توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دراويش أردوغان وترامب

  مصر اليوم -

دراويش أردوغان وترامب

بقلم - عماد الدين حسين

من الطبيعى أن يحاول الرئيس التركى رجب طيب أردوغان تصوير صراعه مع إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب باعتباره صراعا دينيا بين الإسلام والمسيحية، أو بين الحق والباطل، لكن أليس من الطبيعى أن يفكر أنصار أردوغان ومريدوه فى صحة هذا الأمر؟!.

استغلال الدين ــ أى دين ــ فى الصراعات السياسية أمر قديم ومعروف ومجرب منذ بدء ظهور الأديان، ومن المتوقع أن يستمر، حتى تقوم الساعة. أردوغان يقول إن الله معه فى صراعه مع ترامب، والأخير يفعل الأمر نفسه، والضحية فى المنتصف هم الجماهير فى كلا الطرفين، الذين يعتقد معظمهم أن القضية فعلا بين الإيمان والكفر، أو الحق والباطل، وليست فى جوهرها مصالح شخصية أو قومية أو اقتصادية من أجل النفوذ والمكاسب.

أنصار ومجاذيب أردوغان الذين يهللون خلفه ليل نهار هذه الأيام، لا يفكرون فى معظم الأوقات بعقولهم، بل بقلوبهم، ويعتقدون فعلا أن أردوغان سوف يعيد دولة الخلافة انطلاقا من اسطنبول لتسيطر على معطم بلدان العالم، كما فعلت بداية من عام ١٥٠٠ ميلادية، فى زمن محمد الفاتح.
هذه الفئة لا تريد أن تتوقف قليلا لتدرك أن تركيا عضو مهم جدا فى حلف الأطلنطى، ليس فقط فى زمن الحكومات العلمانية الأتاتوركية، ولكن حتى هذه اللحظة فى زمن حكومات حزب العدالة والتنمية ــ ذى الخلفية الاسلامية ــ الذى يترأسه أردوغان، واتضح لنا جميعا، من أقوال وممارسات وأفعال أردوغان منذ ٣٠ يونيو ٢٠١٣ أنه أقرب إلى جماعة الإخوان وتيارات الإسلام السياسى، منه إلى أى أفكار علمانية، بل هو استخدمها فقط كتقية، للوصول إلى السلطة وتثبيت أركان نظامه، والحد من نفوذ الجيش.

الطائرات الأمريكية والغربية «المسيحية» ما تزال تنطلق من قاعدة انجرليك التركية لتنفذ كل عملياتها فى منطقة الشرق الأوسط.

هؤلاء الانصار أيضا فى المنطقة العربية، يتحدثون عن «الشيطان الامريكى»، لكنهم ينسون أنهم يوفرون له أكبر قاعدة عسكرية فى العالم كله فى العيديد القطرية!!.

حتى هذه اللحظة أيضا لا يريد أنصار أردوغان تصديق أن هناك علاقات عادية جدا بين تركيا «الإسلامية» وإسرائيل الصهيونية. هى توترات فى بعض الأحيان، وتشهد صراعات واشتباكات لفظية ساخنة. لكنها علاقات مستقرة. وجزء كبير من الصادرات التركية للمنطقة العربية يمر عبر الموانئ الإسرائيلية فى البحر المتوسط.

نفس الأمر ينطبق على دونالد ترامب الذى يصرخ ليل نهار بعبارات حماسية ضد تركيا، لكن الدولة الأمريكية العميقة تردعه طوال الوقت، خصوصا فى وزارة الدفاع ووكالات الاستخبارات الأمريكية، الذين يدركون أهمية تركيا للاستراتيجية الأمريكية والغربية، فى إطار الصراع المرير مع روسيا أولا، وأهمية تركيا فى أى صراع كبير محتمل مع إيران ثانيا، وثالثا لمحاولة معادلة النفوذ الروسى المتزايد فى سوريا والمنطقة. وليس مستبعدا أن تتمكن هذه الدولة العميقة من إزاحة ترامب وركله خارج البيت الابيض، على خلفية قضية التدخل الروسى فى الانتخابات التى تتصاعد يوما بعد يوم.

المريدون والدراويش فى كلا الطرفين يدخلون فى صراعات عبثية على مواقع التواصل الاجتماعى، ويعتقدون أن الحرب التركية ضد أمريكا وإسرائيل سوف تندلع بعد لحظات قليلة، مركزين فقط على بعض التصريحات الصارخة لفظا من هذا المسئول أو ذاك.

هم حتى لا يريدون أن يركزوا على جوهر تصريحات أردوغان وليس شكلها، حينما يؤكد مرارا أن بلاده تلقت طعنة فى الظهر من «الشريك الاستراتيجى» لها وهو الولايات المتحدة. وبالتالى فهو ليس فى صراع مع واشنطن، ولكنه مقهور من طريقة تصرفها معه.

أردوغان يريد من ترامب أن يسلمه عبدالله جولن ومارس الطرفان «لعبة عض الأصابع»، منذ فشل انقلاب يوليو ٢٠١٦، لكن واشنطن ترفض تسليمه، كما أن أردوغان لا تعجبه العلاقات المتنامية بين واشنطن وأكراد سوريا، لذلك حاول أن يؤثر عليها بأكثر من ورقة، منها اقترابه أكثر من روسيا وإيران.

ربما يريد أردوغان أن يصبح الخليفة الإسلامى، أو السلطان العثمانى الجديد، وربما يريد ترامب أن يصبح زعيما للتيار المسيحى اليمينى المحافظ لإرضاء قاعدته الانتخابية لكن معظم المراقبين يقولون إن الاثنين ــ شأن كل الزعماء ــ يستخدمان شماعة الدين لتخدير الجماهير المغلوبة على أمرها، والتى تتأثر كثيرا بسلطان الدين.

والمأساة أنه مع صراعات من هذه النوعية، فالمتوقع أن تدفع المنطقة والعالم أثمانا باهظة فى المستقبل، لأن تلك هى البيئة الخصبة لازدهار الدواعش فى كل الأديان!.


نقلا عن المصرى اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دراويش أردوغان وترامب دراويش أردوغان وترامب



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon