توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هذه قضية ملحة بضروراتها وضاغطة بتساؤلاتها.

  مصر اليوم -

هذه قضية ملحة بضروراتها وضاغطة بتساؤلاتها

بقلم - عبد الله السناوي

بقدر عدالة توزيع أعباء الإصلاح الاقتصادى يحصن المجتمع نفسه من أية هزات مفاجئة تحت ضغط الأنين الاجتماعى المتصاعد.

لا مصر تحتمل هزات جديدة من فرط إنهاك شعبها ولا قدرة التحمل مرشحة للبقاء على حالها.

بأية حسابات اجتماعية فإن لطاقة التحمل حدودا لا يعرف أحد ما قد يحدث إذا ما أفلتت تفاعلاتها عن أى قيد.

عدالة توزيع الأعباء من ضمانات سلامة المجتمع وتماسكه وثقته فى مستقبله.

لا يعقل أن تتحمل الطبقة الوسطى والفئات الأكثر فقرا وعوزا فواتير الإصلاح الاقتصادى وحدها وتُعفى من أية أعباء الفئات الأكثر غنى والوزراء والمحافظون وكبار المسئولين.

إذا ما توافرت مقومات عدالة توزيع الأعباء فإنها رسالة إلى المواطن المنهك بأنه ليست هناك فئات مستثناه تحصل على الامتيازات المالية وغير المالية فيما هو مطالب وحده بالتجلد والصبر تحت عبء الأزمة.

أول مدخل ضرورى فرض الضرائب التصاعدية وفق الالتزام الدستورى، الذى ينص عليها.

لا يوجد تسويغ واحد مقنع لتعطيل الالتزام الدستورى.

حجة تشجيع الاستثمار لا محل لها فى أى نقاش حيث تعرف اقتصاديات السوق فى دول غربية عديدة الضرائب التصاعدية دون أن تؤثر فى استثماراتها ومعدلات نموها.

بل إن أحد كبار رجال الأعمال المصريين اقترح على رئيس الوزراء الأسبق «حازم الببلاوى» بعد تكليفه بمهمته أثر (٣٠) يونيو فرض ضريبة على الثروة لمرة واحدة، لكن ذلك لم يحدث.

ولا يوجد تسويغ آخر لتعطيل ضريبة الأرباح الرأسمالية فى البورصة فيما تستحدث ضرائب وجبايات على المواطن العادى تنهكه بقسوة وتمنع عنه قدرته على توفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة بكرامة.

العدالة ليست حلا لمشكلة تدهور مستويات المعيشة، لكنها تشعر كل مواطن أن تحمل الأعباء مسئولية مشتركة، وأنه يمكن فى نهاية المطاف الخروج من المأزق الاقتصادى.

إذا غابت العدالة اليأس يخيم والإحباط يصل ذروته.

وثانى مدخل ضرورى التزام الحكومة بالتقشف وخفض إنفاقها دون تأثير على كفاءة أدائها لمهامها.

الأزمة تقتضى ترشيد الإنفاق العام فيما لا لزوم له، أو مما يدخل فى «أبهة السلطة».

بنفس توقيت الإجراءات الاقتصادية، التى وصفت بالمؤلمة، أعلنت الحكومة فى ذلك الوقت أنها بصدد ترشيد الانفاق الحكومى بنسبة تقارب (٢٥٪).

لم يحدث ذلك الترشيد، ولا اتخذت أية إجراءات لها صفة الجدية، وبدا الكلام عنه فرقعة إعلامية.

العكس هو ما حدث تماما، فقد زاد الانفاق الحكومى حيث رفعت رواتب الوزراء وزادت مخصصات النواب واتسعت رقعة التمييز فى بنية الدولة.

لم يجر أى التفات إلى حاجة أصحاب المعاشات والموظفين فى الجهاز الحكومى إلى رفع مستحقاتهم حتى يمكنهم تدبير احتياجاتهم الأساسية.

المفارقة ـ بذاتها ـ تؤثر بالسلب فى النظرة العامة بأكثر من أى توقع.

وثالث مدخل ضرورى مكافحة الفساد.

لا يمكن فى مجتمع يعانى بقسوة أن يتفشى فيه الفساد دون أن تكون هناك سياسات تمنعه من أن يكون مؤسسيا، أو ممنهجا.

من حين إلى آخر تكشف «الرقابة الإدارية» وقائع فساد تورطت فيها رءوس كبيرة فى مناصب حساسة بوزارات عديدة، أو فى مصلحة الجمارك كما حدث قبل أيام.

حجم ما تكشف يؤشر على تفشى الفساد فى بنية الجهاز الحكومى ـ كأنه خلايا سرطانية.

لا يمكن أن تقنع مواطنا واحدا أن يضحى ويتحمل إذا ما أفلت الفساد من كل عقال معلنا عن نفسه فى أحاديث الصباح والمساء دون تغيير فى البيئة التى تنتجه.

ورابع مدخل ضرورى نسق القيم فى المجتمع المأزوم.

بأثر تحرير سعر الصرف مقابل الدولار الأمريكى والإجراءات التى اتخذت للإصلاح المالى تدهورت القدرة الشرائية للجنيه المصرى ونقصت الأجور والرواتب الفعلية إلى النصف تقريبا.

سقطت الفئات الدنيا من الطبقة الوسطى فى وهدة الفقر وانخفضت مستويات معيشة أغلبيتها إلى حدود منذرة.

بالتعريف الطبقة الوسطى هى رمانة ميزان أى مجتمع، التى تبدع وتفكر وتعتنى بالشأن العام، كما هى كتلته الحرجة التى يتوقف عليها مصير البلد.

إذا ما تدهورت يدخل المجتمع كله فى حالة ترنح، لا يقدر على الحركة ولا يصنع أملا، ويصبح المستقبل نفسه معلقا على مجهول.

هذا الترنح يؤسس لتوحش الجريمتين الجنائية والإرهابية بصورة غير محتملة.

لم تكن الجريمة المروعة فى منطقة المريوطية، التى لم تتكشف أسرارها حتى الآن، سوى إشارة لما يمكن أن يتسع نطاقه ترويعا للمواطنين.

قد يكون الأطفال الثلاثة، الذين وجدت جثثهم متعفنة داخل أكياس قمامة، ضحايا لعصابات جريمة منظمة، أو ضحايا لروح يأس وثأر دبت فى أوصال أسر مطحونة. 

البيئة الاجتماعية المأزومة مرشحة لإنتاج مثل هذه الجرائم، التى تلقى بأعباء إضافية على الأمن ترهقه وتشتته فى وقت حرب مع الإرهاب وتوليه مهاما ليست من طبيعته.

خامس مدخل ضرورى قضية الفقر ووطأتها ـ وهذا أصل الموضوع وصلبه.

قضية الفقر قديمة فى مصر، لكنها مرشحة للتفاقم تحت وطأة الغلاء وارتفاعات الأسعار والضرائب التى تفرض دون أن تلحقها أية زيادات فى الدخول.

بالأرقام الرسمية فإن نسبة (٢٨٪) من السكان تحت خط الفقر ـ ربما ارتفعت بأثر الأزمة الاقتصادية، رغم أهمية برنامج «تكافل وكرامة» إلا أنه يقصر عن مواجهة حدة العوز.

كان لافتا فى برنامج الحكومة الجديدة تعهد رئيسها «مصطفى مدبولى» أمام المجلس النيابى: «لن نترك شخصا فقيرا يتكفف الناس، فالحكومة أولى به من ناحية التشغيل إن كانت لديه القدرة على العمل، أو من ناحية إعالته إن كان غير قادر على الكسب».

التعهدات تكتسب قيمتها من منصب صاحبها، لكنها تطرح سؤالا لا بد من الإجابة عليه: كيف؟

إنها مسألة سياسات قبل أى شىء آخر.

إذا لم تكن هناك مراجعة للسياسات فإن التعهدات لن تجد لها أرضا تقف عليها.

المراجعة تقتضى إعادة فحص المشروعات ومدى أهميتها وأولوياتها، والسياسة الاقتصادية برمتها.

هذه مسألة تتطلب حوارا تشارك فيه العقول الاقتصادية المصرية باختلاف مدارسها بلا مصادرة لرأى، أو حجب لرؤية، طلبا للتصحيح والتصويب وبناء توافقات وطنية على رأسها عدالة توزيع الأعباء، غير أن البيئة السياسية والإعلامية الحالية تكاد تجعل الحوار اللازم مستحيلا رابعا.

نقلا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هذه قضية ملحة بضروراتها وضاغطة بتساؤلاتها هذه قضية ملحة بضروراتها وضاغطة بتساؤلاتها



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon