توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بين الصحافة والطبيخ!

  مصر اليوم -

بين الصحافة والطبيخ

بقلم - عماد الدين حسين

قبل أسابيع قليلة وصلنى إعلان لمطعم جديد متخصص فقط فى «الأكل البيتى» بمنطقة الدقى والمهندسين، قرب مقر الشروق.

كثير منا يتلقى مثل هذا الإعلان يوميا، وهو فى المواصلات أو بعد خروجه من مساجد صلاة الجمعة، أو فى أى زمان ومكان. كل ما سبق ليس جديدا، فكثير من المصريين بدأ يحترف فكرة اعداد الوجبات المنزلية. هذا الأمر صار مألوفا منذ فترة، ويتوسع بصورة ملحوظة هذه الأيام، باعتبار أن غالبية المصريين يفضلون الأكل البيتى.

الجديد أننى عرفت أن القائمين على أمر المطعم الجديد زميلان صحفيان، قررا أن يتوقفا عن ممارسة المهنة، وأن يركزا على إعداد وجبات متنوعة فى المنزل، وتوصيلها لمن يرغب من الزبائن.

كل من سمع بحكاية «المطعم الصحفى» بدأ يناقش ويحلل الموضوع، والغالبية أرجعت خطوة الزميلين إلى الأوضاع الصعبة التى تعيشها مهنة الصحافة فى مصر والمنطقة هذه الأيام، سواء فى اقتصادياتها وصناعتها أو محتواها وهامش حريتها.

عندما وصلنى الإعلان عن المطعم الجديد، جربت واتصلت بالتليفونات الموجودة أسفل الإعلان. وكانت المفاجأة أن من قام بالرد على هو زميل صحفى عزيز، أعرفه جيدا، وأشهد أنه باحث مرموق وله كتابات متميزة فى مجاله، وكان حتى أيام قليلة مشرفا على بوابة إلكترونية متخصصة فى قضايا الفكر الدينى.

ولن أذكر اسمه لأننى أولا لم أستأذنه، وثانيا حتى لا يبدو الأمر إعلانا مجانيا للمطعم، ثم إن ما سأركز عليه فى السطور التالية أمر أبعد كثيرا من قصة المطعم.

هنأت الزميل وتمنيت له التوفيق، وحاولت أن أفهم منه ما الذى دفعه إلى هذه الخطوة التى تعتبر غريبة إلى حد ما، فقال لى بوضوح: «أنا لا أعانى من أى حصار أو تضييق إعلامى.. ولا يوجد لدى أى شعور بالمظلومية، وأحب وأعشق إعداد الأكل، وأرى أنه يقرب الناس من بعضهم البعض، ويجعل بينهم عيش وملح».

الزميل لم ينكر رغبته فى تحسين دخله من وراء هذه الخطوة. هو قال لى: «إنها تجربة وسوف يخوضها، ويقيمها، لكى يقرر هل تستمر أم لا».

طلبت من الزميل أن يرسل لى وجبة، لكى أساهم فى إنجاح مشروعه، فقال لى إن اليوم الأول شهد ارتباكا قليلا، لكنهم تمكنوا من توصيل كل الطلبات للزبائن.

انتهت المكالمة، ولم أعرف هل أشارك كثيرا من الزملاء سخريتهم من الموضوع، أم أقدر خطوة الزميلين اللذين قررا أن يخوضا تجربة جديدة، حتى لو كانت صادمة للكثيرين منا.

وفى النهاية حسمت أمرى بأنه من الخطأ التعامل مع أى تجربة أو مبادرة، بالتسفيه والتشويه والسخرية، من دون النظر لرغبة ورؤية أصحابها.

العلاقة بين الصحافة والطبيخ قوية جدا. وطوال الوقت نستخدم مصطلح «المطبخ الصحفى»، ونقول فلان فى المطبح يعنى متداخل بشكل كامل فى صناعة الاخبار.

ونقول أيضا أن «الطبخة شاطت» على الخبر أو القصة التى لم تكتمل أو انحرفت عن مسارها.
والقصة الجيدة المكتملة مثل «الطبخة الجيدة» فى جميع عناصرها.

لكن فى جوهر الأمر أيضا فإنه لا يمكن النظر لهذا الموضوع، الذى يراه البعض فكاهيا أو خفيفا، بمعزل عن الأوضاع التى تعيشها الصحافة المصرية هذه الأيام.

هل هناك مشاكل فى مهنة الصحافة المصرية هذه الأيام تدفع كثيرين للذهاب إلى مهن أخرى؟ الإجابة هى: نعم. وهى مشاكل بعضها صار وجوديا ويهدد صميم المهنة نتيجة الارتفاع الحاد فى أسعار مستلزمات إنتاج الصحف خصوصا الورق، ثم تراجع نسب الإعلان، وأخيرا التراجع الحاد فى محتوى الصحف، بالنظر إلى عدة عوامل منها تدهور المستوى المهنى، وتراجع هامش الحريات، خصوصا بعد صدور ثلاثة قوانين تنظم عمل الصحافة والإعلام.

هذه العوامل مجتمعة الاقتصادية والمهنية والتشريعية، جعلت العديد من الزملاء، يخسرون وظائفهم أو تنخفض رواتبهم، أو يحاولون البحث عن مهنة أخرى إذا وجدوها. وبالتالى فإن الصحافة المصرية تعيش الان واحدة من أصعب فتراتها، وتواجه تحديات حقيقية.

لكن لم أتخيل مطلقا أن يبدأ بعض الصحفيين فى الخروج من «المطبخ الصحفى» بمعناه المعنوى، إلى «المطبخ الحقيقى» بمعناه الأصلى. 

فى كل الأحوال خالص التوفيق للزميلين، ولكل من يفكر خارج الصندوق بدلا من الدخول فى الحالة الكافكاوية السوداوية المعروفة. ونتمنى أن يكون الزميلان آخر من يهجر مهنة الصحافة إلى الطبيخ!.

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين الصحافة والطبيخ بين الصحافة والطبيخ



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon