بقلم : عماد الدين حسين
ينبغى أن نوجه تحية حارة للحكومة ولوزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقى على القرار الشجاع الذى اتخذه الوزير مساء الثلاثاء الماضى بتأجيل تطبيق نظام التعليم الجديد على المدارس التجريبية.
الوزير كتب على صفحته على الفيسبوك امس الاول يقول: «سوف يطبق نظام التعليم الجديد على الملتحقين برياض الأطفال والصف الأول الابتدائى فى العام الدراسى المقبل ٢٠١٨ ــ ٢٠١٩، فى المدارس الحكومية العربية والمدارس اليابانية فقط، ويستمر هؤلاء الأطفال على هذا النظام فى السنوات المتتابعة، وسيدرس مجلس التعليم قبل الجامعى فى صيف ٢٠١٩ تقييم العام الأول، من تطبيق النظام الجديد ويتشاور مع المدارس التجريبية والخاصة لغات بشأن مستقبل تطبيق النظام فى هذه المدارس بدءا من KG1 فى عام ٢٠٢٠ ــ ٢٠٢١».
قد يسأل سائل ساخرا ومتهكما: «ولماذا تشكر الحكومة والوزير بدلا من انتقادهما على اقتراح هذا التطوير من الأساس؟».
الإجابة بسيطة وهى أننا تعودنا من حكومات كثيرة سابقة ومسئولين، على اتخاذ خطوات وقرارات وإجراءات خاطئة وشديدة الخطورة، أو حتى غير ذات إجماع وطنى والإصرار عليها، بغض النظر عن رأى المجتمع فيها، وكانت النتيجة أن البلد بأكمله دفع ثمنا فادحا لهذا التعنت.
الآن فإن الحكومة قررت الإنصات للأصوات الرافضة للنظام الجديد، وهى أصوات كثيرة وقررت تأجيل التطبيق فى المدارس التجريبية.
حينما تم تسريب الملامح الأساسية لمشروع التطوير الجديد، كتبت فى هذا المكان، وقلت بوضوح إن أهم نقطة يجب أن نحرص عليها أن نناقش هذه الأفكار نقاشا واضحا داخل المجتمع بأكمله ونقتلها بحثا وتمحيصا، لأنه لا يعقل أن يتم تطبيقها من دون التأكد من وجود أكبر قدر ممكن من الإجماع الوطنى بشأنها.
من الواضح أن الأصوات الرافضة لهذا النظام كثيرة جدا، ومعظمها تحدث عن أن النظام الجديد سيقضى على المزايا القليلة المتبقية داخل المدارس التجريبية، وأنه سيسلب الطبقة المتوسطة بارقة أمل بأن يترقى أولادهم عبر التعليم.
هناك إجماع على أن التعليم فى مصر يسر كل الأعداء «ولا يسر حبيبا»، لكن الخلاف الأكبر يتعلق بكيفية إصلاح هذا النظام.
هذا الخلاف منطقى وطبيعى، لأنه يدور حول فلسفات وتوجهات وانحيازات وأفكار بشأن المستقبل.
هناك من يرى ضرورة تطبيق التجارب الأوروبية ونسخها، وهناك من يرى الحل فى العودة إلى الكتاتيب وبينهما عشرات النماذج والأفكار.
حل هذا الخلاف هو المزيد من النقاش الجرىء والموضوعى وبحث كل فكرة وبند ونقطة من كل الجوانب. ولذلك فإن الخطأ الأكبر الذى وقع فيه الوزير الدكتور، هو تلميحه إلى أن النظام الجديد سيطبق بالقوة فى كل الأحوال، بغض النظر عن آراء المعارضين.
الوزير يقول إنه تواصل بكل الطرق مجتمعيا، ولا يعرف ما هو المطلوب أكثر من ذلك؟. والإجابة أنه لابد من طريقة أو آلية، نقيس بها هذا الحوار المجتمعى، أى أن يقبل المجتمع، أوغالبيته للقضية المطروحة، أو أقنع الإعلام بذلك.
عموما سيكون لدينا النظام الجديد مطبقا على المدارس الحكومية فى الموسم الدراسى المقبل، وسنعرف فى نهايته النتيجة العملية، وهل هو مفيد أم لا، وبالتالى فعندما ينجح فإن المجتمع بأكمله هو الذى سيطالب الوزير والحكومة بتعميمه على المدارس التجريبية.
نقلا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع