توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بين السياسة والرياضة.. مسألة قواعد

  مصر اليوم -

بين السياسة والرياضة مسألة قواعد

بقلم - عبد الله السناوي

كل ما يتصل بالمجال العام فهو شأن سياسى.
هذه قاعدة لا تقبل الاستثناء.
هناك فارق جوهرى بين الشأن السياسى باتساع نظرته والتوظيف السياسى بضيق أفقه.
بمدى قدرة السياسة على إشباع احتياجات مواطنيها تكتسب الدول مناعتها وقوتها وقدرتها على النهوض.
هذه مسألة تشمل ــ بالضرورة ــ جميع حقوق المواطنة وبناء دولة المؤسسات وكفالة الحريات العامة وكفاية الخدمات الصحية والتعليمية واستقلال الجامعات وحرية البحث العلمى والإبداع الفنى والثقافى والحق فى الرياضة.
لكل ميدان قواعده وأصوله الحديثة، فإذا غابت تضرب العشوائية البلد كله.
لم تكن مصادفة أن ينص الدستور المصرى على أن «ممارسة الرياضة حق للجميع» فى باب «الحقوق والحريات والواجبات العامة».
هكذا استقر النظر الإنسانى إلى ممارسة الرياضة باعتبارها حقا رئيسيا لكل مواطن.
كما استقر فى القوانين الرياضية الدولية منع التسييس وإقحام الصراعات الحزبية عليها واستخدام منصاتها لدعايات عنصرية.
بقدر وضوح القواعد اكتسبت الألعاب الرياضية شعبيتها وسحرها.
فكل شىء يمضى وفق قوانين تحترم وقواعد تلزم وكل طرف يعرف حدود دوره وأصول المنافسة بما يضفى على المكسب شرعية استحقاقه.
من هذه الزاوية اكتسبت الرياضة قدرتها على التقريب بين الدول والشعوب والثقافات ــ إنها لغة واحدة مفهومة وممتعة معا.
من زاوية أخرى فإنها تزكى روح التنافس بين الدول فى اختبارات الجدارة وفق الشعار الأوليمبى: «الأسرع والأعلى والأقوى».
ما يجرى ــ أحيانا ــ من مناكفات سياسية قبل الدورات الأوليمبية يعبر عن طبيعة النظرة إليها كمؤشر على أوزان الدول وقدراتها.
من الأسرع فى معدلات النمو والتطور؟
من الأعلى بمقاييس جودة الحياة؟
ومن الأقوى فى القدرات العسكرية والاستراتيجية؟
نزع الرسائل السياسية عن المنافسات الرياضية وهم كامل.
فى الحالتين، السياسية والرياضية، فإن كفاءة المنظومة أساس كل حساب.
المنظومة السياسية مسألة مؤسسات ودولة قانون وفصل بين السلطات والتزام كل مؤسسة بأدوارها الدستورية لا تتعداها ولا تتغول على غيرها.
إذا توافرت الاشتراطات فإننا أمام دولة حديثة فرصها مفتوحة على المستقبل.
والمنظومة الرياضية مسألة قواعد وقوانين تضبط التنافس وسلامة التصرفات.
منذ العصور الحديثة هناك سؤال يلح على الفكر العربى: لماذا تقدموا؟.. ولماذا تأخرنا؟
تعددت الإجابات باختلاف المدارس والاجتهادات دون أن نتوقف بشىء من الجدية أمام حضور القواعد هناك وغيابها هنا، ضمانات التنافس هناك وغيابها هنا، روح العمل الجماعى هناك وغيابها هنا، تراكم الخبرات وتطويرها هناك وغياب التراكم هنا ـ كأننا نقرأ كتاب التاريخ من جديد ولا نتعلم من التجارب السابقة.
بأية قراءة موضوعية لظاهرة لاعب المنتخب المصرى «محمد صلاح»، الذى تألق فى الدورى الإنجليزى واكتسب سمعة عالية كواحد من أفضل اللاعبين فى العالم، فإنها تعود بالأساس إلى المنظومة الرياضية التى يعمل بمقتضى قواعدها وأصولها وقدرته على الانضباط والإبداع وفقها.
إذا غابت القواعد فلا منظومة رياضية، أو غير رياضية.
تحسين المجال العام من ضرورات بناء منظومات رياضية حديثة ومتقدمة وقادرة على المنافسة وإثبات الجدارة وعودة الجمهور إلى ملاعب كرة القدم مسألة لا غنى عنها حتى تعود الحياة إلى طبيعتها.
غياب الجمهور رسالة سلبية على مستويات الاستقرار تؤثر بالسلب على حركة الاقتصاد وجذب السياحة، كما تضرب الرياضة كصناعة.
هذه مسألة سياسية مباشرة.
كما أن ذلك الغياب يحرم قطاعات واسعة من الرأى العام من حق أصيل فى المتنفسات الاجتماعية تضيق به الصدور.
ملاعب كرة القدم مثل الحدائق العامة ودور المسرح والسينما والمقاهى والمنتديات تسمح بالتنفس الاجتماعى، فإذا أغلقت، أو حوصرت، يدخل المجتمع فى أزمة عميقة، حتى لو بدت مكتومة.
هناك فارق بين التنفيس والتنفس، الأول فعل إلهاء، والثانى ضرورة حياة.
وقد كان تطورا سلبيا وخطيرا ما جرى فى استاد القاهرة الدولى خلال مباراة بين فريقى «الأهلى» و«مونانا» الجابونى فى دورى أبطال إفريقيا من أعمال شغب حطمت خلالها مقاعد وكاميرات مراقبة وأعقبتها حملة اعتقالات فى صفوف «الألتراس» وتحقيقات أمام نيابة أمن الدولة.
بأثر الحادث تأجلت أى عودة للجمهور بصورة واسعة وطبيعية إلى ملاعب كرة القدم وأوقفت أية مباريات فى استاد القاهرة الدولى برمزيته وموقعه فى قلب العاصمة.
كما انكشفت المنظومة الرياضية بمناكفات بين أطراف مختلفة كل منها يلقى المسئولية على الآخر دون مراجعة حقيقية، أو أية مصارحة على شىء من الجدية.
يكاد الغبار أن يعمى الأبصار عن الحقائق، فالجميع يدين ما جرى، بمن فيهم «الألتراس»، وبعض الأصوات تطالب بالقمع المفرط واعتبار الجمهور ــ دون تمييز ــ عنصر هدم للاستقرار وتهديد للدولة.
ذلك يعنى ــ أولا ــ نوعا من التجهيل بأسباب ما هو مكتوم ومنذر وسط جمهور عريض وغاضب من مشجعى «الأهلى»، أكبر الأندية الرياضية المصرية وأكثرها شعبية، على خلفية صدامات سابقة مع الأمن لم تجد من يحتوى آثارها بالحوار لا الوعيد حتى يستعيد العلاقة الطبيعية المفترضة بين جمهور يشجع وأمن يصون.
ويعنى ــ ثانيا ــ أن طاقة الغضب والإحباط مازالت تتفاعل وتنذر بصدامات مقبلة دون أن تجد من يتفهم دوافعها ويعمل على التئام جراحها التى نزفت بقسوة، فى حوادث سابقة أخطرها ما جرى فى استاد «بورسعيد» وأفضى إلى سقوط (٧٢) ضحية من بين المشجعين.
ويعنى ــ ثالثا ــ أن احتمالات الصدام تظل ماثلة إلى أجل غير معلوم طالما بقيت طاقة الغضب على حالها، أو استمدت من البيئة السلبية المحيطة مددا إضافيا بقدر ما تحتويه من تشوهات فى العلاقة بين الأمن وشعبه.
ويعنى ــ رابعا ــ غياب أية إدارة سياسية للملف الشائك، وبعض الاتهامات المرسلة لـ«الألتراس» تمنع أى تواصل ممكن، خاصة أنهم أدانوا ما جرى فى استاد القاهرة واعتذروا عنه.
هناك خط فاصل بين العقاب القانونى فى حدوده وإطلاق التجريم من أى قيد سياسى أو أخلاقى.
تخريب المنشآت العامة جريمة لا يصح لأحد أن يدافع عنها وتعميم الاتهام دون قرينة خطيئة لا يصح لأحد ارتكابها.
هذا كلام فى القانون والعدل والشأن العام يهم كل مواطن برسائله ومحاذيره، سواء دخلت «كرة القدم» فى اهتماماته أو انصرف عنها.
القواعد مسألة التحاق بالعصر وضوابط لا تحجب الحريات باسم الأمن ولا تمنع حرية إبداء الرأى تحت سيف الترهيب.
بلا قواعد حديثة لن يصلح شىء فى هذا البلد من المؤسسات النافذة إلى ملاعب كرة القدم.

نقلا عن الشروق القاهرية

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين السياسة والرياضة مسألة قواعد بين السياسة والرياضة مسألة قواعد



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon