توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كم علاء فتحى موجود بيننا؟!

  مصر اليوم -

كم علاء فتحى موجود بيننا

بقلم - عماد الدين حسين

لا أريد أن أبدو متحاملا أو متجنيا على سائق جرار السكة الحديد علاء فتحى، الذى اعترف بأنه المسئول عن حادث محطة مصر صباح الأربعاء الماضى.
لكن بعد أن قرأت ما قاله فى حواره مع الزميل وائل الإبراشى على قناة «on e»، ثم شاهدت طريقة إجاباته، فقد دعوت الله ألا يكون هذا السائق هو عينة لقطاع واسع ليس فقط من سائقى السكة الحديد، ولكن للموظفين فى مصر عموما.
القناعة التى تتعزز عندى يوما بعد يوم هى أن علاء فتحى هو ابن شرعى للتربية والتعليم والقيم طوال الحقب الاربع الاخيرة.
هو حاصل على «دبلوم صنايع» ويتنقل فى السكن ما بين طنطا والمنوفية والقاهرة، ويعمل فى السكة الحديد، من ٢٦ عاما. وظيفته هى قيادة الجرارات من الورشة إلى الرصيف، وليس للمسافات الطويلة.
المفترض أن خريجى دبلوم الصنايع يكونون حرفيين حقيقيين، لكن وطبقا لما نشاهده على أرض الواقع، فغالبيتهم يحملون الشهادة من دون أى خبرة أو صنعة.
فى عهد حسنى مبارك انهار التعليم عموما، وبالأخص الفنى الصناعى والزراعى والتجارى، وصار معظم خريجيه يعملون فى مهن وحرف لا صلة لها بالتخصص وبعضهم لا يعرف حتى كتابة اسمه!!
المشكلة ليست فقط النقص فى الخبرة، لكن تراجع منظومة القيم الذى أنتج أجيالا لا تعرف قيمة ومعنى المسئولية بالمرة.
علاء فتحى وفى معرض حكايته لأسباب الحادث قال: «جرار زميلى أيمن الشحات خبطنى وأنا نزلت من جرارى عشان أغلطه وأقول له انت خبطنى ليه، ويا ريتنى بطلت الجرار، لكن الجرار مشى.. إزاى؟ مش فاهم!!.. لم أعرف أنه اصطدم بالرصيف، وبعدها فقدت التوازن، ومكنتش عارف أعمل ايه، وقلت إنه هيخبط فى شىء أو هيكسر شىء، فمشيت، كنت متوقع إنى هاخد جزاء بس!!».
تقديرى الشخصى أن مثل هذه النوعية من الناس لا تحتاج إلى وكلاء نيابة للتحقيق، بقدر ما تحتاج إلى أساتذة اجتماع وعلم نفس، لنعرف كيف وصلنا لهذا المنحدر؟!
هو يقول فى كلامه «إنه يتحمل المسئولية الكاملة»، رغم أنه لا يعرف ما معنى كلمة مسئولية.
علينا أن نبحث فى الثقافة والقيم والبيئة والمناخ التى تجعل سائقا فى السكة الحديد، يقول إن خبرته ٢٦ عاما يترك الجرار «شغال» وعلى سرعة 60 كيلومترا وليس 8 كيلومترات، قرب محطة القطارات المركزية، لكى يتخانق مع زميل آخر، بسبب «حكة» من جراره!!
السؤال ما الذى كان يدور فى ذهنه، حينما نزل من الجرار ليتخانق مع زميله؟. أى نوع من التدريب أو التأهيل أو المسئولية تعلمها فى السكة الحديد، أو فى المجتمع بأكمله؟! وكيف طاوعه قلبه وعقله ليغادر المكان ويذهب إلى بيته لينام، ولم يسمع بالانفجار الذى لم يهز المحطة فقط، ولكن كل مصر؟!
المفارقة أنه قال إن الحادث تكرر معه مرتين من قبل، لكن الجرار كان يصطدم بحواجز فيقف.
هو قال أيضا: «مفيش حد بيحاسب حد فى الهيئة، ومحدش بيعبرنى لو طلبت إجراء صيانة للجرار». 
السؤال بشأن الفقرة الأخيرة: هل هو يقول الحقيقة ليوزع المسئولية على الجميع؟!. سوف نفترض ذلك، لكن المؤكد أنه من دون التسيب والانهيار الإدارى ما كان يمكن لمثل هذه الشخصية المستهترة أن تنمو وتنتشر، بحيث تصبح هذه الروح العدمية هى المهيمنة.
لو أن هناك حدا أدنى من الانضباط وتمت معاقبة هذا السائق بصورة رادعة، ما تجرأ ونزل من جراره ليعاتب زميله!.
اسوأ طريقة أن يعتقد بعضنا أن الحادث سببه خطأ علاء فتحى فقط. وبالتالى نتخيل أن فصله من السكة الحديد، أو حتى الحكم عليه بالمؤبد أو الإعلام، سينهى المشكلة!.
المشكلة أكبر بكثير. الحل الحقيقى أن نبحث عن كل «علاء فتحى» موجود بيننا. هو نموذج للموظف العدمى المستهتر، ومتواجد فى هيئات ومؤسسات ووزارات كثيرة. 
خطورة هذا النموذج أنه ينتشر فى ظل غياب أى نوع من ثقافة المحاسبة. ومع القيم المتداعية فإن الروادع الاجتماعية والأخلاقية تتراجع. ويصبح فى اعتقاد علاء فتحى وغيره أن ترك جرار يسير بسرعة ٦٠ كيلومترا فى اتجاه مواطنين أبرياء على الرصيف، مجرد خطأ لن يكلفه الا خصم يوم أو يومين.
مرة أخرى نحتاج إلى البحث عن نوعيات علاء فتحى، ونعالجها او «نركنها على جنب» حتى لا يتحولوا إلى أدوات للقتل، أما الحل المستدام فهو إصلاح التعليم بصورة جذرية، حتى لا تقوم المدارس والجامعات بتخريج المزيد من عينة علاء فتحى!!

 

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع         

 

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كم علاء فتحى موجود بيننا كم علاء فتحى موجود بيننا



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon