توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صفقة سلام القوة

  مصر اليوم -

صفقة سلام القوة

بقلم - عبد الله السناوي

يوشك أن يعلن «مشروع سلام جديد» تتبناه إدارة الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب».
التسمية ذاتها مخالتة فى توصيف حقيقة ذلك المشروع، فلا يوجد فيه ما يستحق أن ينسب إلى أى سلام ـ إلا أن يكون سلام القوة.

كما لا يوجد ـ حسب المعلومات المتاحة ـ ما ينبئ عن أى تراجع عن صلب «صفقة القرن»، التى تطلب كل شىء للإسرائيليين مقابل لا شىء للفلسطينيين والتطبيع الكامل مع العالم العربى دون أى انسحاب من الأراضى المحتلة منذ عام (١٩٦٧).

بحسب ما هو منسوب للرئيس الفلسطينى «محمود عباس» فى اجتماع مغلق مع قيادات حركة «فتح»: «لن أنهى حياتى بخيانة».

فى الكلام إدراك أنه ليس بوسع أحد، فلسطينى أو عربى، أن يوافق على التخلى عن القدس، أو ضم الكتل الاستيطانية فى الضفة الغربية للدولة العبرية، دون أن تلحقه تلك التهمة الشنيعة.

بأى نظر لا يمكن وصف «عباس» بأنه شخصية متشددة، فهو عراب اتفاقية «أوسلو» والرجل الذى راهنت إسرائيل على اعتداله لفرض سلام الأمر الواقع.

هكذا فإن صفقة القرن محكوم عليها بالفشل المسبق الذريع، فمفتاح الموقف داخل الأراضى المحتلة وليس فى أى مكان آخر ـ مهما تعاظمت الضغوط.

أخطر تحد لهذا النوع من السلام ردات الفعل المتوقعة لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة بحضور متوقع لـ«ترامب»، كما أعلن بنفسه، فى ذكرى مرور (٧٠) سنة على تأسيس الدولة العبرية، التى هى ذكرى نكبة فلسطين ونكبة العرب.

الاستهانة المفرطة لا يمكن أن تنسب لأى سلام بقدر ما تطلب الإذعان الكامل وردات الفعل قد تصل مدى غير مسبوق.

الحقائق تعلن عن نفسها فى النهاية، فهناك شعب تحت الاحتلال والكلمة الأخيرة له.
قوة كلمته تعود إلى مركزية قضيته، فلا استقرار بالإقليم إذا لم يوضع حد لمعاناة الفلسطينيين والعدوان على حقوقهم المشروعة المنصوص عليها فى قرارات دولية.
الأفدح أن ما هو مطروح باسم «السلام» سوف يفضى إلى تصعيد مفتوح فى مستويات التوتر والصدام بأكثر أقاليم العالم اشتعالا بالنيران.

أولويات «ترامب» تتحدد فى التماهى مع كامل المشروع الصهيونى بأكثر من أى رئيس أمريكى آخر وتصعيد الأزمة مع إيران بانسحاب متوقع فى مايو المقبل من الاتفاق النووى ما لم يتم تعديله، وهذا شرط شبه مستحيل بالنظر إلى مواقف الأطراف الأخرى الشريكة فى ذلك الاتفاق والموقف الإيرانى نفسه.

بالتوقيت فإن شهر مايو المقبل هو الموعد المحدد للتصعيد بغير سقف على المسرحين الفلسطينى والإقليمى.

الأولويات بين «ترامب» و«نتنياهو» متطابقة ولكل منهما أسباب إضافية للانخراط فى «مشروع السلام» المزمع والتصعيد الإقليمى المنتظر.

الأول ـ مأزوم تحت ضغط فضائح إدارته والاستقالات المتعاقبة داخلها، وهو يبحث عن مخرج ما من أزمته على حساب القضية الفلسطينية وما تبقى من أمن فى الإقليم يرضى اللوبى اليهودى ويضفى عليه دون استحقاق صفة «رجل السلام»!

والثانى ـ متهم بالفساد وبعض معاونيه شهدوا ضده للإفلات من الملاحقة القضائية، وهو يبحث عن مخرج من أزمته بإثبات أنه الأكثر تشددا مع الفلسطينيين فيما يتعلق بالأمن الإسرائيلى وضم القدس والمستوطنات والتطبيع المجانى غير المسبوق مع دول مركزية فى العالم العربى.

كأى طبخة سياسية رديئة فإنها تحتاج إلى غطاء ما والتفكير ينصرف إلى السعودية ومصر والأردن، لكن حجم المخاطر الماثلة يجعل من الإقدام على توفير ذلك الغطاء مقامرة كبرى لها عواقبها الوخيمة.

باليقين فإن أولى الجولات الخارجية لولى العهد السعودى «محمد بن سلمان» تدخل فى إطار التمهيد لمشروع السلام المتوقع.

كانت القاهرة محطته الأولى، وبدا ذلك مقصودا حتى يتسنى له أن يتحدث فى لندن وواشنطن على التوالى باسم العالم العربى لا باسم السعودية وحدها.

لهذا السبب ـ قبل غيره ـ حرص على تأكيد أن نسبة التطابق المصرى السعودى فى ملفات الإقليم مائة فى المائة، وهو كلام يصعب إثباته بالنظر إلى التباينات المعروفة فى الملفين السورى واليمنى على وجه الخصوص.

يستلفت الانتباه أن محطة ولى العهد الثانية العاصمة البريطانية لندن قبل التوجه إلى واشنطن.

السؤال هنا: لماذا لندن وليست باريس الأكثر حيوية ومبادرة الآن فى الإقليم؟

إذا افترضنا، وهذا وارد تماما، أن هناك من نصح أن تضم جولته لندن فإن الهدف استدعاء دور بريطانى فاعل تراجع حضوره فى السنوات الأخيرة لإسناد أية مبادرة أمريكية ـ كما جرت العادة.

كما أنه يعنى استبعاد أى دور فرنسى على قدر من الاستقلال دعا الرئيس السابق «فرانسوا أولاند» قرب نهاية ولايته لاستضافة مؤتمر سلام دولى لحل القضية الفلسطينية وفق المرجعيات الدولية، وقد قاطعته حكومة «نتنياهو».

معضلة ولى العهد الشاب أن طموحه لتثبيت موقعه وخلافة والده تدعوه إلى أكبر قدر ممكن من مجاراة المشروع الأمريكى، لكنه باليقين يعرف أن لمثل هذه المجاراة حدودا لا يستطيع تخطيها.

تحدث فى القاهرة عن القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية واستعادة الأراضى العربية المحتلة منذ عام (١٩٦٧).

بنص الكلام فهو تقليدى ومعتاد.

وبتوقيته فهو حذر من العواقب والتداعيات.

أولوياته تتحدد فى مسألتين:

الأولى ـ الحسم المبكر لأى صراع محتمل على السلطة بعد الملك «سلمان».

كانت الاعتقالات التى طالت شخصيات كبيرة فى الأسرة الحاكمة ورجال أعمال نافذين باسم «الحرب على الفساد» تعبيرا عن خشية انتظار ذلك الحسم على مستقبله.

وكانت التغييرات المتعاقبة فى المؤسستين العسكرية والأمنية تعبيرا عن قلق فى مستويات الولاء أكثر من أى اعتبار آخر.

فى بلد مفرط فى محافظته مثل السعودية فإن ما اتخذه من قرارات وإجراءات تتعلق بحفلات الغناء وقيادة المرأة للسيارات بدت توجها إيجابيا، لكنه يقصر عن الاحتياجات الحقيقية للمجتمع السعودى الذى اتسعت فيه طبقة وسطى متعلمة اطلعت على العصر وتطلب الشراكة فى الحكم والانتقال إلى «الملكية الدستورية»، لا ما أطلق عليه «الملكية القبلية».

أرجو ألا ننسى أن ما تريده إدارة «ترامب» من السعودية فوائض نفطها لا تحديثها وإلحاقها بالعصر وتطويع قدرتها المالية الفائقة لمقتضى دمج إسرائيل بالإقليم وأن تكون فاعلا رئيسيا فيه.

والثانية ـ الصراع الإقليمى مع إيران، فالسعودية مأزومة فى الملفات جميعها، بلا استثناء، من خاصرتها الجنوبية عند اليمن وإخفاق حملتها العسكرية فى الحسم بعد مرور ثلاث سنوات، فيما الاتهامات الدولية تتصاعد حتى داخل وزارة الخارجية الأمريكية بشأن ما يحدث من مآس إنسانية، إلى سوريا حيث تقوضت أدوارها وأصبحت شبه مستبعدة من مناورات وحسابات القوة.

تلك الإخفاقات استدعت بالحساب السعودى إسباغ صفة العدو على المنافس الإيرانى والمضى فى بناء علاقات مع إسرائيل على مستويات استراتيجية وأمنية واقتصادية توحى باحتمال انتقالها للعلن فى وقت قريب.

ما يجرى بالضبط ـ الآن ـ تأهب لإعلان صفقة سلام القوة وتوظيف تصدعات العالم العربى لبناء حلف واسع يضم إسرائيل فى مواجهة إيران ومن معها على أنقاض القضية الفلسطينية.

وتلك أوضاع منذرة بصدامات وحروب وانهيارات جديدة فى الإقليم المنكوب

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صفقة سلام القوة صفقة سلام القوة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon