توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل ظلم المجتمع هند؟!

  مصر اليوم -

هل ظلم المجتمع هند

بقلم - عماد الدين حسين

هل يمكن لمجتمع كامل أو غالبيته أن يكون ظالما؟! نعم للأسف حدث شىء من هذا القبيل فى الأيام الأخيرة.
فى قضية السيدة هند التى عرضت حياة طفلها للخطر، حينما أجبرته على القفز من الشباك للبلكونة لفتح باب الشقة، فى مدينة ٦ أكتوبر، انبرى واندفع غالبية الناس لإدانة السيدة، وتعليق المشانق لها، والمطالبة بالقبض عليها وسجنها.
حينما أقول «المجتمع الظالم» أقصد غالبية أفراده، أو على الأقل المؤثرين فيه. والدليل أن هذه الحمى التى انفجرت فى وجه والدة الطفل، انتهت بحبسها قبل أن يتم إطلاق سراحها لاحقا.
السوشيال ميديا صار لها قوة اسطورية جبارة، صارت هى الرأى العام الحقيقى فى كثير من القضايا. يكفى أن تركز على قضية معينة، أو تتخذ موقفا محددا، فيكون هو التيار العام الرئيسى، الذى يتبناه بقية المجتمع لاحقا.
المأساة الأكبر أن بعض أجهزة ومؤسسات الدولة تنقاد أحيانا خلف السوشيال ميديا، وبدلا من أن تتخذ هذه المؤسسات القرار الأصح، أو تعدل الحال المايل، نراها تسير مع القطيع العام!.
للوهلة الأولى قامت السوشيال ميديا بشيطنة الوالدة. وللموضوعية فإن السيدة مخطئة، وعرضت حياة ابنها للخطر، وينبغى لفت نظرها وتأهيلها. لكن المدهش فى الأمر أننا كمجتمع أفرادا ومؤسسات وأجهزة وحكومة، تصرفنا باعتبارنا أننا جميعا مثاليون ونعيش فى السويد أو سويسرا، وأن هذه السيدة فقط هى المخطئة، التى ينبغى إعدامها حتى لا تخدش أو تسىء إلى المظهر العام المثالى.
هذا السلوك له تسمية واحدة، وهى النفاق العام. وكان ينبغى ألا نبحر جميعا خلف هذه الموجة العالية والعاتية.
نعم كان مطلوبا توعية السيدة بمخاطر سلوكها، لكن على كل الذين اندفعوا وتحركوا، وطالبوا بإدانة السيدة، أن يدركوا أن ما فعلته يتكرر كل يوم فى غالبية أرجاء مصر. الفارق الوحيد، أن المتلصص الذى يفتح كاميرا تليفونه، لم يكن موجودا، وبالتالى فنحن لا نرى هذا السلوك المشين، موثقا، رغم أننا نراه بعيوننا الطبيعية كل يوم، بل كل لحظة.
جربوا أن تسيروا فى أى مكان شعبيا كان أو ريفيا، بل فى المناطق الراقية أيضا. سوف تكتشفون أن عنف الآباء ضد الأطفال الصغار موجود فى كل لحظة لفظيا وجسديا، وبالمصادفة فإن سيدة قتلت طفلها بحجة تقويمه وتأديبه فى نفس التوقيت تقريبا التى كانت السيدة هند تقوم فيه بإجبار طفلها على دخول الشقة من نافذة الجيران!
لا يعنى كلامى السابق مطلقا التماس العذر للأم، بل فقط أن نكون واقعيين، وألا نتعامل مع ما فعلته الأمر، باعتباره حدثا نادرا استثنائيا وكأننا نراه للمرة الأولى!.
هذا اندهاش غريب ومريب، ويكشف عن أن غالبيتنا مرضى، أو أننا نمثل دور البراءة والفضيلة والورع والتقوى، فى حين أن بعضنا قد يكون ساديا مع أطفاله، بصورة أسوأ مما فعلته هند مع ابنها.
جيد أن تتحرك بعض مؤسسات وأجهزة الدولة للتعامل مع هذه الواقعة، لكن سيكون موقفها أفضل وأشرف كثيرا، لو تحركت لتعرف كم «هند» موجودة فى المجتمع تتعامل مع أولادها، بمثل هذا العنف، وكم عدد الأبناء المماثلين الذين، يتعاملون مع أولادهم بقسوة وعنف، تصل إلى حد قتلهم فى نوبات غضب صارت طبيعية جدا فى قطاعات واسعة من المجتمع.
السؤال: هل أجهزة الدولة المختصة لديها علم بما يحدث فى قاع المجتمع أو حتى سطحه، فيما يتعلق بسلوك الآباء مع الأبناء؟! وإذا كان لدينا هذه المعرفة فما هى الآليات والوسائل والإجراءات، التى تجعلهم يوقفون هذا العنف؟
أخشى أن يكون تحرك الأجهزة الحكومية، مجرد رد فعل لنشر الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعى، للقول أو للإيحاء بأن الحكومة موجودة، واتخذت موقفا سريعا.
موقف الأب كان شجاعا حينما دعا للإفراج عن زوجته والنيابة استجابت مشكورة، لكن غالبيتنا ارتدى ثوب البطولة، وانهال سبا وتقريعا ولوما على السيدة، ولم يفكر فى عواقب الأمور.
غالبية المجتمع اغتال هذه السيدة معنويا، رغم أنه يمارس نفس جريمتها ليل نهار!.
السؤال: كيف يمكن علاج هذه القطاعات المجتمعية الواسعة من هذا النفاق الرخيص؟!!.

 

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل ظلم المجتمع هند هل ظلم المجتمع هند



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon