توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قد تخسر واشنطن الشرق اليوم وربما غدا

  مصر اليوم -

قد تخسر واشنطن الشرق اليوم وربما غدا

بقلم : محمد صابرين

وصف ونستون تشرشل الشاب ما وجده أمامه من قبائل البشتون الافغانية 1897 بجملة خالدة «ما من قرية إلا ولها دفاعها، ما من عائلة إلا وتغرس روح الثأر فى أبنائها...... لا شئ ينسي، وقليلة جدا هى الديون المتروكة دون سداد.

ويعلق داهية السياسة الأمريكية هنرى كيسنجر بأن شيئا كهذا واجهته القوات الأمريكية، وقوات الناتو. وهذه الرؤية الحقيقية التى ضمنها كيسنجر فى كتابه «النظام العالمي.. تأملات حول طلائع الأمم ومسار التاريخ» لاتزال تحمل الكثير من الدروس التى ينبغى أن يستوعبها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وأركان إدارته، والأهم نائب الرئيس مايك بنس الذى سوف يزور المنطقة، فى ظل قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها.

ويراهن الأمريكيون ـ أو على الأقل ساستهم الجدد ـ على أن مزيجا من الابتزاز، والتلويح بالعقوبات، والرهان على أن «الوقت ينسى الاشياء»، وأن «المرارات» سرعان ما يتجاوزها الزمن. فإن الرسالة الواضحة التى يجب أن يفهمها بنس ورفاقه أن «الماضى لا يموت» وأن «لا شئ ينسي» فى عالم الظلال بالشرق، وأحسب أن الرجل سوف يتذوق عن قرب «مرارات الشرق»، كما أن أحد أبرز الدلالات هى أن الايرانيين فى كل مرة يذكرون واشنطن بالتآمر على «محمد مصدق»، والبعض الآخر الآن يدرك أنها عادت لتتآمر ضد الشاه والحداثة لصالح الخمينى والملالي. وشيئا من هذا حدث فى أثناء ما سمى «بثورات الربيع العربي»، والخلاصة الشعبية المصرية والعربية تصف كل ما هو مزيف بأنه «أمريكاني»، وترى أن من يتغطى بالأمريكيين عريان؟! ترى هل مازال بالامكان الرهان على هذه الإدارة، أم أن أقصى ما يجب عمله هو تجنب «المواجهة العنيفة» والمفتوحة، واللجوء إلى «سياسة الاحتواء» لتخفيف اضرار السياسات الأمريكية. وأحسب أن 2018 سوف يشهد «تصادمات حادة»، إلا أن علينا أن نختار المعركة وساحتها وأدوات الصراع، والأهم أن نفرض نحن «أسلوب اللعب»، وألا يتم استدراجنا إلى «مهاترات»، وألا نقدم «الذخيرة» التى يتم بها مهاجمتنا. وفى ذات الوقت أن نحسن «لغة الخطاب الاعلامي»، ولغة الخطاب الديني، وأن يتقدم للحوار أو «الامتناع عنه» شخصيات ذات وزن ثقيل مثل شيخ الأزهر وبابا الكنيسة المصرية، ورئيس البرلمان، وشخصيات من النخبة المصرية ذات وزن، وأهم الاشياء أن تجيد «لغة الخطاب» مع الغرب، وأن تعرف ماهى «قائمة المحظورات» ـ مثل الانفعال وعدم التفريق بين اليهود والصهاينة ـ، وأن يمتنع «الهواة» و«الاعلاميون الشرفاء الذين لايملكون بضاعة سوى لغة العنتريات» و«التشنج العنيف»، والذى يورط ويؤدى إلى مهالك، مثلما يقر الناصريون الآن بأن «الإعلام» كان جزءا من اسباب التورط فى حرب 1967.

وعلينا هنا أن ندرك فى الشرق العربى أن اشتباكنا مع الغرب ممتد، ولا أريد أن أذهب إلى بعيد، بل تكفى الاشارة إلى نكبة فلسطين وغزو العراق وسلسلة الحروب التى لم تنته بعد فى البلدان العربية، وآخرها سوريا. كما أن ما يتم الكشف عنه بشأن تورط فرنسا وخاصة ساركوزى فى ليبيا، وكيفية تورط الأجهزة الخاصة فى قتل الزعيم الليبى معمر القذافى أمر مروع، ويكشف إلى أى مدى «حجم الفساد» الذى يضرب منظومة الديمقراطية فى هذا البلد، وأحسب أن على العالم أن «يحبس أنفاسه» من حجم العفن والروائح الكريهة التى ربما سوف يكشف عنها من خلال محاكمة رجل الأعمال الفرنسى الجزائرى الأصل ـ الكسندر الجوهري، أحد خبراء الظلال، و «الصفقات فى الشوارع الخلفية» لدهاليز السياسة ـ والذى كان جسرا ما بين ساركوزى والقذافي. ولقد عرفنا شيئا من ذلك مع اعترافات «زياد تقى الدين» رجل الاعمال الآخر الذى نقل أموالا بالملايين لساركوزى من القذافي، وهو الآن يحاكم! ترى هل يدرك الساسة فى الغرب، والولايات المتحدة أن شعوب الشرق ليست لها آذان، أم ليس لها عقول، والأهم أنها «ليست لها ذاكرة». للأسف «المرارات تبقي»، وبالرغم من أن ساسة مثل صدام حسين أو القذافى أو على عبدالله صالح.. وغيرهم لم يكن لهم «حب عميق»، إلا أن تكشفت الوقائع الكثيرة بشأن حجم التآمر، والاستهانة بهؤلاء الرؤساء وشعوبهم قد عمق الجروح القديمة، وأضاف فصولا جديدة لعلاقة ملتبسة، وربما لايكون المرء مبالغا أن هذه القصص والوقائع، والقرارات سيئة السمعة قد ساهمت ـ ولاتزال ـ فى تراكم الغضب، والذى يجعل المتطرفون من هنا يقولون «أنهم يكرهوننا»، ويجعل المتطرفون من هناك يتساءلون «لماذا يكرهوننا». وبينما ينشغل الساسة بطرح الأسئلة، ويضعون «أقنعة البراءة»، ويتجاهلون «الحلول العادلة»، ويلجأون «لإدارة الأزمة» فإن الإرهابيين لا يتوقفون عن القتل، وفى المقابل فإن اليمين المتطرف لا يتوقف عن إشعال الحرائق، وكسب المزيد من الشارع بفعل إثارة المخاوف من المهاجرين والمسلمين، فيما لا يتوقف «الساسة المعتدلون» فى الغرب.. وبالذات فى أوروبا ـ عن خنوعهم وضعفهم وانتهازيتهم بالرضوخ «لأجواء الكراهية والسخط»، وتبقى «سياسات يمينية» وتقطر بروح الكراهية، والتعصب الديني. وبالمناسبة هؤلاء المتعصبون والمتطرفون على جانبى الغرب والشرق «يغذون بعضهم بعضا». وهكذا فإن ترامب وجماعته مثل جاريد كوشنر وستيف بانون يقدمون «الذرائع» لبدء أو إشعال «حرب دينية» لا يعلم أحد نهايتها بقرارات غبية مثل «قرار نقل السفارة»، و«القضاء على الصفقة التاريخية»، ودخول المنطقة والعالم فى فصل جديد من حالة عدم اليقين، ولكن بالتأكيد نحن على موعد مع صعود موجة جديدة من اليمين الدينى المتشدد فى الغرب.

.. ويبقى أن السياسة «مائعة ومستمرة»، ومثلما يقول رجل الدولة الفرنسى والروائى موريس درون «السياسة ليس لها نهاية، ولا تسمح للعقل بأخذ قسط من راحة.. يتمتع الجنرال المنتصر بشرف انتصاره لفترة طويلة، ولكن رئيس الوزراء يجب أن يواجه الوضع الجديد الذى تولد من رحم هذا الانتصار بالذات».

وأحسب أن الرئيس الأمريكى والسيد مايك بنس كنائب له لم يحسبا حسابا للانتصار برئاسة الولايات المتحدة مثلما يكشف لنا كتاب «نار وغضب» لمؤلفه مايكل وولف، الذى يقدم صورة مزرية لما يدور فى البيت الأبيض. إلا أن السيد بنس ورئيسه عليهما الآن أن يفكرا كثيرا فى «عواقب» نجاحهما فى قرار نقل السفارة، وأغلب الظن أن «حفنة دولارات» لن تفيد، كما أن التلويح بقطعها لن يجدي، فهناك «أشياء لا تشتري» مثلما قال شاعرنا الكبير «أمل دنقل». كما أن الرهان على الابتزاز، أو «معسول الكلام» لن يفيد هنا لا فى مصر أو الأردن، وربما لن يكفى إسرائيل التى ترغب فى المزيد دوما، ولا تشبع من قضم المزيد من الأرض العربية. ولكن على واشنطن أن تفكر فى احتمال ـ ربما تراه بعيدا ـ أنها ربما تخسر الشرق ودرته إن لم يكن اليوم فربما غدا؟!

GMT 02:40 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مَنْ على استعداد للقفز مع أمريكا؟

GMT 01:32 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

سر مقولة السيسى: الفتن لن تنتهى

GMT 00:20 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

7 دروس من الشتاء الفرنسى

GMT 00:51 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

مصر وملء الفراغ الأمريكى فى الشرق الأوسط

GMT 02:11 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

خريف نوفمبر يحسم مصير خلط الأوراق بالمنطقة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قد تخسر واشنطن الشرق اليوم وربما غدا قد تخسر واشنطن الشرق اليوم وربما غدا



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon