توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صلاح ومالك: ظلال صورة فى نيويورك

  مصر اليوم -

صلاح ومالك ظلال صورة فى نيويورك

بقلم: عبد الله السناوي

جمعت صورة واحدة تحت الأضواء الباهرة فى قاعة «لينكولن» بنيويورك اثنين من الشبان المصريين الموهوبين اختارتهما مجلة «تايم» الأمريكية ضمن مائة شخصية مؤثرة فى العالم.

أولهما ــ لاعب كرة القدم المحترف فى صفوف نادى «ليفربول» الإنجليزى «محمد صلاح»، الذى حاز بنسقه الأخلاقى وقدراته الفنية مكانة خاصة كأنه ابن لكل أسرة مصرية.

وثانيهما ــ السينمائى الأمريكى المنحدر من أصول مصرية «رامى مالك» الحائز على جائزة «الأوسكار» كأفضل ممثل عن فيلم «بوهيمان رابسودى».

رغم أنه ولد فى الولايات المتحدة واكتسب كامل تكوينه الفنى والإنسانى بعيدا عن موطنه الأصلى إلا أنه لم يتردد فى إبداء اعتزازه بالانتماء إليه حضارة وإرثا فى لحظة مجده.

رسالة الصورة واصلة ــ بالضرورة ــ إلى كل شاب موهوب أنه يستطيع أن يشق طريقه لنجاح مماثل فى مجاله إذا ما توافرت بيئات حاضنة لحرية الإبداع والتنافس وفق القواعد الحديثة.

لا يصح التهوين من قدر الإضافة التى جرت لرصيد القوة الناعمة المصرية فى محيطها وعالمها التى تآكلت بفداحة فى العقود الأخيرة، فـ«صلاح» و«مالك» ينتميان إلى منظومتين دوليتين بالغتى الانتشار والتأثير، حيث سطوة الصورة بالمتابعة تبلغ مداها.

بذات القدر لا يصح إنكار حيثيات وأسباب تراجع القوة الناعمة، وأن الإضافة التى جرت إلى رصيدها جاءت من بيئة أخرى.

كلاهما بنى صيته خارج الحدود وفق قواعد الاحتراف والمهنية والكفاءة والقدرة على المنافسة والإبداع وتقديم مستويات عالية استحقت الاحتفاء الإنسانى بها.

هذه حقيقة أساسية فى ظلال الصورة.

بافتراض أن ذلك اللاعب الصغير الذى تحمل مشقة هائلة بإمكانيات مادية شحيحة أملا فى فرصة تلحقه بناد كبير، حقق ما كان يتطلع إليه فهل كان يمكن أن يصل إلى ما وصل إليه من مستوى فنى وبدنى أهله للتنافس على أفضل لاعب كرة قدم فى العالم الموسم الماضى؟

لا أدرى مشاعره عندما رفضه النادى القاهرى الشهير، ربما تصور أن هذه نهاية العالم، ربما بكى فيما كانت الأقدار تدخره لمستقبل آخر خطا إليه بموهبته عبر تجارب عديدة فى الدوريات الأوروبية.

وبافتراض أن الممثل الشاب لم تهاجر أسرته إلى الولايات المتحدة ولم تتح أمامه شبه فرصة للتنافس والإبداع، فإن أقصى ما كان يمكن أن يحصل عليه أدوار ثانوية فى أفلام تجارية.

هناك حقيقة لا يمكن إنكارها أن مستوى الإنتاج السينمائى والتلفزيونى سقط من حالق، إلى حد أن السيناريست والمسرحى الراحل «محفوظ عبدالرحمن» استقر فى اعتقاده أن الدراما المصرية تتعرض لمؤامرة.

سألنى: «هل لديك تفسير آخر؟».

باتساع النظر فإن التجريف الثقافى والأدبى والفنى الذى لحق بمصر على مدى سنوات طويلة أفقد البلد جانبا جوهريا مما كانت تتمتع به من حضور وتأثير فى عالمها العربى بقوة الإبداع وإلهامه.

إذا لم يكن هناك مشروع ثقافى ينهض بالآداب والفنون والذائقة العامة يصعب التعويل على إرث الماضى وحده فى بناء القوة الناعمة.

بالتكوين الإنسانى والشخصى لأديب العربية الأكبر «نجيب محفوظ»، كأنه «حضرة المحترم» حسب رواية له تحمل هذا الاسم، يصعب تصور أن يحظى بما وصل إليه من مكانة إذا لم تكن البيئة الثقافية العامة مستعدة لاحتضانه والاحتفاء بموهبته.

عندما عرض عليه الأستاذ «محمد حسنين هيكل» الانضمام إلى كبار المثقفين والكتاب فى الدور السادس من «الأهرام» سأله: «ما المطلوب منى؟».

ــ أن تكتب رواية فى العام تنشر على حلقات، ولا شىء آخر.

عندما وصل الخمسين من عمره احتفلت به «الأهرام». شاركت سيدة الغناء العربى «أم كلثوم» فى المناسبة، وأعدت مجلة «الهلال» برئاسة تحرير «كامل زهيرى» عددا خاصا كتب فيه كبار الكتاب والنقاد الأدبيين.

هذه الدرجة من التبنى والاحتضان لكبار الأدباء كما للأصوات الجديدة نفتقدها بفداحة.

أرجو أن نتذكر أن الدور القيادى المصرى فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى اكتسب أرضيته من تأثير السينما والغناء والصحافة والمجلات الأدبية التى كانت تكتب فى مصر وتوزع فى أنحاء العالم العربى.

لا أدوار مؤثرة تنشأ فجأة بمحض المصادفات السعيدة.

القوة الناعمة هى البنية الفوقية للقوة الخشنة، والفصل بينهما مستحيل.

وهى أقرب إلى خزان يضاف إليه بالزيادة ويسحب منه بالنقصان.


نضوب الخزان من حيويته وقدرته على التجديد إنذار شديد اللهجة للمستقبل.

للصعود حيثياته وللتراجع أسبابه.

الاستنتاج نفسه يصح على البيئة العلمية والأكاديمية.

هناك نحو (300) ألف مصرى حصلوا على درجتى الدكتوراه والماجستير من الجامعات الأمريكية والكندية والأوروبية.

إلى أى حد استفاد البلد منهم؟

هناك من بقى فى الخارج خشية البيئة الطاردة

وهناك قوة علمية كامنة فى البلد لا تجد البيئة التى تدعم تطلعها للإبداع والابتكار بما يخدم مجتمعها ويفى باحتياجاته.

تجربة العالم الراحل «أحمد زويل» تستحق المراجعة، تخرج فى كلية العلوم بجامعة الإسكندرية، ووصل إلى ما وصل إليه بفضل المستوى العلمى الذى كانت عليه الجامعات المصرية بستينيات القرن الماضى حتى التحق بجامعة «كالتيك» فى كاليفورنيا، حيث مكنته قواعدها فى البحث العلمى من إنجازه الذى استحق بمقتضاه جائزة «نوبل» فى الكيمياء.

لأسباب عديدة أخفق مشروعه لتأسيس بنية علمية أكاديمية تستهدف إنتاج جيل جديد من العلماء وفق أحدث المقاييس العالمية.

بعض الأسباب وليست كلها تعود إلى البيئة البيروقراطية الطاردة.

وقد كانت التصريحات الصادمة التى أطلقها رئيس جامعة القاهرة أمام أعداد كبيرة من الطلاب بحفل فنى تعبيرا عن الحجم المروع للتدهور فى واحد من أهم مصادر القوة الناعمة المصرية.

كان أخطر تلك التصريحات إضافة (5%) لطلاب الفرقة الرابعة غير درجات الرأفة المقررة للتحول من خانة الراسبين إلى قوافل الخريجين.

بغض النظر عن الصورة المسيئة التى تحدث بها، والتى لا تليق برأس أكبر وأقدم جامعة مصرية، فإن الكلام نفسه يطعن فى العملية التعليمية بأسرها حتى يكاد يزهق روحها.

أرجو أن نتذكر أن الجودة النسبية للتعليم فى مصر ساعدت على توفير بنية فوقية أخرى للقوة الخشنة المصرية فى فترات الصعود.

إذا لم يكن هناك مشروع جدى للنهوض بالتعليم يصعب الرهان على أى مستقبل، أو على أية استعادة ممكنة لمصادر القوة الناعمة المصرية.

على هذا المنوال يمكن فتح كل الملفات التى تتعلق بالقوة الناعمة، كيف صعدت ولماذا تراجعت؟

وهذه ليست مسئولية «صلاح» و«مالك» اللذين جمعتهما صورة موحية بالأمل وحولها ظلال فى نيويورك.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صلاح ومالك ظلال صورة فى نيويورك صلاح ومالك ظلال صورة فى نيويورك



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon