توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سؤال خالد محيى الدين

  مصر اليوم -

سؤال خالد محيى الدين

بقلم - عبد الله السناوي

هو شخصية فريدة بتكوينها السياسى والإنسانى ومدى اتساقها مع ما تعتقد فيه من رؤى وخيارات.
بالتكوين الأساسى فإنه «يسارى» و«صوفى» بنفس اللحظة، حارب فى فلسطين وشارك بتأسيس «الضباط الأحرار»، اختلف مع «جمال عبدالناصر» فيما يعرف بـ«أزمة مارس» (١٩٥٤)، لكنه دافع عن تجربته بعد رحيله، عارض «الانفتاح الاقتصادى» (١٩٧٤) ودعّم انتفاضة «الخبز» (١٩٧٧) وناهض اتفاقيتى «كامب ديفيد» (١٩٧٨) وقاوم التطبيع مع إسرائيل من موقعه فى رئاسة حزب «التجمع»، ووصف نفسه فى ذروة الصدام مع نظام «أنور السادات» فى مؤتمر مفتوح: «أنا ناصرى».
لا يمكن تلخيص «خالد محيى الدين»، آخر من رحل من قيادات ثورة «يوليو»، فى مشهد واحد وسؤال واحد.
مع ذلك فإن سؤال «أزمة مارس» طرح نفسه مجددا عند رحيله، كأنه قصته كلها.
قيل إنها فرصة للديمقراطية أجهضت، أو ربيع مصرى بددته رياح خماسين.
لم يكن ذلك التوصيف صحيحًا ولا دقيقًا بالنظر إلى سياق وظروف وطبيعة الأزمة.
أرجو تذكر أن اللواء «نجيب» وافق أغلبية مجلس قيادة الثورة على إعدام «خميس» و«البقرى» بغير حق، فيما عارضه «عبدالناصر» و«خالد» و«يوسف صديق»، ووضع توقيعه على قرارات اعتقال بعضها بغير ضرورة وأصدر باسمه قانون إلغاء الأحزاب بغير تردد، ووضع «مصطفى النحاس» زعيم الوفد قيد الإقامة الجبرية، وترأس «هيئة التحرير» التنظيم الواحد بغير ممانعة.
لم تنشأ ذرائع الديمقراطية فى إدارة صراع السلطة إلا بعد أن جرى تهميشه والشروع فى عزله.
بدأت الأزمة باستقالة اللواء «نجيب» بتحريض من «سليمان حافظ» حتى «توضع الأمور فى نصابها».
تسرع مجلس القيادة فى قبولها، وكان ذلك تقديرًا عصبيًا أربك الوضع العام حتى اضطرته تداعياته إلى إعلان عودة «نجيب» إلى منصبه.
كانت أزمة مارس صدامًا محتمًا بين رجلين وتوجهين، فـ«نجيب» واجهة الثورة، التى ضمنت نجاحها بالنظر إلى رتبته الكبيرة والشعبية التى حازها، وهو عسكرى قبل أن يكون سياسيًا ونظرته العامة محافظة، و«عبدالناصر» قائد «الضباط الأحرار»، وهو سياسى قبل أن يكون عسكريًا ونزعته ثورية رغم أنها لم تكن قد استكملت ملامحها.
لا يمكن أن تحسب بعض القوى التى أيدت «نجيب» على أى توجه ديمقراطى مثل جماعة «الإخوان المسلمين»، التى استثنتها الثورة ــ لأسباب تكتيكية ــ من قرار حل الأحزاب دون أن تعترض على ذلك الحل، بل أيدته فى بيان معلن.
بأثر تمرد ضباط سلاح الفرسان، و«خالد محيى الدين» على رأسه، أعلن مجلس قيادة الثورة قرارات (٥) مارس (١٩٥٤)، التى تقضى بالعودة إلى الحياة النيابية وانتخاب جمعية تأسيسية تضع دستورًا جديدًا وإلغاء الأحكام العرفية والرقابة على الصحف.
لم تشر تلك القرارات إلى عودة الأحزاب، بل استبعدتها من انتخابات الجمعية التأسيسية، كما تجنب التمرد العسكرى فى سلاح الفرسان أى إشارة إلى الأحزاب وعودتها خشية خسارة الجمهور العام، الذى فقد ثقته فيها.
ثم صدرت قرارات أخرى فى (٢٥) مارس تقضى بإعادة الحياة النيابية، وإقامة جمهورية برلمانية، وعودة اللواء «نجيب» إلى رئاسة الجمهورية، وتشكيل حكومة انتقالية لمدة ستة أشهر برئاسة «خالد محيى الدين» تجرى انتخابات الجمعية التأسيسية.
وقد أضاف «عبدالناصر» إلى تلك القرارات فقرة واحدة تعلن «حل» مجلس قيادة الثورة وعودة «الضباط الأحرار» إلى وحداتهم العسكرية.
كانت تلك الفقرة ــ مقصودة أو غير مقصودة ــ نقطة انقلاب حاسمة فى مسار أزمة مارس، فقد استفزت أسلحة الجيش بأغلب قطاعاته وحسم الأمر نهائيًا.
فى شهادة لـ«خالد محيى الدين» عن الأخطاء التى ارتكبت وأفضت إلى هزيمة المعسكر الذى يقف فيه: «الإيحاء بعودة الأحزاب القديمة على حساب الثورة دون أن يكون هناك إيضاح بأن المطلوب ديمقراطية جديدة مغايرة تمامًا لما كان قبل يوليو» و«الهجوم على الجيش ــ كجيش ــ بما أثار حفيظة الضباط ودعاهم للتكتل خلف جمال عبدالناصر».
بنظرة إلى ما كان يجرى داخل الجيش من اعتصامات واحتجاجات على استئثار مجلس القيادة بكل السلطات، فإنه موضوع سلطة لا قضية ديمقراطية.
حسب ما هو ثابت تراجع الضبط والربط العسكريان، ارتفعت أصوات قبل تفاقم الأزمة داخل سلاح المدفعية تدعو إلى انتخاب القيادة بالتصويت داخل الجيش، جرت اعتقالات استفزت رفاق سلاح، وبدا المشهد كله موحيًا بانقلابات عسكرية محتملة شرع بعضها فى الحركة.
كان السيناريو الأخطر انجراف الجيش إلى اقتتالات داخلية.
بحكم طبيعة تكوين «الضباط الأحرار» لم تندرج عضويته فى رؤية سياسية وفكرية واحدة باستثناء مبادئ عامة تصلح للتجنيد والضم، لكنها لا تفى بمواجهة احتياجات إدارة الدولة على نحو يتسق مع طلب التغيير ولا طبيعته ومداه.
هكذا تشققت صفوف بدت موحدة ونشأت صراعات كانت مؤجلة.
لم تكن قيادة التنظيم مرشحة لإدارة كفؤة وسادتها حالة ارتباك فادحة باستثناء «جمال عبدالناصر»، الذى أدار بثبات أعصاب الأزمة، قبل أن يدخل على خطها الصف الثانى من «الضباط الأحرار» بوازع الولاء لمؤسس التنظيم دون أن يطلب منهم، أو يوحى إليهم بأى تصرف.
حوصر سلاح الفرسان وحلقت طائرات حربية فوقه ومنع إذاعة بيان باسم مجلس قيادة الثورة يعلن حله، وجرى توقيف اللواء «نجيب» وحسم الصراع بقوة السلاح، لكنه لا يجب أن يغيب عن الذاكرة أنه سلاح مقابل سلاح.
وفق الوثائق المتاحة الآن كان رئيس الوزراء البريطانى «ونستون تشرشل» يتابع باهتمام ما يجرى فى مصر، ويسأل عن إحياء الخطة «روديو»، التى وضعت قواتها تحت التأهب والاستعداد للتدخل باحتلال الدلتا وصولًا إلى القاهرة.
أى قراءة لأزمة مارس خارج ظروفها وسياقها تهاويم فى الفضاء.
الأكثر إثارة فى القصة كلها أن «كمال الدين رفعت» الرجل الثانى فى تأسيس حزب «التجمع» بجوار «خالد محيى الدين» كان على رأس الصف الثانى من «الضباط الأحرار»، الذين حسموا صراع السلطة لصالح «جمال عبدالناصر».
لم يمنع اختلاف موقع الرجلين الكبيرين فى «أزمة مارس» أن يجتمعا مرة أخرى للدفاع عن ثورة «يوليو» وخياراتها الرئيسية.

نقلا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سؤال خالد محيى الدين سؤال خالد محيى الدين



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon