توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأمتار الأخيرة قبل إدلب

  مصر اليوم -

الأمتار الأخيرة قبل إدلب

بقلم - عبد الله السناوي

الحرب فى سوريا حسمت وإدلب المعركة الأخيرة.

هكذا تبدو الصورة الميدانية قبل انطلاق العملية العسكرية المتوقعة.

بتعبير لافت لوزير الخارجية الفرنسى «جون إيف لودريان» فإن «الأسد ربح الحرب لكنه لم يفز بالسلام».

فى الكلام إقرار بالهزيمة العسكرية وسعى فى نفس الوقت لممارسة الحد الأقصى من الضغوط السياسية الممكنة حتى لا تتقوض أى مصالح استراتيجية غربية فى الصراع الدامى على سوريا.

رغم الأجواء الملتهبة فإن هناك إطارا عاما شبه متماسك لقواعد الاشتباك يحكمه موازين سلاح ومصالح وحسابات لما بعد المعركة.

لا توجد منازعة ــ تقريبا ــ فى أن تكون هناك ضربة عسكرية للجماعات المتشددة فى إدلب.

موضوع المنازعة هو حجمها ومداها.

رئيس هيئة الأركان الأمريكية الجنرال «جوزيف دانفورد» نصح بتنفيذ عمليات محدودة ضد المتشددين، كأنه يصوغ عسكريا ما طلبه «دونالد ترامب» سياسيا فى تغريدة اعتبرت الهجوم الواسع على إدلب تهورا وخطأ إنسانيا جسيما، رغم أنه لم يعهد عن الرئيس الأمريكى أى اهتمام سابق بالاعتبارات إنسانية.

الصراع سياسى بقدر ما هو عسكرى، لا هو أخلاقى ولا حقوقى يخشى من تبعات عملية شاملة على حياة مئات آلاف المدنيين.

وقد كان لافتا الطريقة التى استقبل بها الكرملين تغريدة «ترامب»، شكك فى جدواها، فهى لا تمثل حلا منهجيا لأزمة إدلب فضلا عن أنها تعرقل مكافحة الإرهاب، دون أن يقع فى مطب أن يبدو غير مكترث بمصير ثلاثة ملايين سورى مدنى يعيشون فى إدلب، نصفهم من النازحين.

هذه نقطة حساسة وعلى درجة عالية من الأهمية، لكنها تستخدم لتوفير نوع من الحماية لجماعات إرهابية.

إلى حد كبير سوف تحدد الطريقة التى تحسم بها معركة إدلب أوزان القوى الأخيرة قبل أى تسوية سياسية فى نهاية المطاف، وما قد تلعبه الأطراف الدولية والإقليمية المتصارعة من أدوار وما تحوزه من مصالح.

حجم ومدى المعركة المتوقعة موضوع تنازع آخر داخل «تحالف الضرورة» الذى يجمع روسيا وإيران وتركيا.

لكل طرف تقديرات وحسابات تختلف عن الآخر لكنها تجد نفسها فى معسكر واحد يحاول أن يرفع سقف مشتركاته.

قبل حسم حجم ومدى معركة إدلب تبدو قمة طهران، التى تعقد غدا (الجمعة) بمشاركة قادة روسيا وإيران وتركيا، كاشفة لحقائق التحالفات وحدودها وطبيعة التباينات ومنزلقاتها.

هناك خياران رئيسيان أمام القمة، ولن يكون القرار سهلا بالنظر إلى الحسابات المتعارضة.

الأول ــ اقتحام إدلب بعملية عسكرية كبيرة وشاملة من جميع المحاور مع قصف جوى روسى يمهد ويغطى ذلك الاقتحام.

والثانى ــ عملية محدودة تنشئ حزاما أمنيا يمتد من جسر الشغور شمالا إلى جنوب إدلب دون اقتحام مركزها.

الخيار الأول يتبناه نظام الرئيس «بشار الأسد» وحشوده العسكرية متأهبة على تخوم إدلب فى انتظار قرار سياسى، وإيران تدعمه دون مواربة بغض النظر عن أى ضغوط غربية.

إذا ما كانت المعركة مفتوحة فإنها سوف تشمل ما هو أوسع من محافظة إدلب سعيا لحسم باقى المناطق التى ما زالت تقع تحت سيطرة الجماعات المسلحة المتشددة.

وفق تقديرات الأمم المتحدة: عدد مقاتلى جبهة «النصرة» فى إدلب (10) آلاف، بينهم نحو ألفى مقاتل عربى وأجنبى، يسيطرون على (60%) من هذه المحافظة المحاذية لتركيا، التى لا تحبذ هذا الخيار.

من أسبابها أن المعركة المفتوحة تربك استراتيجيتها فى سوريا وقد يتم نزوح أعداد كبيرة من المدنيين إلى أراضيها بما لا تحتمله أوضاعها الاقتصادية المتدهورة.. وأن نتائجها تقوض إلى حد كبير نفوذها داخل المعارضة المسلحة، وبينها الجيش الحر الذى ترعاه بالتمويل والتسليح والتدريب، وتقطع كل الأواصر التى امتدت لسنوات مع جبهة «النصرة».

رغم أن أنقرة صنفت أخيرا جبهة «النصرة» بـ«الإرهابية» إلا أن صلاتها الاستخباراتية ما زالت ممتدة ساعية إلى دفعها لإعلان تفكيكها تجنبا لتصفيتها بالسلاح.

السؤال التركى هو معضلة قمة طهران.
إلى أى حد تبدى استعدادا لبناء قاعدة تفاهمات أرسخ مع شركائها فى «تحالف الضرورة»، الذى وجدت نفسها فيه تحت ضغط أزماتها مع الولايات المتحدة؟
بصياغة أخرى: إلى أى حد تبدى تماسكا أمام الاتصالات الأمريكية المعلنة والخفية للحيلولة دون انخراطها فى خيار المعركة المفتوحة، التى قد تقلب كل المعادلات أملا فى تخفيف الضغوط الاقتصادية عليها والعودة إلى الحلف القديم؟
من المتوقع فى قمة طهران أن تقدم تركيا مقترحات بديلة تعمل على اكتساب وقت إضافى لإنهاء الأزمة بالمفاوضات.

بقدر واقعية المقترحات قد تفسح القمة المجال أمام الاستخبارات التركية لإقناع حلفائها المسلحين السابقين والحاليين بالتفاوض لمغادرة إدلب.

هذه مهمة صعبة وملغمة بقدر ما هو صعب وملغم مشاركة الجيش الحر فى أى قتال بجوار الجيش السورى لتحرير إدلب من حلفائه المنتسبين لجماعات توصف دوليا بالإرهابية.

معضلة السؤال التركى يلقى بظلاله على الموقفين السورى والإيرانى، فلا ارتياح لتناقضاته ولا رغبة فى الصدام معه.

بصياغة وزير الخارجية السورى «وليد المعلم»: «لا نتطلع إلى مواجهة مع تركيا لكن عليها أن تفهم أن إدلب محافظة سورية».

فى التعقيدات السورية التركية تمثل الأزمة الكردية فـ«الأكراد جزء من النسيج الاجتماعى السورى» حسب تصريحات أخرى لـ«وليد المعلم».

تلك النظرة تتناقض مع ما يذهب إليه الرئيس التركى «رجب طيب أردوغان» من دمغ الأكراد السوريين بالإرهاب.

غير أن هناك نقطتين للاتفاق، قد يساعدان مستقبلا على بناء علاقات جديدة، أولاهما ــ الرفض السورى للانفصال والفيدرالية.. وثانيتهما ــ استنكار الرهان الكردى على الولايات المتحدة التى لا تخلص لأحد فى تعهداتها.

أمام التحفظ التركى المتوقع فى قمة طهران لأى عملية عسكرية شاملة فى إدلب يبدو الموقف الإيرانى صارما فى دعم الموقف السورى دون أن يصد نفسه عن أى بدائل عملية يطرحها الأتراك.

النظام السورى نفسه يعتبر «تحرير إدلب أولوية بالعمل العسكرى أو المفاوضات».
اللاعب الروسى فى القمة سوف يكون أميل إلى إدارة التوازنات الحساسة والحسابات المتعارضة للحفاظ على زخم التحالف مع اللاعبين الإقليميين الإيرانى والتركى وتحقيق مصالحه الاستراتيجية التى يحارب من أجلها قبل أى شىء آخر. 

لوح بحشود بحرية غير مسبوقة فى البحر المتوسط وأجرى مناورات استهدفت ردع أى تدخل عسكرى أمريكى وأعلن على لسان وزير خارجيته «سيرجى لافروف»: «لن نصبر إلى ما لا نهاية»، وأجهض مسبقا أى ذرائع محتملة لتوجيه ضربات عسكرية لمواقع سورية بادعاء انها استخدمت أسلحة كيماوية.

التلويح الروسى أقرب إلى ألعاب الشطرنج، نظرة على كامل الرقعة قبل تحريك البيادق.

السوريون والإيرانيون لديهم نزعة مشابهة أقرب إلى التصعيد على الحافة مع النظر فى احتمالات التوصل إلى حلول تسمح بإجلاء المسلحين عن إدلب.

بصياغة «لافروف» فإنه إذا ما تم الفصل بين الجامعات المسلحة الإرهابية والجماعات الأخرى يمكن التوصل إلى تسوية سياسية فى إدلب.

هذا سيناريو محتمل لكنه غير مؤكد فى الأمتار الأخيرة قبل إدلب.

نقلا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأمتار الأخيرة قبل إدلب الأمتار الأخيرة قبل إدلب



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon