توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لحظة مواجهة الحقيقة

  مصر اليوم -

لحظة مواجهة الحقيقة

بقلم - عبد الله السناوي

كانت تصريحات الرئيس الفلسطينى «محمود عباس»، التى نالت من السفير الأمريكى فى إسرائيل «ديفيد فريدمان» على نحو غير معتاد، تعبيرا عن يأس وصل منتهاه من أى سلام وعدل، أو أدنى احترام للقانون الدولى.
بنص كلامه: «الإدارة الأمريكية تعتبر الاستيطان شرعيا وسفيرها يرى أن الإسرائيليين يبنون المستوطنات على أرضهم» قبل أن يردف غاضبا: «يا ابن الكلب يبنون فى أرضهم».
تداعت تصريحات مضادة أمريكية وإسرائيلية اتهمت «عباس» بالترويج للكراهية ومعاداة السامية وأن الوقت قد حان للاختيار بين هذا الخطاب والسلام.
بغض النظر عن عدم مناسبة العبارة الغاضبة للكلام الرئاسى فإنها بحمولاتها السياسية والإنسانية إعلان قطيعة مع أية مشروعات سلام أمريكية تحت اسم «صفقة القرن»، أو بأى اسم آخر.
فى زحمة التغطيات للفعل ورداته لم نلتفت بما هو كاف إلى ما قاله «جيسون جرينبلات» مبعوث الرئيس الأمريكى إلى الشرق الأوسط، من أن «اللمسات الأخيرة على خطة السلام توشك على الانتهاء» ــ وهذا معلوم دون تأكيد جديد، «غير أنها سوف تعرض حين تتهيأ الظروف الملائمة» ــ وهذا معناه أن الرفض الفلسطينى عقبة لا يمكن تجاوزها لتمرير تلك الخطة.
رغم حدة الإهانة للإدارة الأمريكية كلها، لا السفير وحده، فإنها أكدت رغبتها بالمضى قدما فيما هى بصدده باسم السلام والتعايش وتحسين شروط حياة الشعب الفلسطينى والعمل على رخائه!
التصميم الاستراتيجى ــ هنا ــ فوق الاعتبارات الشخصية.
السفير الأمريكى لم يعلق تقريبا على إهانات «عباس» مكتفيا بالسؤال: «هل هذا خطاب سياسى أم معاداة للسامية؟».
ورئيس الوزراء الإسرائيلى «بنيامين نتنياهو» اعتبر أن تصريحات «عباس» تضع النقاط على الحروف دون أن يستفيض خشية قطع أى أمل فى «تليين» مواقف السلطة الفلسطينية بضغوط أمريكية وعربية.
لم تكن تصريحات السفير «فريدمان» مفاجئة، فهو مستوطن وعائلته تعيش فى المستوطنات، آراؤه تتماهى مع اليمين الصهيونى وتتسق مع ما يعتقده الرئيس الأمريكى، وتنطوى عليه خطة السلام المرتقبة ــ فالضفة الغربية إسرائيلية باستثناء مساحة ضيقة، رغم القرارات الدولية التى تدمغ المستوطنات على الأراضى الفلسطينية المحتلة بعدم الشرعية.
إذا ما ضمت الكتل الاستيطانية إلى الدولة العبرية واستبعدت القدس من أى تفاوض، وألغيت إلى الأبد أية حقوق للاجئين، فالمعنى أن الإسرائيليين يأخذون كل شىء والفلسطينيين يخسرون كل شىء.
هنا صلب مشروع السلام الأمريكى الجديد، كما هو أزمته التى تومئ بفشل ذريع ــ أيا كان حجم الضغوط.
من الذى يحرض على الكراهية ويتبنى خطابها: المحتلون أم الضحايا؟.. العنصريون أم المضطهدون؟
المنطق يكاد أن ينتحر على مشنقة القضية الفلسطينية.
هذه لحظة مواجهة الحقيقة بلا خداع لنفس، أو مضى وراء سراب فى التيه.
للحقيقة ضروراتها حتى يعرف الفلسطينيون أين يقفون بالضبط؟
وللحقيقة أثمانها، فلا قضايا تكسب بعدالتها وحدها.
«لم تقاتل لأنك تخشى الشهادة
لكن عرشك نعشك فاحمل النعش
كى تحفظ العرش، يا ملك الانتظار
إن هذا السلام سيتركنا حفنة من غبار».
هكذا أنشد شاعر فلسطين الأكبر «محمود درويش» بعد اتفاقية «أوسلو».
بضمير الشاعر سجل اعتراضه على ذلك النوع من السلام، منتقدا الزعيم الفلسطينى «ياسر عرفات» رغم العلاقة الوثيقة التى جمعتهما كـ«ابن روحى».
بإرثه الوطنى رفض «عرفات» أن يمضى فى اللعبة إلى نهايتها عندما اكتشف حدودها وخديعتها.
لم يخش الشهادة ولا حمل نعشه ليحفظ عرشه ــ كأنه يرد لنفسه كبرياءه ويؤكد استحقاقه لحجم الدور، الذى لعبه فى التاريخ الفلسطينى.
استقرت فى الذاكرة العامة عبارته الأخيرة: «بل شهيدا، شهيدا، شهيدا» عندما وصلوا إليه بالسم.
من غير المستبعد استهداف حياة «عباس» هو الآخر لنفس السبب.
لم يكن «درويش» يحب «عباس» ومالت المشاعر بينهما إلى النفور ــ كما استمعت ذات مرة من توأمه الشعرى «سميح القاسم»، لكنه إذا كان حيا فربما رأى بعين الشاعر الملهم مصير «عرفات» ينتظره عند منحنى الطريق وتعاطف معه.
عندما جرى التخلص من «عرفات» بدا «عباس» بديلا تتوافر فيه مواصفات الشريك المطلوب، فهو «عراب أوسلو»، لكنه راجع نفسه بدوافع مسئوليته أمام شعبه.
بتعبيره: «لن أنهى حياتى بخيانة»، وهذه عبارة تبدو كحد سكين يفصل بين تاريخين.
لقد تقوضت بالكامل رهاناته القديمة، ولم يعد يعبأ كثيرا ــ كما حاورته واستمعت إليه أكثر من مرة ــ ببقاء السلطة نفسها، لكن خياراته الجديدة غائمة وسط تعقيدات لا نهاية لها.
هو يقترح ــ بدواعى رفض المشروع الأمريكى ــ عقد مؤتمر دولى للسلام وآلية دولية لرعاية المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
الاقتراح قد يكون مفيدا لإثبات سعيه للسلام وفق المرجعيات الدولية، لكنه ليس خيارا ممكنا بالنظر إلى أن لا أحدا من اللاعبين الدوليين مستعد للصدام مع الإدارة الأمريكية.
وهو يقترح ــ باسم فك الحصار عن القدس ودعم عروبتها ــ إلى زيارتها دون أن ينظر فى تداعيات ما يدعو إليه من إفقاد القضية الفلسطينية ورقة رفض التطبيع بوقت تتزايد فى العلن والظلال، مشروعات التعاون الإقليمى مع إسرائيل.
وهو يطالب «حماس» ــ باسم اختبار جدية التزامها بإنهاء الانقسام ــ أن تتحمل مسئولية القطاع وحدها بسلطة الأمر الواقع، أو أن تتسلم حكومة الوفاق الفلسطينية كامل سلطاتها بما فيها الملف الأمنى.
كانت محاولة اغتيال رئيس الحكومة «رامى الحمد الله» ورئيس الاستخبارات الفلسطينية «ماجد فرج» فى غزة تسميما جديدا للعلاقات بين «فتح» و«حماس»، رغم أن الأخيرة تعقبت وقتلت زعيم الخلية الإرهابية.
إنهاء الانقسام الفلسطينى خطوة أولى لبناء موقف سياسى موحد.
إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية تعبيرا عن وحدة الشعب والقضية خطوة ثانية.
وصياغة برنامج مرحلى لا محالة خطوة ثالثة بالتوافق العام يكسب الفلسطينيون تماسكا يحتاجونه فى مواجهات قاسية مقبلة لا محالة.
هذه لحظة مواجهة الحقيقة بكل أخطارها وتحمل مسئولية الموقف بكل ثقة فى أنه بيد الفلسطينيين وحدهم.

نقلا عن الشروق القاهرية

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لحظة مواجهة الحقيقة لحظة مواجهة الحقيقة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon