامى.
أنا أولا، وأنا أولا !
الشهيدُ يُحَاصرنى: لم أُغيِرْ سوى موقعى وأَثاثى الفقيرِ.
وَضَعْتُ غزالا على مخدعى،
وهلالا على إصبعى،
كى أُخفِف من وَجَعى !
سيمتدُ هذا الحصار ليقنعنا باختيار عبودية لا تضر، ولكن بحريَة كاملة!!.

نقلا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محمود درويش الشهيد يحاصرنى أنا أيضًا محمود درويش الشهيد يحاصرنى أنا أيضًا



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon