توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حالة حظر نشر

  مصر اليوم -

حالة حظر نشر

بقلم - عبد الله السناوي

بالتعريف الدستورى فإن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام «مسئول عن ضمان وحماية حرية الصحافة والإعلام والحفاظ على استقلالها وحيادها وتعدديتها وتنوعها…».

لا من صلاحياته إصدار قرارات حظر نشر، فهذا حق حصرى للنيابة العامة دون غيرها.

ولا من مهامه فرض رقابة على الصحف، فهذا محظور بقوة الدستور.

لا يوجد تسويغ واحد دستورى، أو قانونى، أو مهنى، أو سياسى، لقراره حظر النشر فى التجاوزات الفادحة المنسوبة إلى مستشفى (٥٧٣٥٧) لعلاج الأطفال المصابين بمرض السرطان.

بنص قانون المجلس فإن أول أهدافه «حماية حق المواطن فى التمتع بإعلام وصحافة حرة ونزيهة وعلى قدر رفيع من المهنية وفق معايير الجودة الدولية…».

يصعب الزعم بأن ما نشر عن تجاوزات مستشفى أنشئ بأموال التبرعات والهبات والمنح، بقدر ما هو متوافر من وثائق ومستندات وشهادات يخرج عن أى معايير دولية معتمدة، ولا عن طبيعة التحقيقات الاستقصائية، التى تعد وفق نفس المعايير واحدة من أهم فنون العمل الصحافى فى العالم.

بقدر ما ينشر فى أية صحيفة من تحقيقات استقصائية تلم بكل جوانب الملف الذى تبحثه، وما خلفه من أسرار وخفايا تدخل فى شواغل الرأى العام تكتسب صدقيتها واحترامها وترتفع معدلات توزيعها.

لا بد أن نطرح على أنفسنا سؤالا لا مفر منه: لماذا انخفض توزيع الصحافة المصرية على هذا النحو المريع؟

أحد الأسباب الرئيسية أن القارئ لا يجد نفسه فيما تنشره ولا ما يدفعه إلى شرائها.

الصحافة مهنة حرية وبحث واستقصاء وإخبار وتداول للآراء وقصص مدققة تبصر القارئ بالحقائق والخلفيات.

إذا تقوضت طبيعتها فإنه حكم عليها بالإعدام الأدبى، أو الدفن فى مقابر الصدقة.

هذا ما يعرفه بالضرورة كل صحافى، لا نقاش فيه ولا جدال حوله.

عندما يمتنع عن الصحافة ممارسة واجبها فى التأكد من سلامة التصرفات المالية فى مؤسسات أهلية بعينها بحجة أو أخرى، فإن المهنة تتضرر والظلال تخيم على المشهد الصحافى والسياسى قبل أن تشرع أية جهة تحقيق فى النظر بالملف وتجاوزاته.

ما الذى يمكن أن يستنتجه أى مواطن عادى من صدور قرار حظر النشر، من جهة غير النيابة العامة، إلا أن يكون محاولة لمنع المساءلة والتكتيم على أية مخالفات مالية وإدارية؟

ذلك الاستنتاج له تداعيات مدمرة على ثقافة العمل الخيرى وما يتلقاه هذا المستشفى وغيره من تبرعات.

الناس تتبرع بدواعى الثقة أن أموالها تصرف فى أعمال خير، تعالج مريضا أو تنجد محتاجا، لا فى أى أوجه أخرى عليها تساؤلات موثقة تنتظر تحقيقا لا حظرا للنشر.

بكلام آخر قرار حظر النشر أضر بالعمل الخيرى ولم يفده، كما أضر بصورة المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، كما لم يحدث من قبل، وأضر بسمعة مؤسسات الدولة ومدى التزامها بمكافحة الفساد أيا كان المتورطون فيه.

كانت فلسفة إنشاء «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» فى دستور (٢٠١٤) بضمانات استقلاله الفنى والمالى والإدارى، تأسيس نظام إعلامى جديد يؤكد الحريات الصحافية والإعلامية ويمنع التغول عليها، ينسخ الماضى ويؤسس للمستقبل.

لم يكن ذلك تحليقا فى الأمانى بقدر ما كان سعيا لبناء منظومة حريات عامة تكفل حرية الاعتقاد وحرية الفكر والرأى وحرية الإبداع الفنى والأدبى وحرية البحث العلمى.

بأية نظرة موضوعية فإن قدر ما هو متاح من حريات صحافية يعكس أحوال الحريات العامة الأخرى.

هذا وجه رئيسى للأزمة الكامنة فى قرار حظر النشر. 

حاول المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام أن يؤسس قراره على بند فى قانونه، الذى يحكم عمله، يجيز «منع نشر، أو بث المادة الصحافية، أو الإعلامية لفترة محددة أو بصفة دائمة» كأحد «الجزاءات والتدابير التى يجوز توقيعها حال الإخلال بهذا القانون».

إذا صح تأويل ذلك البند على أنه يجيز للمجلس الأعلى إصدار قرارات حظر نشر، فهذا تغول على النيابة العامة وأدوارها المقررة دستوريا وقانونيا لا يصح ولا يجوز، ويطعن عليه بعدم الدستورية.

وإذا صح اعتباره تسويغا لنوع من الرقابة على ما ينشر أو لا ينشر، فإنه مطعون عليه مرة أخرى بعدم الدستورية.

حسب نص المادة (٧١) من الدستور: «يحظر بأى وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية، أو مصادرتها، أو وقفها، أو إغلاقها. ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها فى زمن الحرب، أو التعبئة العامة».

لسنا فى حالة حرب أو تعبئة عامة تقتضيها ظروف قاهرة كتفشى الأوبئة فى البلاد حتى تفرض بصورة ضمنية رقابة على الصحف.

بافتراض أن ظروفا قاهرة حتمت بضروراتها اللجوء إلى هذه الرخصة الدستورية، فإن فرض الرقابة يدخل فى اختصاص جهات أخرى فى الدولة.

ثم أين الإخلال القانونى فى استقصاء حقيقة ما يجرى فى مستشفى خيرى من تجاوزات تتعلق بأوجه صرف أموال التبرعات، إذا كانت المستندات تتحدث وتثبت؟!

الكلام عن أنه صرح طبى عالمى يتعين حمايته من أى انتقادات تؤثر على تدفق التبرعات اللازمة لممارسة دوره، يفتقد إلى أى منطق يمكن تقبله.

مما يحفظ الصروح الطبية، أو غير الطبية، القائمة على التبرعات العامة أن تتوفر فيها نزاهة التصرفات المالية، وإلا فإنه ترخيص بالتجاوز دون رقيب وإضفاء حماية بلا حساب.

والكلام عن أن الأمر أفلت إلى التشاتم بين أطراف الأزمة تفسيرا للقرار المستغرب، فإن ذلك لم يحدث على صفحات الجرائد.

بالمعايير المهنية والأخلاقية، التى تدخل فى صلب مهام المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، فمن واجبه أن يرصد أى تجاوز ويتخذ بشأنه ما يتسق مع صلاحياته دون تزيد، مثل إصدار قرار يحظر النشر فى الملف كله.

هناك من استقصى بقدر ما يستطيع ومن لم يجب على أى سؤال.

الأسئلة ما زالت معلقة فى الفضاء العام والضرر، الذى أحدثه قرار حظر النشر من جهة لا تملك الحق فيه، يصعب تداركه ما لم يحال الأمر كله إلى جهات التحقيق لتقول كلمتها الفصل.

نقلا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حالة حظر نشر حالة حظر نشر



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon