توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غشاشون ومتبجحون وهجامة!

  مصر اليوم -

غشاشون ومتبجحون وهجامة

بقلم : عماد الدين حسين

  من أسوأ الأخبار التى قرأتها فى الفترة الأخيرة، خبر نشره موقع «اليوم السابع» ظهر يوم الخميس الماضى ١٧ مايو الموافق أول شهر رمضان المبارك جاء فيه: «إن مجموعة من طلاب مدرسة سندسيس الإعدادية التابعة لمركز المحلة بمحافظة الغربية قاموا برشق المراقبين والمدرسين بالحجارة، لعدم تمكنهم من الغش فى امتحان مادة العلوم للمرحلة الإعدادية فى الفصل الدراسى الثانى.

وطبقا للخبر الذى كتبه الزميل مصطفى عادل فإن الهجوم أسفر عن إصابة مدرس اللغة الإنجليزية عطية رضوان، وتم إجراء خياطة أربع غرز فى رأسه، ونقله لمنزل عمدة القرية، الذى أمر بسرعة ضبط مرتكبى الواقعة وإخطار إدارة غرب المحلة التعليمية».

فى ظنى أن دلالات مثل هذا الخبر المفجع أسوأ مما نتخيل، وأخطر من أى مأساة، لأنها ببساطة تعنى أن الجهاز الأخلاقى لهؤلاء الشباب قد تدمر بالكامل، وبالتالى فعلينا ألا نستغرب إذا وجدنا هؤلاء وقد تحولوا إلى وحوش ضارية فى المستقبل.

أغلب الظن أن عددا كبيرا من هؤلاء الطلاب «الغشاشين» كانوا صائمين فى أول أيام شهر رمضان المبارك، والمؤكد أنهم من النوعية التى تربت على أن الدين مجموعة من الطقوس الشكلية، من دون أى مضمون، أى أن يمتنع عن الطعام والشراب، لكنه يغش ويسرق ويكذب ويدلس، ويبلطج ويعتقد أن ذلك من بين صحيح الدين!!!.

وللأمانة فإن ما فعله طلاب المرحلة، ليس جديدا أو مفاجئا بل هو حصاد سنوات طويلة من تراجع منظومة القيم بصفة عامة فى مجالات كثيرة.

حينما امتحنت الثانوية العامة صيف ١٩٨٢ بأسيوط، أذكر أن عددا كبيرا من أولياء أمور الطلاب حاولوا جمع مبالغ مالية للمراقبين القادمين من خارج المدينة لكى يتم تجهيز وجبات ومآدب طعام عامرة، فربما يحن قلب هؤلاء المراقبين، فيقوموا بتسهيل الأمور داخل اللجنة!!!.

هذا النمط بدأ يتطور، حتى وصل فى السنوات التالية، إلى وقوف العديد من أولياء الأمور حاملين الأسلحة المختلفة ومنها الآلية غير المرخصة أمام لجان الامتحانات، خصوصا الثانوية العامة، لإرهاب المراقبين، حتى يتساهلوا ويسمحوا بالغش.

ثم وصلنا الآن إلى النسخة الأحدث التى تتواكب مع تطور العصر وهى صفحات الغش الإلكترونى المختلفة، والتى يراها البعض دليلا على الشطارة والفهلوة والقدرة على كسر وتحدى القوانين.
زمان كان الغشاشون يخجلون من الغش، ويمارسونه سرا، الآن للأسف صار التبجح هو الأصل، لأن جزءا كبيرا من ثقافة المجتمع تشجع على ذلك!!.

نتحدث كثيرا عن الأخلاق وننتقد انتشار الواسطة والمحسوبية. لكن معظمنا لا يطبق ذلك، حينما يصطدم به. ولى الأمر ينتقد الحكومة لأنها غير عادلة. حسنا ربما كان محقا، ولكنك تشجع ابنك أو ابنتك على الغش فى الامتحان، فما هى القيم التى سوف ينشئون عليها؟!.

معظم أولياء الأمور يلجئون إلى الواسطة والمحسوبية من أجل إلحاق ابنائهم بكليات معينة، أو بمهن محددة. حينما يفعلون ذلك، فإنهم يحرمون شخصا أو أشخاصا مستحقين من الحصول على فرصتهم العادلة.

هذا التلميذ الذى رشق المراقبين بالحجارة يوم الخميس قبل الماضى حينما يكبر، سيكون ذلك الموظف الذى يتلقى الرشوة ويضعها فى درج مكتبه سواء كانت عشرين جنيها أو عشرين مليونا. ثم يذهب لإدارة صلاة الظهر أو العصر فى مسجد المؤسسة التى يعمل بها. هو المدرس الذى لن ينقل لتلاميذه أى قيم أخلاقية. هو المهندس ــ إذا فلح ــ الذى سيغش فى مواد البناء، أو يعطى رخصا لأصحاب العمارات المخالفة. هو المواطن البذىء الذى سيقوم بسب الدين والتلفظ بالألفاظ النابية فى الشوارع والتحرش بالسيدات.

الموضوع أخطر مما نتخيل، ولا يمكن تصور أن نتقدم من دون وجود منظومة من القيم والأخلاق والآداب العامة.

هذا الموضوع لن تحله الشرطة أو القوانين فقط، بل أن يؤمن المجتمع بأكمه أنه لا أمل فى أى شىء من دون وجود القيم، وإلا فإن البديل هو التحول إلى غابة، ووقتها لن تفلح كل المشروعات الكبرى فى ظل غياب بناء البشر.

نقلًا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غشاشون ومتبجحون وهجامة غشاشون ومتبجحون وهجامة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon