توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الاكتئاب وأخواته!!!

  مصر اليوم -

الاكتئاب وأخواته

بقلم - خولة مطر

 فى مشهد مثير من ذاك الفيلم الهوليودى فى أواسط السبعينيات يمر البطل بأزمة وهو فى متجر كبير، ويبدو وكأنه غير قادر على التنفس، فيما تحاول صديقته والعاملون بالمتجر مساعدته وطلب المساعدة الطبية، وفجأة تمتد الأيدى من زبائن المحل بأنواع مختلفة من الحبوب المهدئة وبالتحديد النساء، وكأن بحقيبة كل امرأة أمريكية فى السبعينيات شكل من أشكال الأدوية المهدئة أو المسكنة أو المضادة للاكتئاب..

ما ينقذ البطل هو كيس من الورق يطلب منه أن ينفخ فيه بهدوء، وهى الوسيلة الفضلى لمواجهة مثل هذه النوبات من القلق الحاد أو «الانكزايتى».
***

كنا نحن فيما يسمى بالدول النامية أو دول الجنوب لم ندخل ذاك العالم بهذه الدرجة، ربما لأن المجتمع كأن ولا يزال ينظر بشديد الريبة للأمراض النفسية والعصبية وربما لأن التضامن المجتمعى كان لا يزال قوى والترابط والتلازم والمحبة تقوم بكثير من الدعم حتى لو كان بشكل غير مباشر... فيما لا أستطيع أن أنسى مشاهد المعاملة القاسية من نفس ذاك المجتمع لما كان «بالمجانين» وخاصة فى مدينتى العريقة المحرق حيث كتب عنهم وعنهن الكثير من الروايات والقصص التى فى مجملها تدل على أنهم ربما كانوا يعانون مرضا نفسيا أو ربما خيبات فى الحب أو الحياة!!!
***

هكذا كانت السبعينيات، أما الآن ومع اشتداد ضغوطات الحياة العصرية ومتطلباتها، دون أن ننسى تحولات المجتمعات التقليدية وتمزق الأسر والأصدقاء وتشتتهم فى أطراف الأرض إما بحثا عن الرزق الشحيح أو حتى عن فرصة للعيش أو التطور أو العلم.. مع كل ذلك فقد ازدادت نسبة المصابين ــ وحسب تشخيص العديد من الأطباء النفسيين ــ بالاكتئاب أو الرهاب أو القلق وتكثر التسميات والتعريفات.. حتى أصبحت عيادة الأطباء النفسيين أكثر اكتظاظا من صالونات الحلاقة، وتنافس الأطباء النفسيون فى تكلفتهم مع أطباء وجراحى التجميل فى زمن شعاره التجمل حتى توحدت أشكال النساء وأصبحن جميعهن متشابهات حد الملل وفقدت الكثيرات ملامحهن الأصلية والخطوط والتجاعيد التى ما هى إلا تعبير عن تجارب فى الحياة كانت..
***

اللافت فى كل هذه التطورات هو استسهال الأطباء النفسيين لوصف الأدوية المتتالية والتى تؤدى أحيانا إلى أن يخدر المريض أكثر من أن يشفى ويصبح أكثر اتكالا واعتمادا على الأدوية.. وفيما تطور العلم طبعا أدى إلى تفسير العديد من الظواهر التى لم تكن معروفة سابقا وفيما أصبح المجتمع أكثر تقبل لفكرة أن المرض النفسى كالجسدى بحاجة للكشف والعلاج والمتابعة، فى نفس ذاك الوقت ــ وكما هو حال الأمراض الجسدية ــ استشرت شركات الأدوية فى وصفاتها للعديد من الأمراض ودعمها للتسميات المختلفة، وكل ذلك فى سبيل الربح السريع.. وحسب العديد من المصادر فإن أرباح شركات الأدوية العالمية (المتركزة فى دول صناعية محددة والتى تحارب كل الشركات فى الدول النامية، فمعظم شركات الأدوية هى فى الولايات المتحدة وسويسرا وفرنسا والدنمارك) وصلت إلى بلايين الدولارات. أما المثير فى الأمر فهو ازدياد عدد المصابين من الأصدقاء والمعارف والمحيطين فى الحياة، أو الذين شخصت حالاتهم على أنها «اكتئاب» حتى أصبحت الكلمة جزءا من خطاباتنا اليومية.. فهذا لا يتحدث ومنطوٍ لأنه مكتئب، وذاك بحاجة لزيارة الطبيب النفسانى، وذاك يتعالج هناك، وهكذا انتشر الاكتئاب كالإنفلونزا وأصبح الزنكس والديناكسيت ولكسوتنيل كالحبوب المسكنة للصداع، متوافرة فى صيدلية كل منزل على الرغم من أن السلطات فى معظم دول المنطقة تشترط وجود وصفة طبية ومتابعة من الأطباء ولكن...!!!!
***

هنا كان مثار تصريح الطبيب والعالم النفسانى «جيروم كاجان» فى مقابلة حديثة له، وهو العالم فى جامعة هارفرد والذى يعتبر من أهم علماء النفس ويوضع اسمه مع الرواد فى هذا المجال أمثال «إيفان بافلوف» و«كارل جونج». المثير فى مقابلته أنه امتلك الشجاعة ليفتح النقاش حول دور شركات الأدوية فيما يسميه «وصف العديد من الأشخاص على أنهم مرضى نفسيون لمصالحهم الخاصة».

ويضيف أن العديد من الأمراض النفسية هى مجرد «اختراع» وليست مرضا خطيرا.. ويضيف أنه ــ من خلال سنين طويلة من البحث ومراقبة العديد من الأطفال ــ وجد أن ردود فعل طفل تختلف عن الآخر فى مواجهة أحداث أو تطورات فى الحياة، ولذلك فبدلا من وصف الأدوية، يرى «كاجان» أن على الطبيب أن يعالج الأسباب التى تواجه هؤلاء الأشخاص بدلا من وصفهم بأنهم مرضى نفسيون، وهو ما يؤدى فى الكثير من الأحيان إلى فقدانهم للثقة بالنفس وهى بالتالى تزيد من اعتمادهم على الأدوية.. وقد تكون تجربته الشخصية وهو طفل وكيف تعاملت والدته مع ما كان يمر به هو السبب الذى دفعه الآن وبعد سنوات البحث إلى التأكيد على أهمية معالجة الأسباب والامتناع عن وصف الأدوية ومزيد من الأدوية..
***

الأهم فى كل ذلك أن الكثير مما نمر به اليوم من ضغوطات قد يكون بالإمكان معالجته، ربما عبر المساندة والحب والتفهم والتضامن المجتمعى، ربما عن طريق المواجهة أو البحث قبل تناول أى دواء، فشركات الأدوية تزداد فى وصفاتها الطبية وهناك جيش من الأطباء الذين يروجون لها.. انظروا لحجم المؤتمرات التى تعقدها شركات الأدوية وعدد الأطباء والطبيبات المدعوين لمؤتمرات الرفاه والبذخ؛ ربما لشراء ذمم الأطباء، وربما لاستسهال الربح على حساب العديد من الضحايا ومنهم كثير من الأطفال والشباب والشابات.

نقلا عن الشروق القاهرية

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاكتئاب وأخواته الاكتئاب وأخواته



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon