توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عنف أكبر سوف يجيء

  مصر اليوم -

عنف أكبر سوف يجيء

بقلم - عبد الله السناوي

لم تكن المجزرة، التى ارتكبت عند الحاجز الحدودى مع قطاع غزة فى ذكرى «يوم الأرض»، حدثا عابرا يذهب بجراحه إلى الذاكرة المتخمة بمثل هذه المجازر دون حساب من قانون دولى، أو ردع من ضمير إنسانى، أو تحرك من عالم عربى.
المجزرة الإسرائيلية بتوقيتها ورسالتها وتداعياتها تؤسس لعنف أكبر سوف يجىء وتشمل موجاته الارتدادية الإقليم كله.
بالتوقيت فإنها تستبق نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة يوم (١٥) مايو المقبل، التى قد يشارك فى احتفالاتها الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب».
بغض النظر عن أية عدالة دولية سوف يكون للعنف المفرط أولوية مطلقة فى فرض «سلام الأمر الواقع»، أو «سلام القوة»، أو «صفقة القرن».
هذه رسالة المجزرة بالطريقة التى جرت بها وأحجام الضحايا الذين سقطوا فيها.
رسالة ترويع بالقتل الجماعى حتى تنكسر روح المقاومة ويسود اليأس من أى حق، كما لو كانت استنساخا فى ظروف جديدة لمجزرة «دير ياسين».
لم يكن خفيا على قوات الاحتلال أن التظاهرات، التى تجمعت عند الحاجز الحدودى تحت عنوان «مسيرة العودة»، تستلهم «يوم الأرض» استعدادا لمواجهات لا مفر منها.
فى ذلك اليوم البعيد ــ (٣٠) مارس (١٩٧٦) ــ أعلن الفلسطينيون إضرابا عاما، نظموا مسيرات حاشدة فى المدن العربية خلف الجدار، ودخلوا فى مواجهات مع قوة الاحتلال حين صودرت أراضيهم.
إنه الصراع على الأرض، أو ما تبقى منها.
القدس خارج كل تفاوض، كأن تهويدها مسألة مفروغ منها.
المسجد الأقصى تحت الخطر الداهم والاقتحامات المتكررة لباحاته ينذر بمواجهات وصدامات وحرائق تمتد إلى كل مكان فى العالمين العربى والإسلامى.
كما أن الأوضاع الميدانية فى الضفة الغربية تدفع للاعتقاد بأن ضم الكتل الاستيطانية إلى الدولة العبرية مسألة وقت، غير أنها صراع على الأرض والمواجهات لن يكون لها سقف.
لم تكن تهديدات وزير الدفاع الإسرائيلى «أفيجادور ليبرمان» عن استخدام الحد الأقصى من القوة باسم حماية السيادة الإسرائيلية والأمن الإسرائيلى، طلقات فى الهواء بقدر ما هى سياسة معتمدة سوف تأخذ مداها الدموى ــ كما حدث فى الجمعة الثانية لـ«مسيرة العودة»، التى أطلق عليها «انتفاضة الكاوتشوك».
إننا لا نتعلم ــ هكذا نبدو بوضوح ــ من تجاربنا المريرة، ولا من الدروس التى دفعنا ثمنها دما غزيزا فى مسار القضية الفلسطينية.
قبل النكبة (1948) لم يكن هناك تنبه فى مصر للخطر الماثل على الحدود.
جرت لقاءات بين مفكرين وسياسيين كبار، بينهم الدكتور «محمد حسين هيكل» (باشا)، مع مؤسس الدولة العبرية «ديفيد بن جوريون» دون أن يستوقفهم المشروع الصهيونى وأخطاره على الفلسطينيين والمصريين والعرب جميعهم.
عميد الأدب العربى الدكتور «طه حسين» نفسه ذهب إلى الجامعة العبرية وألقى محاضرات فيها، فيما كانت العصابات الصهيونية تتدفق على فلسطين.
بعد سبعين سنة من النكبة والصراعات الدامية وأحاديث السلام المراوغ بين الفلسطينيين والإسرائيليين هناك من هو مستعد أن يخدع نفسه، ويخدع الآخرين، بفرصة سلام ممكنة.
الأسوأ أن هناك من هو مستعد لتبنى الرواية الصهيونية.
عشرات الدروس على مسار الصراع يتم إهدارها الآن على نطاق غير مسبوق، كأن القضية الفلسطينية بلا ذاكرة.
ضاع درس أن الصراع فى جوهره بين مشروعين: «القومى العربى» و«الصهيونى» ــ انكسر الأول وتوحش الثانى.
ضاع معنى أن فلسطين نفسها قضية العرب المركزية حتى أصبحت عبئا على أغلب النظم العربية تطلب التخلص من صداعها.
أسوأ ما يحدث تطبيع العلاقات الاقتصادية والاستخباراتية والعسكرية مع إسرائيل ودمجها فى الإقليم مجانا دون التزام بمنطوق مبادرة السلام العربية، التى تقضى بتطبيع كامل مقابل انسحاب شامل من الأراضى العربية المحتلة منذ عام (١٩٦٧).
منذ توقيع اتفاقيتى «كامب ديفيد» كان التطبيع السياحى والثقافى من بين الاشتراطات الأمريكية حتى يكون دمج إسرائيل فى المنطقة مقبولا ومعتادا وطبيعيا، لكنه فشل بقوة الرأى العام المصرى.
وكان التطبيع التجارى مطلوبا ــ بذاته ــ كمدخل لبناء شرق أوسط جديد على أنقاض النظام الإقليمى العربى.
وكان التطبيع العسكرى والاستخباراتى، ما هو معلن وغير معلن، الهدف الأعلى للمشروع الصهيونى إذ تتقوض به أوضاع صراع وتبنى أوضاع سلام ــ دون أن يكون هناك سلام يقر للفلسطينيين أية حقوق مشروعة.
الأخطر فى مثل هذا النوع من التطبيع أنه يحتفظ لإسرائيل بالتفوق النوعى العسكرى على كل الدول العربية مجتمعة.
عند إحدى ذرا الصراع الفلسطينى الإسرائيلى قال مثقفون عرب: «دعوهم يحلون قضيتهم، فلستم أكثر فلسطينية منهم».
رغم أن ذلك الطرح ينطوى على قصور فادح، فالقضية الفلسطينية مسارا ونتائج لم تخصهم وحدهم فى أى وقت، إلا أننا لو قبلناه فرضا لجاز الاعتراض عليه من موقع الوطنية المصرية لا القومية العربية.
الترجمة العملية لسلام القوة دفع الدور المصرى إلى التهميش الكامل لصالح المشروع الصهيونى.
عند الاختيار بين دور طبيعى وتاريخى تلعبه مصر، وقد لعبته فى مراحل عديدة من تاريخها، وبين دور لا طبيعى ولا تاريخى تلعبه إسرائيل أن دمجت فى المنطقة على النحو الذى يخطط له، فإن الاختيار لا يجب أن يكون فيه أدنى التباس وتردد.
إن تقبل «سلام القوة»، والتغاضى عما ترتكبه سلطات الاحتلال من مجازر بحق الفلسطينيين، كارثة تاريخية محققة تنال من احترام العرب لأنفسهم.
إذا ما أهدرت قضاياك العادلة فلا أحد فى العالم مستعد أن يحترمك.
وإذا ما اتسعت مساحات الرهان على إسرائيل، بكل ما تمثله من تمييز عنصرى ضد الفلسطينيين وهمجية قوة، فإن ذلك ينذر بتدهور ثقافى وأخلاقى وشيوع لروح الهزيمة فى العالم العربى.
بصورة لا يمكن إنكارها فإن الفلسطينيين يدافعون ــ بالأصالة ــ عن قضيتهم وأرضهم، ويدافعون ــ بالنيابة ــ عن العرب الآخرين، الذين لم يتعلموا شيئا من حقائق الصراع، ولا هم مستعدون أن ينظروا فى التداعيات فـ«رعب أكبر سوف يجىء»، كما قال ذات مرة الشاعر الكبير «صلاح عبدالصبور»

نقلا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عنف أكبر سوف يجيء عنف أكبر سوف يجيء



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon